لا يمضي يوم من دون ان أتلقى معلومات عن كره العالم إسرائيل وسياستها المتطرفة وحكومتها الفاشستية وممارساتها النازية ضد الفلسطينيين. اهمية المعلومات أنني لا اطلبها، ما يعني انها ستكون أضعافاً لو فعلت، وإنما هي ما اجد في الصحف الغربية التي اقرأها كل يوم، وفي مادة دور البحث التي ارصد عملها والجامعات والكنائس المسيحية، خصوصاً الاميركية، التي تطلب من أتباعها مقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها. العداء لإسرائيل عام يزداد سنة بعد سنة، وكان استطلاع مشهور للرأي العام في اوروبا عشية احتلال العراق اظهر ان الاوروبيين يعتبرون اسرائيل (وأميركا جورج بوش الابن) اكبر خطر على السلام العالمي. اميركا باراك اوباما استردت بعض سمعتها، أما اسرائيل فلا تزال في الدرك الاسفل، وقد قرأت قبل ايام استطلاعاً لتلفزيون «بي بي سي» شمل 25 ألف شخص في 22 دولة وأظهر ان اسرائيل وكوريا الشمالية وإيران تشغل اسفل القائمة، وعدد الناس الذين ينظرون سلباً الى اسرائيل يزيد مرتين على عدد الذين ينظرون اليها ايجاباً. وأذكّر القارئ بأن انصار اسرائيل يملكون وسائل إعلام عالمية كبرى حول العالم، بعكس كوريا الشمالية وإيران، ومع ذلك فالإعلام العالمي كله لا يستطيع ان يحسّن صورة دولة الجريمة والعنصرية والاحتلال. وهكذا فبرنامج 60 دقيقة في شبكة «سي بي اس» الاميركية بث اخيراً تحقيقاً عن سوء معاملة اسرائيل المسيحيين الفلسطينيين، واضطهادهم الى درجة ان غالبية منهم هاجرت فهبطت نسبة المسيحيين في فلسطين الى اثنين في المئة بعد ان كانت خمسة في المئة، قبل الاحتلال، وفي ايام الانتداب. المعلومات التي بثها اهم برنامج سياسي في التلفزيون الاميركي صدمت ذلك القطاع، او القطيع، من المسيحيين التبشيريين في ما يعرف باسم «حزام التوراة» في الولايات الجنوبية حيث تتمتع اسرائيل بتأييد كبير على اساس خرافات توراتية، فجاء البرنامج ليظهر الصورة الاخرى، الحقيقية، لإسرائيل. وعندما حاول سفير اسرائيل المتطرف مايكل أورين الدفاع عن اسرائيل زاد غضب المسيحيين الاميركيين وهو يزعم ان كنائسهم «معروفة باللاسامية». في لندن برنامج «هارد توك» الذي يبثه تلفزيون «بي بي سي» استضاف الاكاديمي اليهودي الاميركي نورمان فنكلستين، مؤلف كتاب «تجارة المحرقة»، وهو قال ان اليهود الاميركيين انهوا علاقة الغرام مع اسرائيل لأن جيل الشباب منهم اصبح يعرف اكثر عما يجري في اسرائيل، وعن اوضاع الفلسطينيين. والاستطلاعات تقول ان الشباب من يهود اميركا لا تهمهم اسرائيل ولا يعتبرونها قضية لهم. بالمناسبة، تاجر المحرقة المعروف سايمون فيزنتال يريد ان يبني متحفاً للتسامح على ارض في القدس تشمل مدافن للمسلمين. وأمامي مقال كتبه البروفسور رشيد الخالدي، يثبت في شكل قاطع تاريخ المدافن، وهناك الآن ستون من اسر اصحابها يطالبون بحمايتها من التدمير. آل الخالدي مثل آل نسيبة وأسر فلسطينية كثيرة اخرى، مع المسيحيين العرب الغساسنة الذين حكموا القدس وكانت مملكتهم تصل الى الجولان، يستطيعون ان يثبتوا وجودهم في ارض فلسطين قبل الاسلام وبعده، اي انهم ليسوا لقطاء من نوع افيغدور ليبرمان او المهاجرين الروس الذين ادعى بعضهم انه يهودي ليفرّ من «جنّة» الشيوعية في بلاده. هل يريد القارئ مزيداً مما وجدت من دون طلب؟ فوجئت بأن جريدة «الميل اون صنداي» وهي من اكثر صحف الاحد انتشاراً وتوزع ملايين النسخ، تنشر تحقيقاً في صفحتين عنوانه «1600 مضربون عن الطعام والعالم لا يرف له جفن». الجريدة يمينية لا اذكر انها انتصرت للفلسطينيين بمثل هذا الوضوح في السابق، ومعاناة الاسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام كانت ايضاً في تحقيق مماثل لجريدة «الاندبندنت» الليبرالية. ولعل موقف جريدة يمينية وغيرها من الإضراب عن الطعام هو الذي ارغم اسرائيل على التعجيل بحل المشكلة. ولعل اوضح ادانة لإسرائيل اخيراً جاءت من بيتر بينارت، وهو صهيوني يدافع عن اسرائيل عادة، الا انه ليبرالي وكتابه «ازمة صهيون» اثار المتطرفين في اسرائيل وأميركا وهاجموه بحقد، لأنه يفضح التطرف من الداخل، ويقول ان اسرائيل اصبحت معسكراً مسلحاً نذر نفسه لاضطهاد الفلسطينيين. وأزعم ان كتاب بينارت في اهمية كتاب «لوبي اسرائيل والسياسة الخارجية الاميركية» للأستاذين ستيفن والت وجون ميرزهايمر، فهو كان بداية النهاية لكذبة اسمها اسرائيل. اتوقف وأمامي أضعاف ما سجلت هنا، وأرجو القارئ ان يتذكر انه تجمع لي من دون طلب.