يصطدم خريجو الجامعات اصحاب التخصصات القانونية والشرعية الذين يرغبون في ممارسة مهنة المحاماة بتلاشي الحلم الوردي الذي رسموه في اذهانهم فترة السنوات الأربع التي أمضوها في الدراسة الجامعية. حيث يجدون امامهم سيلاً من العراقيل في سبيل الحصول على رخصة مزاولة مهنة المحاماة بدءاً من مكاتب المحاماة التي لا تفسح المجال في الشكل المطلوب لتدريب الشباب الجامعي المؤهل فيبدأ الخريج رحلة البحث بين مكاتب المحاماة، فهذا ليس لديه الحاجة وذاك يريد تشغيل الخريج ولكن بطريقة استغلالية يستغل فيها جهد ونشاط الخريج مقابل اجر زهيد قد لا يعطى لوافد من بلاد الهند والسند. وبعد ان يجد الخريج ضالته في الحصول على عمل وتتكون لديه متطلبات الرجل القانوني من المرافعة امام جميع الجهات القضائية واللجان العمالية وإعداد العقود والمذكرات وصياغتها، يبدأ في التفكير في الحصول على رخصة مزاولة مهنة المحاماة، فبعد أن أمضى أربع سنوات دراسية يتفاجأ بضرورة الحصول على ثلاث سنوات اخرى عملية وفقاً للمادة الثالثة من نظام المحاماة. فهل من سبيل الى تخفيف هذه المدة المشروطة بعد رحلة طويلة من الدراسة العلمية؟ من المنطقي جداً الاكتفاء بتقديم المتدرب سنة من الخبرة العملية للحصول على رخصة المحاماة، فمن خلال هذه السنة يكون قد مارس العمل القانوني بشتى أنواعه وتكونت لديه خلفية قانونية جيدة، وهو المعمول به في كثير من البلاد العربية التي سبقتنا في هذا المجال لسنوات طويلة، ومن الأولى الاستفادة من تجارب الآخرين خصوصاً ونحن في حاجة ماسة إلى توافر أعداد كبيرة من المحامين. من الأجدى ان يتم التنسيق بين وزارة العدل وبين مكاتب المحاماة بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية إذ ان كل مكتب معتمد لا بد ان يستوعب عدداً معيناً من الشباب المؤهل أكاديمياً لممارسة المحاماة ويتم دفع مرتباتهم من المكاتب مدعومة من صندوق تنمية الموارد البشرية كما هو معمول به في المجالات الأخرى. المحاماة مهنة راقية جداً وتعامل في شكل استثنائي هي والطب في الدول المتقدمة فلماذا لا نطرح الثقة في مكاتب المحاماة ونجعلها مصدراً لتأهيل المحامين المتدربين، فاشتراط خبرة السنوات الثلاث يعتبر كأنه تشكيك في مصدر هذه الخبرة، وتهميشاً للمعلومات التي استقاها الخريج طوال دراسته الجامعية.