إن من السهولة القضاء على عشوائية التمديدات الكهربائية! احترقت سيدة المدينة، كما نشر في الصحف قبل اسابيع، واحترق مستودعان عام 1409ه! بسبب عشوائية التمديدات، فمن وراء هذه التمديدات العشوائية؟ الجميع حسم السبب، المقاول وصاحب المبنى، والجهات المناط بها المراقبة، وطبعاً من يقوم بالتمديدات في المقام الأول هو الذي نطلق عليه اسم كهربائي، وهو شخص نلتقطه من الشارع، عند"كوبري"العمال! أو عند باعة المستلزمات الكهربائية، حيث يجلس ذلك الشخص، ومعه شنطة فيها ما هب من خردة، ومفكات، ونتفق معه على العمل، وهو يُبدي استعداده لعمل كل شيء، ولا نسأل عن شهادته أو خبرته أو كفيله أو الشركة التي يعمل لحسابها أو... أو... هل نعلم أن هذا الكهربائي أخطر أثراً من الطبيب؟! الطبيب الفاشل أو المزيف قد يقتل شخصاً واحداً، ويكتشف، ويأخذ جزاؤه، أما هذا الكهربائي فيتسبب في موت أسرة، ولا يحاسب، لأنه غير موجود، أخذ الفلوس وغادر البلد منذ فترة، وليس عليه أي تعهد أو عنوان للعودة إليه بشكل رسمي! ومع مرور الزمن وتزايد الإهمال الكهربائي غير المدروس، تقع الكوارث الكبرى من حرائق في المدارس والمستودعات والعمارات والبيوت والفلل وغيرها. لا بد من إيجاد آلية لمنح رخص لهؤلاء العمال بعد دورة متكاملة. والمنع منعاً بات من تشغيل أحد من دون هذه الرخصة التي تعلق على جيبه، وتتم متابعتهم من البلدية والشرطة والمباحث والعمدة والدوريات وغيرها. وربما كان المواطن هو الشرطي الأول، بالتبليغ عن أي عامل لا يحمل بطاقة الرخصة على صدره، وهنا نستفيد مادياً من استصدار هذه الرخص، ونتخلص من المتخلفين، لأنهم لا يستطيعون العمل من دون الرخصة، التي لن تصدر إلا بوجود إقامة لديهم مع شهادة الدورة أو الخبرة، ويعود مردوده على المجتمع، بأن نحصل على تمديدات سليمة 100 في المئة، ولا يستطيع صاحب المنشأة أو المبنى إكمال منشأته أو مبناه إلا بتوقيع مهندس فني مختص، للكشف على التنفيذ، ثم تعتمد شركة الكهرباء هذه الشهادة لإيصال التيار الكهربائي. الحاصل في الواقع غير هذا، يستعين المواطن بكل من هب ودب، فتجده ممسكاً بشنطة عند المحال"سباكة، كهرباء، بلاط، ترميم..."مستعد لكل شيء"لأنه"بتاع كله". والسؤال: أين خريجو المعاهد المهنية على مدى هذه السنوات الطويلة؟ لماذا لا يفتحون مكاتب فنية لهذه الأعمال؟ ومن طريقهم يتم تشغيل هؤلاء وبشكل منظم متكامل، وتكون هذه المكاتب تحت إشراف البلدية أو الدفاع المدني. ويتعود المواطن عندئذ على تشغيل حاملي الرخص، وبإشراف هذه المكاتب. ويقضى بذلك على نسبة كبيرة من البطالة، لأن المكاتب تلك تكون سعودية 100 في المئة، وهم يشرفون بشكل مباشر على التنفيذ في مقابل مبلغ مالي محدد يدفعه المستفيد، لقاء إشرافهم وتفتيشهم، فيستفيد الجميع وتنصلح حال المجتمع. وهذا ليس فقط في مجال التمديدات الكهربائية، بل في جميع الأنشطة صباغة، سباكة، ترميم،"تلييس"، بلاط، سيراميك، بناء الطوب، وجميع أوجه التشطيب... ليختفي من حياتنا الغش الشنيع الحاصل في البناء والتشطيبات. وينطبق هذا التنظيم على ورش إصلاح السيارات سمكرة،"بويه"، ميكانيكا، كهرباء تنجيد، وزينة، إلى آخر القائمة، إذ ينتشر الغش في تلك المجالات بسبب غياب الإشراف الرقابي والتفتيش المستمر. وفي تلك الورش يعمل بعض العمال الذي ليس لديه أي خبرة أو شهادات فنية معتمدة، بل يتعلم"الحلاقة على رؤوس اليتامى"، كذلك الحال ينطبق على الذين يقومون بإصلاح المكيفات والثلاجات والمواسير وغيرها، وكلهم بلا شهادات فنية معتمدة. لقد مضى وقت طويل على هذه الحال، من دون التصدي للوضع السائب في تلك المحال، إلا أن الوقت آن للتحرك ويمكن نقل الموضوع برمته إلى مجلس الشورى لتدارسه بجميع أبعاده، وإلا لنعود إلى زمن شيوخ المهن أفضل لنا، لأن العديد من شيوخ المهن لا يزالون على قيد الحياة، فقد كان هناك شيخ لكل حرفة، ومن طريقه فقط يتم تشغيل العمالة بعد اختبارهم!