احتفظ بصورة ملأت صفحتين في جريدة لندنية عن مظاهرة صاخبة في نيويورك ضد شارع البورصة والمال والاعمال وول ستريت احتجاجا على جشع رجال المصارف والشركات الكبرى. المتظاهرون دعوا الى الزحف على وول ستريت، وقضيتهم اميركية خالصة فهم يريدون وظائف وكبح سيطرة الاثرياء على حياتهم اليومية، الا ان ما لفت نظري في الصورة الكبيرة ان بعض المتظاهرين رفع لافتة كبيرة تقول «اوقفوا المساعدات العسكرية لاسرائيل». اقول اوقفوا كل المساعدات الاميركية لاسرائيل، فالولايات المتحدة بلد مفلس واسرائيل في بحبوحة بفضل مساعدات مباشرة وغير معلنة تزيد على عشرة بلايين دولار في السنة، وهي تسرق من على مائدة طعام فقراء اميركا بفضل الكونغرس الذي اشتراه لوبي اسرائيل ويتحكم في كل قرار خارجي له. عندما كنت اجلس في مقاعد الجمعية العامة للامم المتحدة وابو مازن يلقي خطاب فلسطين، واكثر من نصف الاعضاء يقاطعه بالتصفيق والوقوف والهتاف احيانا، قدرت ان نصف الاعضاء مع فلسطين، والنصف الآخر ضد اسرائيل. لا احد يحب اسرائيل وصحفها تتحدث كل يوم عن عزلتها حول العالم، الا ان حكومة اسرائيل الفاشستية تواصل سياسة الاستيطان والقتل والتدمير لانها تحظى بحماية اميركية كاملة وعلى حساب المصالح الاميركية نفسها. هناك كل يوم خبر عن كره العالم اسرائيل وما تمثل. هذا الشهر بدأ بدعوة 218 شخصية سويدية الى مقاطعة اكاديمية لاسرائيل تشمل عدم اشتراك الجامعات السويدية في اي ابحاث او دخول اي تعاون مع مؤسسات اكاديمية اسرائيلية. وكان بين الموقعين 12 استاذا جامعيا و14 استاذا مشاركا و21 محاضرا كبيرا و70 طالبا. وقاد الحملة فريق العمل لمقاطعة اسرائيل في اكاديمية التكنولوجيا الملكية. ومن السويد الى بلجيكا حيث اعلنت المغنية ناتاشا اطلس انها لن تغني في اسرائيل «حتى يُزال الابارتهيد الرسمي نهائيا.» وكانت ناتاشا تريد زيارة اسرائيل لاحياء حفلة فيها، غير ان منظمي الزيارة اعلنوا انهم تلقوا رسالة الكترونية من المغنية تقول انها ارادت ان تزور اسرائيل لتحث المعجبين بها على معارضة سياسة الحكومة الاسرائيلية واجراءاتها، الا انها قررت في النهاية ان غيابها سيكون احتجاجا اقوى ضد هذه الحكومة. وبالاضافة الى شهرتها الكبيرة كمغنية تعمل ناتاشا اطلس سفيرة نوايا حسنة للامم المتحدة. عنصرية حكومة نتانياهو وتطرفها واعتداءاتها اثارت الاسرائيليين انفسهم، فمع ان غالبية انحرفت نحو اليمين في السنوات الاخيرة فان جناح السلام قوي ونشط جدا، و»برس تي في» بثت برنامجا عنوانه «اسرائيل ضد اسرائيل» عن النشطاء في معسكر السلام الذين يتهمهم اليمين بالخيانة، وبينهم يهود اشاؤول، زعيم جماعة «كسر حاجز الصمت»، وجوناثان بولاك وجماعته «فوضويون ضد الجدار». وتابعت اخيرا قضية موضوعها «متحف التسامح» الذي تمول بناءه مؤسسة فيزنتال من مقرها في نيويورك بنفقات تقدر بحوالى مئة مليون دولار. والمتحف من التسامح انه يُبنى على ارض فلسطينية، تشمل مقبرة مأمن الله التاريخية القديمة لذلك حفر الاساس ادى الى اخراج عظام الموتى ونقلها. واكتب بعد ان قرأت التماسا في 25 صفحة من المتضررين الفلسطينيين الذين يساعدهم اسرائيليون من دعاة السلام، وهو يشكل ادانة كاملة للمتحف والذين يقفون وراءه والحكومة الاسرائيلية التي تساعدهم. بالمناسبة، الشهر هذا شهد حرق مسجد في قرية فلسطينية فيما الفلسطينيون يستعيدون في هذا الشهر ذكرى عشر مجازر مختلفة في قرى فلسطين سنة 1948، ومجزرة قادها ارييل شارون سنة 1953 واخرى سنة 1958 قتل فيها 48 فلسطينيا بينهم ست نساء احداهن حامل و13 ولدا وطفلا بين 17 سنة وثماني سنوات. العالم كله اصبح يعرف جرائم اسرائيل ويدينها، وغدا جريمة جديدة وادانة اخرى. [email protected]