تولت المرأة السعودية مناصب قيادية مهمة في قطاع التعليم، مثل إدارة مكاتب التوجيه التربوي، ووصلت إلى منصب وكيلة مساعدة للشؤون التعليمية في وكالة كليات البنات. لكنها لم تصل إلى منصب إداري في قمة الهرم الوظيفي منذ إنشاء الوزارة. "الحياة"طرحت السؤال على عدد من القيادات النسائية التعليمية، للحديث حول إيجابيات وسلبيات تبوؤ المرأة منصباً قيادياً إدارياً. وكان هناك شبه اتفاق أن الوقت حان لتولي النساء الجديرات مناصب قيادية في إدارات التعليم. تقول رئيسة شعبة التدريب التربوي والابتعاث في إدارة التربية والتعليم في جدة الدكتورة عفاف الياور:"لا يعني ذلك عدم ثقة أو قلة خبرة أو نقصاً في الكفاءات، فالمرأة السعودية لديها من الحنكة الإدارية والعلم والثقافة ما يؤهلها لأن تتولى مكانة"مدير عام".وتعتقد أن المشكلة"تكمن في الهيكل التنظيمي، المعمول به حالياً في إدارات تعليم البنات في المناطق، فهو هيكل قديم لا يتلاءم مع توجهات الدولة وتوجهات وزارة التربية والتعليم بما يؤدي الى أن تتبوأ المرأة مناصب وظيفية قيادية، مثل منصب المدير العام لتعليم البنات متى ما تم تعديله بما يتلاءم والإصلاحات التعليمية والنظرة المستقبلية للمرأة، حينها تكون المدير العام للتربية والتعليم". وتستطرد الدكتورة الياور:"إن وظيفة المدير العام للتربية والتعليم، وسائر الإدارات الفرعية للبنات، يجب أن تؤنث، في ما عدا الإدارات التي تتطلب وظائف تتلاءم وطبيعة الرجل، مثل المستودعات والخدمات والأمن". المطلوب إرادة سياسية لكن المختصة في تعليم اللغة الإنكليزية الدكتورة أميرة كشغري، تعزو تأخر الحصول على المناصب الى العامل الاجتماعي "المعوقات الاجتماعية هي السبب الرئيس، فمجتمعنا ما زال يعاني من إشكالية عمل المرأة، والتمسك بفصلها عن الرجل فصلاً تاماً، ما أدى إلى استحالة وصولها الى قمة الهرم الوظيفي الإداري". وترى الدكتورة كشغري أن الأمر يتطلب وجود النساء الفعلي في دوائر احتكاك مع الرجل"لهذا لم تصل المرأة الى منصب مديرة جامعة، أو مديرة عامة للتعليم، أو أي منصب يستدعي تفاعلها ووجودها في دوائر خارج إطار الدوائر التلفزيونية المغلقة، وهناك أسباب أخرى جوهرية تتعلق بالذهنية الأبوية الذكورية التي تسيطر على المجتمع"، مشيرة إلى أن"مجتمعنا يعد ذكورياً تمارس فيه السلطة في صورة نمطية تقليدية". وتستدرك كشغري متسائلة:"المرأة نالت حظاً وافراً من التعليم واكتسبت خبرة وكفاءة، لكن كم سنستغرق من الوقت لكي نغير الثقافة السائدة؟". وتعتقد"أن تغيير الثقافة التقليدية المعطلة لإسهام المرأة في صنع القرار والإنتاجية، أمر يستغرق الوقت الكثير والجهد المضاعف من جهة الإرادة السياسية التي تسن القوانين، ووعي المرأة بذلك". زيادة الصلاحيات وفق المسؤوليات وتتفق مساعدة إدارة الإشراف التربوي في جدة اعتماد شعيب مع مطالب إتاحة الفرص للمرأة لتولي مراكز قيادية في الإدارات التعليمية، وترى أنه قياساً بالتجربة والتعايش الميداني وسنوات الخدمة الطويلة"هناك جهود مبذولة من الأقسام النسائية في الإدارة، فعلى عاتقهن يقع العبء الأكبر لتحقيق الأهداف التعليمية والتربوية، ويمكن تسيير العمل بكفاءة من دون إشراف مباشر من الرجل".وتعتبر شعيب"أن القيادات الإدارية التربوية والتعليمية التي تشرف على الوحدات والشعب والأقسام ذات الاختصاصات المباشرة في الميدان التربوي يجب أن تسند إلى العنصر النسائي". وبدورها ترى رئيسة شعبة الإحصاء وفاء بافيل"أن المرأة السعودية قادرة على تولي مناصب قيادية بشرط زيادة الصلاحيات وفق المسؤوليات والمهام المكلفة القيام بها، بحيث لا تكون أداة تنفيذ فقط". بين الإيجابيات والسلبيات ويمكن النظر إلى القضية من أبعاد إيجابية وأخرى سلبية، تقول الياور مثلاً في الإيجابيات:"تحسين وضع التعليم في الميدان بعد دخول المرأة هذا المجال سيسهم في نقل صورة حقيقة إلى المسؤولين، وتلمس مشكلات المدارس مباشرة والتفاعل معها بالاحتكاك المباشر، والزيارات الميدانية والتعرف على سير العملية التعليمية على طبيعتها وتبادل وجهات النظر، وإعطاء المرأة المزيد من الثقة بقدراتها ورفع مكانتها أمام مثيلاتها في الدول الأخرى". وتتفق معها اعتماد شعيب في قدرة المرأة على"تلمس المشكلات الميدانية والحاجات الحقيقية". أما النواحي السلبية فتتمثل في إساءة استخدام السلطة، في حال تولي هذه المكانة شخصيات غير مؤهلة علمياً وإدارياً وميدانياً، وعدم تقبل مديري التعليم فكرة أن تكون هذه الوظيفة للمرأة، إضافة الى أن المرأة قد تقع في السلبيات"حينما لا يكون منصبها متزامناً مع إعادة هيكلة الإدارات التعليمية، مع البقاء على بعض الإدارات التي يصعب على المرأة العمل فيها، كإدارة المشاريع والصيانة، والإدارة المالية، ومراقبة المخزون". على أن الدكتورة كشغري تعارض طرح هذه القضية من جانب الإيجابيات والسلبيات، وترى أن"المرأة شأنها شأن الرجل، وإذا لم تكن كفؤة لهذا المنصب ما يجعلها عنصراً إيجابياً فليس من الطبيعي أن تتحسن الأمور بمجرد تولي المرأة المناصب الإدارية القيادية". وتعزز رأيها بالإشارة إلى دعوة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز عام 1999، وما رافق ذلك من تصريحات قوية رسمية، تؤكد أهمية إسهام المرأة في بناء المجتمع وإنتاجيته منوهة إلى أنه"منذ تلك الفترة وحتى الآن، حققت المرأة خطوات فعلية في الإسهام في البناء والتعمير، وأصبحت جزءاً من منظومة العمل الإنتاجية، إلا أنه ما زالت هناك عقبات تحول دون وصول المرأة إلى المناصب القيادية عامة".