"لا وصبحك ... والنخل اللي شرب نخبٍ يزفك". بصوت مثقل بانقطاع عن كتابة الشعر دام 20 عاماً ألقى الشاعر شاكر الشيخ قصائده"العامية"الست في"ديوانية الذكير الثقافية"مساء الأحد الماضي، بصحبة عزف على آلة العود من أداء ابنه بدر الشيخ، في أمسية عبر عنها مقدم الحفلة احمد سماحة بأنها"ليس ضرباً من البدع أن يتعانق الشعر مع عزف العود، وإنما هو تقليد عربي قديم". لم يلق الشيخ الأب شعره مصاحباً لعزف الشيخ الابن على العود، وإنما جاءت أنغام الأوتار سابقة لكلمات القصائد، فما أن ينهي بدر الشيخ معزوفته حتى يبدأ الشيخ الأب بإلقاء قصائده البكر. ويقول سماحة في تقديمه أن"العود يترجم الحالة النفسية للقصيدة". ليس هناك تعبير يصف نغمات العود المنطلقة بقوة نحو أفق الصالة، إلا أنها هجوم العتاب بحرقة، لا تخفيها النقرات الخافتة على أوتار العود الموقتة. جاءت الأنغام لتنقل الحضور إلى أجواء قصيدة"يا صاحبي"، التي كانت أولى قصائد الشيخ، وهي لمناسبة وداع صديقه المسرحي والكاتب عبدالرحمن المريخي، الذي ينتظر السفر إلى الخارج للعلاج. وحملت بدايتها الاعتذار"كل السوالف... حارقة... يا صاحبي". وحملت بقية القصائد"العامية"، وما سبقها من موسيقى، الحضور إلى عالم من الحكمة والغزل والعتاب. واشترك الاثنان في الأسماء التي أطلقها الشيخ الأب على القصائد، إذ بين قصيدتي الغزل"تشكيل"و"انشر بهاءك يا ضياء"جاءت"طير القفص"مليئة بالبحث عن الحرية والانطلاق، وأخرجت المنتشين بالغزل إلى عالم آخر، يقلب نبضات الفكر نحو"أنت في الداخل... مكتف، وأنا في الخارج هدف... حالي... حالك... لآ... وأصعب، أنت من حقك تغرد... وأنا ملزم بالخرس". ويبقى أن آخر المشوار"سلة ثواني"، الذي أجبر فيه بدر الشيخ سامعيه على الصمت، وتأمل ملامح الموسيقى، أو الشرود بقلق لا يستمر طويلاً، إذ يعيدك منه العازف بنبرة صاخبة، تبقى لحظات معه ثم تعاود الشرود بقلق. انتهت الأمسية بمداخلات، دارت بين الشاعر ونجله والحضور. واعتبر الشيخ نفسه:"مبتدئاً من جديد في عالم الشعر بعد الانقطاع، وما رأيته من تجاوب ومداخلات يحفزني للاستمرار في الكتابة". ولم يغفل الإشارة إلى أن"الموسيقى عمل مواز ومستقل عن الشعر، إذ يعبر كلاهما عن طريقته وفهمه للقصيدة، وليس الأمر مجرد مصاحبة للشعر أو متابعة لما يلقى من كلمات". ولم يترك التعليق على ما يجري في الساحة الفنية"هناك نوع واحد من الموسيقى في المجتمع، وهو الغناء، في هذا الوقت بدأ الشباب يلتفتون إلى أنواع أخرى من الموسيقى وتوظيفه في إغناء التجربة المحلية". يعتبر الشيخ من الرعيل الأول، المؤسسين للنشاط الثقافي في الإعلام المحلي المقروء، ومسهم في تطوير حركة الفن والثقافة في المنطقة الشرقية، وعمل صحافياً في الوكالة الوطنية في الدمام ردحاً من الزمن، وعرف كصحافي وكاتب في"جريدة اليوم"و"مجلة الشرق"، فضلاً عن عمله متعاوناً مع التلفزيون السعودي في الدمام، إذ يعتبر أول مؤسس لفرقة موسيقية ودرامية خاصة بالتلفزيون. وتولى مسؤولية إدارة فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في الأحساء. وكانت للمشرف على الديوانية فهد محمد الذكير كلمة على طريقته ختمها بإلقاء قصيدتين غنائيتين. من جهة أخرى، يذكر أن"ديوانية الذكير الثقافية"تأسست في عام 1976 على يد عضو اتحاد المؤرخين العرب صالح محمد الذكير رحمه الله، واستمرت في إقامة الندوات والأمسيات الثقافية والأدبية، نحو 30 عاماً.