حيّا الله من زارنا وخفف"... يبدو ان هذه الجملة التي يتداولها بخلاء كثر عند قدوم الضيف لم تعد تجدي خلال هذه الأيام في المنطقة الشرقية، التي"تخيم"على أجوائها المخيمات الانتخابية. بعد ان تجاوز اغلب المرشحين كرم"حاتم الطائي"، وهو الأمر الذي بدأ يستقطب الناخبين وغيرهم إلى تلك المخيمات. وتفنن احد المرشحين في حاضرة الدمام في استقبال الناخبين وزوار المخيم الخاص عبر تقديم الفطائر"الفرنسية"قبل بدء البرنامج المعد في اليوم ذاته. وتعتمد تلك الطريقة على تقديم"الكروسان"و"السندويتشات"الصغيرة والعصائر الطازجة، وبمجرد انتهاء البرنامج يتم تقديم وجبة العشاء الرئيسية، التي تتعدد فيها الأصناف ضمن البوفيه المفتوح. ويسبغ بعض المرشحين على مقراتهم صفات البذخ والإسراف أثناء تناول وجبات الطعام الخاصة بالمخيم، من اجل الوصول إلى أعلى مراتب الكرم، على حد تعبيرهم. ويعيش شارع علي ابن أبي طالب في الدمام حالياً اختناقاً مرورياً سببه المرشحون بعد ان ركزت أكثر من خمسة مقار انتخابية على الشارع نفسه الذي يعد من الشوارع الحيوية في الدمام، ويربط بين طريق الجبيل وطريق الظهران ويمتد إلى طريق الخبر السريع. وقال مدير مبيعات في احد فنادق الدمام المعروفة رفض الكشف عن اسمه ان وجبة عشاء أقامها احد المرشحين، تجاوزت قيمتها 30 ألف ريال ثمانية آلاف دولار، تمثلت في بوفيه مفتوح تتنوع فيه الأكلات البحرية لنحو 200 شخص. وأضاف ان كلفة الشخص الواحد تصل إلى 140 ريالاً 37 دولاراً. بيد ان المرشح أصبح في موقف محرج، إذ تجاوز عدد الحضور في الليلة ذاتها 280 شخصاً. وكشفت جولة على عدد من المخيمات الانتخابية في حاضرة الدمام ان اغلب الحضور ليسوا من الناخبين، ولا صوت لهم يوم الاقتراع. على حد قول فيصل البقيعي، الذي تجول بين المخيمات من أجل قضاء وقت الفراغ والاستمتاع ببرامجها. وأضاف البقيعي انه نادم على عدم التسجيل كناخب، كونه لم يدرك حمي الوطيس بين المرشحين واستقطابهم للناخبين. وأبان انه استفاد كثيراً من تجواله على المقرات الانتخابية في حاضرة الدمام. بسبب كثافة البرامج والندوات، إضافة إلى وجبة العشاء الفاخرة، التي تقدمها اغلب المخيمات. وأشار إلى أنه وزملاءه يحرصون على الذهاب إلى المقار الانتخابية المزدحمة، كونها تقدم وجبة عشاء، فيما تكتفي المخيمات ذات الأعداد القليلة من الزوار بالتعريف بالبرنامج الانتخابي الخاص بالمرشح. وعلى احدى الطاولات الخاصة بالحضور في احد المقار الانتخابية وأثناء حلقة نقاش ترك ناخبون قصاصات ورقية تشير إلى حوار بين اثنين منهم على الاقل تبين فقدان الانسجام بين الحضور والمشاركين في تلك الحلقة، كون الأخير ينتظر وجبة العشاء أو هدية تذكارية من المرشح في ختام البرنامج. ويقول احمد الدوسري:"أين ستجد مثل سعة الصدر المتوافرة في المقار الانتخابية". وأضاف ان برنامجه اليومي يشمل مقار انتخابية لمدة تتجاوز خمس ساعات يومياً مع عدد من أقاربه، حيث يجتمعون بعد صلاة المغرب لتحديد وجهتهم إلى المقر الانتخابي بحسب برامج المرشحين المعلنة في الصحف اليومية. وأبان ان وجود مثل تلك المقار كان له أثر ايجابي في استكشاف الناحية العلمية من أهداف المرشحين، إضافة إلى قضاء أوقات الفراغ. ولجأ عدد من المرشحين إلى الاستعانة بالشعراء الشعبيين المعروفين في المنطقة الشرقية، من اجل إقامة أمسيات شعرية، لتفعيل وجذب الزوار إلى المخيم الانتخابي، وهو الأمر الذي رفضه الشاعر احمد عبدالحق، وقال:"أرفض استغلال جماهيرية الشاعر من اجل مقار انتخابية"، وأبان ان الشعر لغرض الشعر، وليس للترويج لسلعة. وأشار إلى ان اغلب الشعراء المشاركين في تلك المقار يتقاضون مبالغ مالية نظير إحيائهم الأمسيات، التي من المفترض ان تكون من دون مقابل، لتحسب ضمن إسهام المرشحين في علو شأن الشعر الشعبي في المنطقة الشرقية.