اولاً، اولاً، أؤكد لكم أن الحسد موجود في نفوس البشر، وأوافقكم أن السحر موجود لكن الساحر غائب، اتفقنا، وها أنذا أخذت رضاك ومباركتك. اذن دعني استرسل لأقول إن الحسد والسحر والشعوذة أصبحت مجتمعة شماعة نعلق عليها كل مشكلاتنا وإحباطاتنا وأمراضنا أيضاً. فلو حدث لأحدهم أي سوء، لا سمح الله، عزا ذلك للعين والحسد والقوى الخارقة للطبيعة التي يتمتع بها من نظله، وأحياناً يكون من نظله معروفاً لديه فيتجنبه، وأحياناً لا يكون، ويقع المحسود في حيرة، ويبدأ البحث والتخمين والتشكيك حتى يخاف المحسود المجتمع بأسره وينزوي بنفسه. أيعقل أن يكون الجميع حاسدين، وانك لا تستطيع أن تمدح أحداً إلا وتصيبه بحالة هستيرية من الخوف والرجفان والتردد؟ أيعقل سيدتي أنك لا تستطيعين أن تقولي لإحداهن أن فستانها جميل، قبل أن تنذريها وترقيها وتبخري فستانها وتسقيها ماء تتجرئين وتنطقين بصوت منخفض يشبه الوشوشة: فستانك جميل؟ والويل لك لو سقطت نقطة ماء مثلاً على الفستان الجميل. أوف، حسدتيها وجبتيها وجبتي فستانها أرضا بأرض. النساء كلهن عندهن فساتين ولابسات فساتينهن، لكن فستانها غير، وهذه النرجسية بسيطة سهلة، أمام بائع الفساتين مثلاً، فكيف يتجرأ أحدهم ويقول"بضاعتك حلوة"يعني ديور، وفالانتينو، وأرماني وكل مصممي الغرب، المفروض منهم ألا يعرضوا تصاميمهم على العلن بعد الآن لئلا يصيبهم أحد بالعين؟ ولكن مالي ومال مصممي الغرب، أنا علي بتجار بلدي وسأعطيهم نصيحة مجانية بأن يتوقفوا عن الإعلان لئلا يحسدوا. مزيل البقع قد يفقد مفعوله لتكرار الإعلان، وكذلك الشاي السيلاني قد تتوقف زراعته، وقد تتقطع المناديل الورقية قبل سحبها من علبتها، إلخ، وكذلك فإنني أنصح كل الأطباء الماهرين أن يقفلوا عياداتهم ويزاولوا أعمالهم سكوتاً من منازلهم لئلا تصيبهم العين على براعتهم. كما أنصح كل بارع في مهنته ألا يمارسها وإن اضطر ألا يتقنها خوفاً عليه من العين. الآن فهمت لماذا لا نتقن أعمالنا! لكنني أكثر ما استغربه أن العين لا تصيب الممثلات والمطربات والمذيعات وكل نسوة الإعلام العربي ليس لسخافتهن وتفاهتهن، ولما يمثلن للفتيات العربيات من قدوة مبتذلة، ليس لكل هذه الاسباب مجتمعة. لكني ومن على هذه الصفحة أعترف أنها حمى الغيرة النسائية، تصيب كل ساكنات الخليج العربي، وتصل أوجها عند السعوديات السبب منك يا رجل يا سعودي، وقد أرجع أسباب هذه الغيرة لخوفهن من فقدان الرجل"رامبو الخليج"، ومن ثم فقدان الرجاء فيه، أعني ما تبقى من رجاء فيه، ثم معاناة اللهفة لاسترداده، فهو إذا خرج لا يعود. وهي مجبرة عائلياً واجتماعياً ومسؤولة عن الاحتفاظ به، لأن البضاعة التي تباع لا تستبدل. وقلبه وعينه وأذنه وخياله سارح في بنات الشاشات، ولا أحد حتى الآن"نضلهم"ولا حسدهن. قطيعة. لكن عندي فكرة سرية للنسوة أرجو ألا يطلع عليها الرجل، فكرة جهنمية: لماذا لا نسحرهن؟ فيصبحن بدينات، ولا تنفع فيهن عمليات تجميل وتمسك بشعورهن صبغة، لكن المشكلة أن"سيمون"و"ريمون"و"فرعون"كلهم سيتبنون أخريات وسنقضي حياتنا في عمل السحر لنسوة الإعلام العربي. لذا كبّري عقلك عزيزتي، السحر في رقتك وطيبتك وروحك وكلمتك. تحملي مسؤولية نفسك وزوجك وبيتك، وسترين ما هو أقوى من السحر، وأقوى من عيون الحسود التي فيها عود. خلف الزاوية كم انا حاسد، فاتق خير هذا الحسد. أحسد مرآتك وانت تمرين بها في الصباح. أحسد مرآتك وأنت تطيلين الوقوف أمامها. أحسد طيوفاً تركتيها في مرآتك ذات يوم. وأحسد نفسي حين أفكر فيك. وفاء كريدية [email protected]