بدت ساحة المدرسة في ذلك اليوم حزينة كئيبة، تشتكي من منظر طالبة صغيرة تبكي بحرقة، وقد اجتمعت بعض زميلاتها الصغيرات يواسينها، بسبب ضرب وإهانة المعلمة لها أمام الفصل لأنها لم تحضر معها علبة الالوان الخاصة بها، فالتفتت لتطلب من زميلاتها إعارتها قلماً واحداً لتنجو من صراخ المعلمة ومعاقبتها على ذنب لم تكن هي المتسببة فيه، نتيجة لتغيير الجدول الدراسي المفاجئ الذي أربك الفصل بكامله. المعلمة لاحظت تحركات الصغيرة فاقتربت منها وضربتها على رأسها بالمسطرة وقالت لها:"أنت غير مؤدبة"ولم تسمح لها بأن تبرر موقفها، وقامت بطردها خارج الفصل. توعية المعلمات علقت والدة الطالبة على ذلك قائلة:"لم أكن أتخيل أن تلاقي ابنتي تلك اللحظات العصيبة في بيتها الثاني" المدرسة"التي نأمن على بناتنا فيها, لكنه حدث... وممن؟... من معلمتها التي تحبها كثيراً. حالة أخرى تعاني من الظلم لطالبة أرادت أن تشتكي لوكيلة المدرسة مبينة أن حافظة فطورها قد اختفت، وأنها تريد أن تطلب المساعدة من المديرة أو الوكيلة, فما كان من وكيلة المدرسة إلا أن بادرتها بالتلفظ عليها بجملة قاسية ومهينة، خرجت الصغيرة بعدها كاسفة البال, وبقيت يومها ذاك جائعة حزينة. وكان تعليق والدتها أن هذا الموضوع لابد أن تتم مناقشته مع المعلمات من الموجهات التربويات اللاتي يترددن بين فترة وأخرى على المدارس و"لابد من أن يكون موضوع لمحاضرة أسبوعية تلقى على مسامع المعلمات حتى لا تتعرض الطالبات لمثل هذا النوع من التعسف المؤذي لمشاعر طفلة صغيرة، جاءت لتتعلم لا لتهان أمام زميلاتها بكلام يؤخر بناء ثقتها بنفسها كطفلة وطالبة وأم مستقبلاً". رأي علم النفس وعلم الاجتماع ومن جانبها، تفسر الأخصائية الاجتماعية هدى العمر بأن المعلمة التي تفقد صبرها أثناء تدريسها مادتها، والتي من المفترض أن تقوم بإيصال المعلومة إلى أذهان الطالبات بطريقة سهلة ومبسطة، بعيدة من الشد في الكلام والألفاظ، تعتبر غير قادرة على إنشاء جيل خال من العقد"لذا لابد لها من التنحي عن هذه الوظيفة لمن هنّ أهل لها". ومن ناحية أخرى تعتقد الأخصائية الاجتماعية سلطانة الراشد أن تصرف هذه المعلمة"عمل شاذ"ولا يليق أن يصدر من مربية للأجيال، من المفترض أن تكون أماً ثانية تحتوي الطالبات، تضيف الراشد:"لعل هذا التصرف للتنفيس عن حال الغضب التي تعتري المعلمة من شيء معين, فبعض المعلمات نجد صراخهن قد يعلو في الفصل، وهنّ يحسبن أن ذلك سيفيد الطالبة ويحفزها لتقديم أفضل ما لديها, لكنه بالتأكيد تصرف خاطئ ولن تكون آثاره سليمة على نفسية الطالبة ولا على تحصيلها العلمي في المستقبل". ويبقى الاتجاه الآخر الذي لابد من طرقه وهو استيضاح آراء بعض المعلمات اللاتي يرفضن العنف في الكلام او التصرف مع الطالبات بقسوة، ويؤيدن الحزم الذي يرينه مفيداً لعلاج بعض المواقف المستهترة التي تصدر عن بعض الطالبات في حال عدم احترامهن المعلمة. وللمعلمات رأي آخر تقول معلمة المرحلة المتوسطة نادية المشعل:"بعض الطالبات عصبيات جداً وأنا أعتقد أن القليل من الحزم سيكون بمثابة صمام الأمان الذي تحتاجه المعلمة لإيصال المعلومة إلى الطالبات، على ألا يؤدي ذلك إلى استخدام العنف اللفظي الموجه لهذه النوعية من الطالبات، إذ نجد في كل مدرسة أخصائية اجتماعية لابد من أن تحال إليها الطالبة للتعرف على مشكلتها، ولابد من مراعاة أن بقية الطالبات أيضاً لهن الحق في زمن الحصة الذي سيضيع هباء إن لم تتدارك المعلمة نفسها وتتصرف بحزم، فتحيل الطالبة الى الأخصائية لتقوم هي بإكمال درسها بهدوء، وهناك فرق بين العنف والحزم". من جانبها، تذكر المعلمة في المرحلة الثانوية نورة الغنيمان أن بعض الطالبات تبدأ بنقاش معلمتها في أمر ما يخص المنهج مثلاً، وهي تقصد بذلك إثارة ضحك زميلاتها، ما يضطر المعلمة الى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه التلميذة المستهترة عن تضييع وقت زميلاتها، وعن اثارة الضحك في الفصل، أو إحالتها الى مديرة المدرسة في حال عدم الجدوى من تحويلها الى الأخصائية الاجتماعية.