الساعة السادسة بعد المغرب، اليوم الأول لحضورها إلى الندوة، جلست سعاد المرزوقي 20 عاماً على كرسي الحضور داخل القاعة، التي يقيمون فيها المناسبة، تلتفت يميناً إلى صديقتها ثم إلى النساء من حولها. صديقة سعاد، التي دعتها إلى الندوة، تقف قرب المحاضرة تنظر إلى سعاد وتبتسم، فتؤشر بيدها وتحرك رأسها،"بعد دقائق ستبدأ الندوة". هذه أول زيارة تسجلها سعاد في دفتر مذكراتها لتستمع إلى مادة غنية وكنز من المعلومات. قبل أن تقرر حضور الندوة بدعوى من صديقتها، كانت تفكر في شكلها وتتخيل الصورة الجميلة التي تكون عليها غالباً الندوات باعتبارها ملتقى لعقول مميزة وناضجة، ومن ثم لابد أن ينعكس مستوى المشاركين والحضور على طابع الندوة وقدرها، ولكن بعد خمس دقائق من بدئها، لم تستطع سعاد متابعتها والسبب"صحن الشكولاتة الذي يتحرك بين الحاضرات". صادف يوم حضورها إلى الندوة، يوم عيد ميلادها، وتخيلت أن صديقتها كانت تريد مفاجأتها بين الحضور،"أعلم أن صديقتي تحبني كثيراً، لأنها وزعت الشكولاتة التي أحبها احتفالاً بي". لا تزال سعاد تنظر إلى الشكولاتة التي توزع على كل السيدات اللاتي ارتفعت أصواتهن، وأحدثت ضجة وارتباكاً غير طبيعي، ولم يعد أحد يتابع الندوة،"أصبحت أتساءل على استحياء"هل هذه ندوة أم حفلة عيد ميلادي! ألهذه الدرجة تحب النساء الشكولاتة؟ ويتشاجرن عليها، إذن لماذا حضرن؟ لا تعتبر رد فعل سعاد غريبا، هي تبحث عن الجديد، ولم تجد من يدعم ثقافتها، ففكرت في حضور الندوات لترضي طموحها... وحضرت أول ندوة فاستاءت. "الاستياء"كلمة معروفة، يقولها كل الناس، وعلى رغم أن سعاد تضجرت قليلاً من فعل غالبية السيدات الحاضرات، إلا أنها أخذت عهداً على نفسها أن تواظب على ما نوت،"سأعتاد على هذا الوضع في المستقبل، وأحاول بقدر الإمكان الجلوس في أول الصف، حتى أستطيع متابعة ما يقال في الندوة، ولا أرغم على متابعة ما يجري من مشاجرات بالأيدي داخل سلة الشكولاتة". قبل حضورها المناسبة لتغطية الحدث، كانت تعلم الصحافية فاطمة الجوفان أن الشاي والقهوة سيتم توزيعهما على الحاضرات،"بحكم العادات الاجتماعية، فهما شيء أساسي، وهو نوع من التفريغ لدى بعض النساء. اعتادت فاطمة على رؤية مشاهد مضحكة، ومواقف محرجة لأن الحاضرات مشغولات بعادة ارتبطت بها،"ربما لم تعجبها الندوة، فحاولت الترفية عن نفسها بطريقتها، والحقيقة لابد أن تُذكر، فهي لا تتابع الندوات على نحو يذكر، سواء أكانت هناك ضيافة أم لا". أكدت فاطمة أن طريقة تقديم الضيافة تسببت في إرباك الحاضرات وفي حدوث الضجة، خصوصاً من مسؤولة الضيافة، التي تحمل صحن المعجنات والشاي وتسير بين الحاضرات في مكان ضيق جداً،"شاهدتهن يتابعن صحن الحلوى، بدلاً من المحاضرة!". التعامل مع ضيافة المرأة مشكلة للغاية، واجهت عواطف الفوزان، موظفة موقف داخل الندوة:"بصراحة تفاجأت ولم أعد أثق بمعدة المرأة، بعدما حملت إحدى السيدات من دون سابق إنذار واحترام وتقدير صحن المعجنات بكامله إلى مكانها الذي تجلس فيه لتأكله مع بناتها". وهكذا أصبحت عواطف تصف المرأة داخل الندوات بالجائعة، لقد نغّص هذا الموقف متعه الحياة بالنسبة إليها،"أشعر بالسخرية من نفسي، المكان أشبه بصالة طعام، وليس لتقديم النصائح والتوجيهات، لم أصدق أن المرأة عندنا جائعة لهذه الدرجة!". ومن الفوزان التي فقدت ثقتها بمعدة المرأة خصوصاً بعد الموقف الذي حدث لها، إلى سمر السعد التي أثبتت أنه لا يوجد هناك أي اهتمام لدى بعض السيدات عند دعوتهن لأي مناسبة. وتقول:"عند حضوري كغيري إلى إحدى المناسبات، ثبت لي أن المرأة شديدة الجوع، فتبدأ كل واحدة منهن بالمنافسة وأخذ أكبر كمية من الفطائر والحلوى والشكولاتة، هذا غير الشاي والقهوة". وتتساءل سمر:"هل تأكل المرأة في منزلها في هذا الشكل؟ وهل هي محرومة من الشاي والقهوة والحلويات والمعجنات؟