لم تثنه الإعاقة، فعاش كسائر البشر. ساير المجتمع وتحامل على عجزه فعاش عيشة سعيدة مقتنعاً بقضاء الله وقدره."الأعجم"كما يسميه السكان هناك رجل عصامي، أصيب بعد ولادته بالمرض، ففقد أهم حاستين في جسده السمع والنطق. مع ذلك لم يستسلم، وواصل حياته، فعمل في الزراعة مع والده، وعندما كبر لم يخف عليه رغبته في الزواج، فساعده أبوه في بناء منزل صغير من الصخور مسقوفاً بالخشب، ثم ساعده على الزواج، وفارق الوالد الحياة. إلا أن حياة"الأعجم"لم تتوقف، فظل يقاوم من دون كلل أو ملل، ورزق بالبنين والبنات ينفق عليهم مما خصص له من معاش الضمان من دون أن يمد يده لأحد. فرحان فرح ابن ال35عاماً أب لسبعة أبناء، يحظى باحترام كبير من أبناء قريته، ويشهد له الجميع بالاستقامة. هو أيضا صاحب واجب، فلا يكون هناك موقف يتطلب المساعدة إلا ويكون من المبادرين، إضافة إلى ما يتمتع به من شهامة وذكاء خارق، قلما يكون لهما مثيل كما يشير جاره سليمان النعامي الذي وصفه ب"نعم الجار"، مضيفاً"أنا سعيد كونه جاري وبقدر ما أحاول مساعدته بإحضار متطلباته بسيارتي، إلا أن ما يقدمه تجاهي أكبر بكثير". ويؤكد النعامي أنهم عرضوه قبل فترة من الزمن على مختصين أوضحوا انه بالاستطاعة زراعة قوقعة في الأذن، وقد تنجح في إعادة السمع إليه، إلا أنه رفض حينها مبدأ إجراء جراحة. مع وصول عدد أفراد أسرة"الأعجم"إلى سبعة أبناء ضاق عليهم المنزل غرفتين فقط، ومع ذلك يراها خيراً ورزقاً، إلا إن ما يخشاه هو سقوط السقف فوق رؤوسهم، بعد أن تكسرت أجزاء منه، ولمنع سقوط مياه الأمطار يضع الشراع فوق السقف. ويقول سلمان علي إن جاره يبدأ في كل عام في شراء وتجميع الخرسانة والبطحاء مع قبض معاش الضمان، بهدف تجميعها لسنوات عدة، يصب بعدها غرف المنزل، إلا أن الأمطار والسيول تجرف ما يجمع في كل عام، بينما تكفل الصدأ بالحديد الذي اشتراه قبل أن يتمكن من توفير مال للاسمنت، نظراً لكثرة أفراد الأسرة وحاجتهم إلى كل ما يتم قبضه. ويضيف"حاولت مجموعة من السكان جمع مبلغ من المال لترميم منزله، إلا أن محاولاتهم لم يكتب لها النجاح بسبب ظروف الكثيرين منهم".