يغلب على سلوكيات الكثير من الشباب في الأماكن العامة والمفتوحة كالأسواق والمقاهي والأندية الرياضية، إضافة إلى التجمعات التعليمية كالجامعات والمدارس، طابع"الشللية"وروح المجموعة الخاصة، التي يصعب على أعضائها تقبل الوجوه الجديدة واحتواؤها, وذلك بسبب النظرة المتوجسة إلى كل ما هو جديد وغريب، والرفض المطلق لكل طارئ على المجموعة المحددة سلفاً. وعلى رغم ما يترتب على هذه السلوكيات من تراكمات سلبية على المدى البعيد تتشكل في نفسية رواد هذه العلاقات، وعلى رغم الآثار السيئة التي تتفاقم نتيجة التركيز على هذا المفهوم في تشكيل العلاقات في ما بين هؤلاء الشباب ومن هم في هذه الفئة العمرية نفسها، إلا أن الكثير منهم يصر على إبقاء الأوضاع على ما هي عليه من دون أية محاولة للخروج من هذه الدائرة المتناهية في الانغلاق. ويذكر أحد طلاب جامعة الملك سعود محمد العويندي 23 عاماً الذي يتسمر مع مجموعة من زملائه في إحدى القاعات الدراسية، أنه لا يستطيع التأقلم مع أصدقاء جدد بسهولة نظراً الى اعتياده على مجموعة محددة رافقته منذ الصغر حتى ردهات الجامعة. ويضيف:"التقيت معظم زملائي خلال سنوات الدراسة الأولى، ولا يربطني بهم سوى رابطة الصداقة، فهم ليسوا من الحي نفسه ولا تجمعنا صله الدم أو القرابة، حتى أننا لسنا من المستوى المعيشي والمادي نفسه". ويوضح فهد السعوي 21 عاماً وهو أحد مرتادي مقاهي الرياض حيث يتجمع الكثير من الشباب، أن مفهومه لل"الشلة"يختلف عن كثير ممن هم في مثل سنه, إذ يرى أنه من الواجب أن يكون هناك تناسب في المستوى الثقافي والتعليمي والاجتماعي في ما بين أعضاء المجموعة التي ينتمي إليها ويقضي أوقات فراغه معها. ويقول:"لا يمكن أن يكون هناك توافق بين أعضاء أي تجمع إذا لم يكونوا متقاربين في النواحي العقلية والفكرية ناهيك عن الاجتماعية، وإلا فإن مصير المجموعة سيؤول إلى الاضمحلال والتلاشي". وتذكر الموظفة في أحد المصارف سوسن المحمدي 24 عاماً أن الأمر لا يختلف في"شلل"البنات, إذ ان معظمهن يسعى إلى تكوين علاقات صداقة مع أخريات يتشاركن وإياهن في المستوى المعيشي نفسه، بغض النظر عن المستوى الفكري والتعليمي. وتضيف:"المجتمع النسائي في السعودية يغلب عليه حب المظاهر حتى في العلاقات الاجتماعية، فغالباً ما تحرص الفتاة على الارتباط بمجموعة يغلب عليها الرخاء المادي ويكون معظم أعضائها من ميسورات الحال". ويشير طالب إحدى المدارس الثانوية عبدالعزيز العنزي 17 عاماً أن العلاقات في المجتمع الطلابي يغلب عليها طابع القوة والعضلات, فالأقوى يستطيع أن يختار"شلته"بإرادته وعلى ما يهوى, ويقول:"الطالب الذي يشتهر بكونه من زعماء المشكلات والنزاعات داخل المدرسة، يفضل الكثير من الطلاب أن يدخل في دائرة علاقاته إما لاتقاء شره أو طلباً لمساعدته، مع أن الكثير منهم لا يفضل أن يبقى أسيراً لهذا النوع من المجموعات... لكنها الظروف".