"لم يكن هذا ما نبحث عنه" بذلك شخص أحد الضباط المشاركين في عملية الدهم التي نفذتها القوى الأمنية في حي"الصبيخة"في الخبر ليل أول من أمس. ولم تكن العملية كسابقاتها التي نفذت في الأسبوعين الأخيرين في عدد من الأحياء في المنطقة الشرقية، وأسفرت عن توقيف مطلوبين جنائيين ومخالفين لأنظمة الإقامة، إضافة إلى ضبط ممنوعات مختلفة. فعملية ليل أول من أمس، كشفت ضعفاً في التنسيق بين الجهات الأمنية المشاركة، وقلة المعلومات الواجب توافرها لتحديد المنازل والأوكار المشبوهة، خصوصاً أن ما حصل مع قوة دهمت مبنى في الحي مؤلفاً من ثلاثة طوابق و"مشطتها"جميعها، فعثرت على عدد قليل من المخالفين، ثم غادرت من دون أن تتفقد السطح. ولولا قيام أحد المواطنين بتبليغ أفراد الفرقة باختباء عدد من المخالفين للإقامة على السطح، لغادرت من دون أن تضبطهم. وتبين أن على السطح مسكناً يتألف من غرفتين ومطبخ ودورة مياه، ويقيم فيه أكثر من ثمانية من العمال الآسيويين المخالفين، وأغلقوا الباب على أنفسهم، ما دفع قوى الأمن إلى كسره وتوقيفهم جميعاً. وكان لتبليغ مواطن عن وجود"وكر للرذيلة"وحرص أحد أفراد"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"على تصديقه، الفضل في دهمه، والقبض على اثنين من المخالفين لنظام الإقامة وشخص في حال سكر، وضبط مجموعة من الاسطوانات المدمجة وأشرطة فيديو مخلة بالآداب وخمور. وكانت مداهمة الخبرالجنوبية"الصبيخة"نفذت في ساعة متأخرة من ليل أول من أمس، في مشاركة أكثر من 450 عنصراً من قطاعات"الشرطة"و"الدوريات الأمنية"و"قوات الطوارئ"و"المباحث"و"المرور"و"مكافحة المخدرات"و"الجوازات"و"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". وبدأت العملية بتطويق مداخل الحي ومخارجه، وتمشيط الأزقة والمباني المشتبه بها، فتم القبض على مجموعة من العمالة تدير أوكاراً لتمرير المكالمات الهاتفية المخالفة، ومجموعة من مخالفي نظام الإقامة. وتم تنفيذ العملية من خلال سبع نقاط متحركة، جمع فيها المخالفون والمضبوطات، ثم أرسلوا إلى"منطقة الفرز"قرب المدرسة الفلبينية العالمية حيث فرز الموقوفون إلى مجموعات كل بحسب مخالفته. وشكلت الحصيلة الختامية للمداهمة إلقاء القبض على عدد 113 شخصاً بينهم 61 من مخالفي نظام الإقامة، و49 من أصحاب القضايا الجنائية التي تفاوتت بين تمرير المكالمات ولعب القمار وحيازة أشرطة وأقراص CD مخلة بالآداب، وسكر وحالة شم للغراء. وبلغ مجموع ما ضبط من مال في قضايا القمار 3500 ريال، ومبلغ قليل من العملات الأجنبية. وكذلك ضبط أوراق لعب القمار و سوارين وسلسلة من الذهب. كما تم سحب 20 سيارة مخالفة وتسجيل 120 مخالفة مرورية أثناء المداهمة. "الصبيخة" من مرفأ "الفرضة" إلى "نصرة" العمانية يعتبر حي"الصبيخة"الخبرالجنوبية حالياً من أقدم الأحياء في محافظة الخبر، اذ انشئ قبل أكثر من 80 عاماً، وارتبط بميناء الخبر لذي كان يطلق عليه قبل وقف العمل فيه، اسم"الفرضة". وكان أغلب سكان الحي في حينها من التجار والبحارة الذين يعملون في"فرضة"الخبر من أصول"عمانية"و"بلوشية"وغيرها. أما حالياً فيقطنه عدد كبير من العمالة والجنسيات الآسيوية، وعدد قليل من السعوديين. ويقع الحي جنوبالخبر، وشكله مربع، تحده غرباً إمارة محافظة الخبر وشارع العزيزية، وشرقاً شرطة محافظة الخبر وكورنيش الخبرالجنوبي، وشمالاً الإدارة العامة للجوازات ومركز للدفاع المدني وشارع الظهران، وجنوباً المدرسة الفلبينية العالمية. وسمي الحي ب"الصبيخة"لكثرة"سبخات"الماء، وهي عبارة عن مناطق طينية، تتجمع فيها المياه ك"مستنقعات"حسب تعبير أهالي الشرقية. ويوجد في الحي المكتبة العامة، ومسجد علي بن أبي طالب وهو أقدم مسجد في الخبر، حيث تأسس قبل 68 عاماً. و تعتبر"الصبيخة"حالياً من الأحياء القديمة التي تقطنها العمالة الوافدة بنسبة تبلغ 85 في المئة، معظمهم من العزاب. وعرف الحي في الفترة الأخيرة بأنه مكان تكثر فيه المخالفات، ويتردد أنه محل إقامة متهمين بقضايا جنائية، وتروج فيه مخدرات وخمور وتمرير مكالمات هاتفية غير نظامية. وكذلك اشتهر على لسان أحد قاطنيه بأنه"حي المشاجرات بين فئات معينة تصل أحياناً إلى حد عدم السيطرة عليها". وأشتهر الحي بأعمال السحر والشعوذه. والعمانية"نصرة"التي تجاوز عمرها الخمسين، زوجة أحد السحرة الذي ألقي القبض عليه في الدمام ونفذ فيه الحكم، وهي إحدى أشهر الساحرات في المنطقة، وألقي القبض عليها قبل عقد ونصف العقد، وتم الحكم عليها بخمس سنوات سجناً والجلد أيضاً، ويروي أحد أهالي الحي أنها توفيت في السجن حرقاً مستعينةً بالجن. نجارون وخوف وبكاء ... وأماكن مظلمة سجلت"الحياة"التي كانت في حي"الصبيخة"أثناء عملية الدهم مشاهدات أبرزها: - تعاون مدير شرطة محافظة الخبر العميد محمد الحربي مع الصحافيين والمصورين، ما سهل تنقلهم بين النقاط السبع. - تعاون أفراد"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"مع الصحافيين والمصورين. - حضور نجارين مع فرق المداهمة لفتح الأبواب وإعادتها إلى وضعها السابق. - تعاون كبير من سكان الحي مع فرق المداهمة من خلال توزيع المياه. - سجلت حالات فردية لمواطنين سعوديين كانوا يعترضون ويشكلون عائقاً لعمليات الدهم. - قوات الطوارئ التابعة للأمن العام كانت مستعدة للتدخل في أي وقت وتمركزت قرب ساحة الفرز مقابل المدرسة الفلبينية العالمية. - سببت المداهمة خوفاً لدى بعض العائلات التي مرت في شوارع الحي، إذ بكى بعض السيدات والأطفال. - حاول بعض المقبوض عليهم التخفي وغلق الأبواب وتمويه أماكنهم بشتى الطرق، ولكن كانت يد القوات المداهمة المشتركة لهم بالمرصاد. - بعض الأماكن كانت مخيفة ويسودها الظلمة في شكل لا يمكنك من المشاهدة. - هدوء عمّ الحي أثناء عمليات الدهم، وخصوصاً أنها بدأت في ساعة متأخرة.