كثير ممن اختار دراسة القانون كان يأمل أن يجد نفسه في يوم من الأيام محاميا يمارس المهنة أمام منصات القضاء، يقدم الدفوع ويترافع ويحرر الدعاوى والمذكرات، إلا أن الكثير منهم تكسرت أحلامهم على صخور الواقع المر، حيث يقضون أوقاتهم بعد تخرجهم لهثا وراء محامين يقبلون التدرب في مكاتبهم ليكملوا فترة التدريب التي تجيز لهم بعدها استخراج رخصة المحاماة والدخول إلى نادي المحامين، حتى أن غالبيتهم يقبل أن يعمل في مكاتب المحاماة مجانا بلا مقابل لأعماله التي يقوم بها لصالح المحامي وعملائه، بل وصل الأمر إلى أن بعض المحامين يدربون الخريجين بمقابل مالي يأخذونه من المتدرب حديث التخرج الذي أنهكت مصاريف الدراسة جيبه، في وضع تدرك معه مدى الأزمة التي يعيش فيها الخريجون والخريجات الطامحون بالتدريب للحصول على رخصة محاماة. قد يكون لبعض المحامين أسبابهم في عدم استقبال المزيد من المتدربين لتجارب مروا بها من بعض المتدربين غير المبالين والذين لا يستشعرون مسؤولية المهنة، وقد يكون البعض من المحامين لا تتحمل ميزانية مكتبه المزيد من العبء الوظيفي، إلا أن كل تلك الأسباب وغيرها يمكن معالجتها لو كان هناك تعاون بين ما تسمى بهيئة المحامين والتي يرأسها وزير العدل والذي أيضا هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء؛ بحيث يمكن التنسيق بينها وبين صندوق الموارد البشرية، بحيث يتم دعم المحامي الذي يقوم بتدريب أحد الخريجين أو الخريجات للعام الأول بكامل المكافأة التي يتم تحديدها وفق معايير معينة، وفي الأعوام التالية تكون التكلفة مناصفة بين مكتب المحامي والصندوق كما هو معمول به الآن، ويتم تقييم المتدرب في السنة الأولى كل ثلاثة أشهر حتى لا تكون هذه الخدمة ملاذا للعاطلين بحيث يستغلونها لتمضية الوقت حتى يحصلوا على الوظيفة التي يريدونها ويحرموا آخرين حريصين على الانخراط في هذه المهنة فرصة التدريب واكتساب الخبرة. إن هذا الإجراء سيحفز المحامي المؤهل للتدريب أن يستقبل المتدربين ويعمل على تأهيلهم دون تحمل أعباء مالية عليه في السنة الأولى وفي الوقت نفسه ستشرع الأبواب أمام الطالبات والطلبة بعد تخرجهم لأن يدخلوا مهنة المتاعب ويحققوا أحلامهم وسيعود بالنفع أيضا على مهنة المحاماة وعلى المنظومة العدلية في البلد لأن المحامي كما يقولون دائما هو القاضي الواقف وأحد أعوان القضاة وحرّاس العدالة.