اختلف سعوديون حول قرار تأجيل"سعودة الليموزين"خمس سنوات. ولوحظ تأييد شبه جماعي بين النساء لتأجيل"سعودة"القطاع الذي يستخدمنه كثيراً، بسبب حظر قيادتهن السيارات. ورفعن شعار"لا للسائق السعودي", الذي يتهمنه بمضايقتهن. وتقول السيدة نبيلة الصالح 50 عاماً إنها قد تفضل إلغاء موعد مهم، على أن تركب مع سائق ليموزين سعودي. وهي لا تتوقف عن تحذير بناتها من الركوب مع السائقين السعوديين، كلما أردن الخروج. وتضيف:"أقوم بإيقاف ثلاث سيارات ليموزين على الأقل في كل مرة أهم فيها بالخروج، كي أتأكد أن السائق ليس سعودياً". وتفضل الصالح السائق الاجنبي،"فهو مطيع أكثر. وينفذ كل ما أقوله من دون أن يتفوه بكلمة، وهذا ما لا نجده في السائق السعودي، إضافة إلى أنني أشعر بأمان أكبر مع السائق الاجنبي، فهو لم يغترب عن أهله إلا من أجل العمل". من جهتها، ولا ترغب رزان موظفة في احد المعاهد النسائية في"سعودة الليموزين"، وتقول:"قد أضطر إلى الركوب مع سائق سعودي في حال تأخري فقط، فأنا موظفة، ووسيلة النقل المتاحة لي هي الليموزين، لكني أحرص على أن يكون السائق أجنبيّا فانا أشعر بالحرية معه أكثر". وتؤكد رزان أن النساء استقبلن قرار تأجيل"سعودة الليموزين"بترحاب كبير، وتقول:"كان موضوع التأجيل حديث العاملات في المؤسسة التي أعمل فيها، فبعضهن لم يكترث بجنسية السائق، لكن الغالبية عبرت عن ارتياحها للقرار". ويتفق بعض الرجال مع آراء النساء السابقة، ويلفت سعيد الحاوي إلى أن"رفض النساء السائق السعودي لم يأت من فراغ، فلدى المرأة قناعة مفادها ان بعضهم لا يطلب الرزق بل يبحث عن الغزل". ويرى أن أفعال بعض السائقين أسهمت في تعزيز هذه النظرة،"فأنا أعرف بعضهم يعمل موظفاً براتب مجز، لكنه يستغل قيادة الليموزين لتحقيق أهداف غير شريفة". ويشدد الحاوي على أن"السائقين السعوديين ليسوا جميعاً من هذه الفئة، لكن أفعال القلة تركت انطباعاً مريباً لدى النساء تجاه السائق السعودي". ويطالب بإبعاد الموظفين من قيادة الليموزين،"كي يتسنى لمن يطلب الرزق أن يجد حاجته". ويضيف:"إذا اختفى السائق السعودي الذي يظهر في لباس العريس، عندها فقط يمكن أن تثق النساء بأن من يركبن معه هو سائق فحسب". وفي المقابل، يرفض عبدالرحمن خميس السائقين الاجانب الذين قد يؤثرون في منظومة المجتمع الأخلاقية،"فعمل السائق يفرض عليه مخالطة كل الفئات، ما يفتح المجال أمام أخلاقيات غير مرغوب فيها". ولا تناصر شركات الليموزين رأي خميس، فأصحابها يرون في"سعودة"المهنة"تهديداً لمصالحهم المالية، التي لها الأولوية دائماً"، كما يقول مدير احدى شركات الليموزين عادل الكردي. ويضيف:"ما يميز العامل الاجنبي هو أنه يمنح العمل ما يقارب 90 في المئة من وقته، فساعات عمله تتجاوز 13 ساعة في اليوم، ما يمنحه الأفضلية عن السائق السعودي الذي يرتبط بالتزامات أسرية تحتم عليه العمل ساعات أقل". وكان مئات السائقين السعوديين تجمعوا أول من أمس، أمام قصر ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في الرياض، اعتراضاً على تأجيل تنفيذ قراره"سعودة"مهنتهم. وصف السائقون سياراتهم إلى جوار القصر. ومنع رجال الأمن أعداداً أخرى من التجمهر في المكان نفسه، لكن السائقين أوقفوا سياراتهم بعيداً، وعادوا لينضموا إلى زملائهم في الشارع الرئيس المؤدي إلى القصر. ونفى السائقون تعرض أي منهم لمضايقات من رجال الأمن، واقتصر حرص المسؤولين على إلزام السائقين باحترام النظام، تفادياً للفوضى التي قد تنجم عن الوقوف العشوائي. وقال سائقون إن ثقتهم في تنفيذ القرار، جعلت بعضهم يعجل بشراء سيارة جديدة، لكن عدم تنفيذ القرار حتى الآن، جعلهم مجبرين على منافسة الأجانب الذين يسيطرون على هذا القطاع، ما يكبدهم خسائر كبيرة، يعجزون معها عن تسديد أقساط السيارات. وكانت إحصاءات قدرت عدد سائقي"الليموزين"بنحو 50 ألف سائق، منهم 20 ألف سعودي يستخدمون سياراتهم الشخصية، سواء بترخيص من وزارة النقل أو برنامج الأمير عبدالله للإقراض. وأثار قرار"سعودة"القطاع قلق عدد من المستثمرين، تخوفوا من عدم توافر الكوادر البشرية اللازمة لعملية"السعودة". وتصل استثمارات القطاع إلى نحو 3.5 بليون ريال، تستثمرها 700 شركة. ويشكو السائق محمد المطيري من القرار الذي"لا يراعي ظروفنا المادية والأسرية، خصوصاً ان العمل على سيارات الأجرة هو مصدر كسب قوتنا الرئيس". ولفت إلى أن السائقين الأجانب، وزعوا الحلوى في كل مكان بعد قرار التمديد". ويذكر السائق عطا الله البلوي بغضب شديد،"الإشارات البذيئة غير اللائقة التي لوح بها بعض السائقين الأجانب، بعد تأجيل قرار السعودة". ويضيف:"نحن أحق منهم بفرص العمل في وطننا الذي لم يبخل علينا يوماً". ويتساءل:"كيف أعولهم وكل ما أحصل عليه هو بين 40 و80 ريالاً؟". أقساط متراكمة ويقول عبد الناصر العنزي إنه وزملاءه ينتمون إلى طبقة فقيرة كادحة، ويسعون إلى إعاشة أسرهم التي"لا يكفيها ما نكسبه يومياً، خصوصاً مع التزامنا بدفع أقساط السيارات التي أخذناها من شركات تطالبنا باستمرار والحاح". ويضيف:"تفاءلنا خيراً بقرار السعودة، وبدأنا نخطط لمستقبلنا ومستقبل أطفالنا بمستوى معيشي كريم، لا يضطرنا إلى سؤال احد، لكننا فوجئنا بهذا القرار الذي أدخل في نفوسنا الإحباط والاستياء". وحضر العنزي وزملاؤه إلى دار ولي العهد"لإنصافنا في هذا الموضوع"، خصوصاً انهم اشتروا سياراتهم بالتقسيط، والتزموا بدفع أقساطها، إلى جانب التزاماتهم الأسرية التي لم يعد في استطاعة أحدهم تأمينها"بسبب شح الزبائن"،"ما يجعلنا لا نجني في اليوم الواحد سوى ما يقارب 40 ريالاً فقط".