لم تقتصر المميزات التي تكتسبها مدينة جدة عند موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يقصده السائحون من مختلف أنحاء العالم، ولا من معالمها السياحية أو التاريخية البارزة، بل تجاوزت ذلك لتكون المدينة الواقعة بمحاذاة ساحل البحر الأحمر الوجهة الأولى لأصحاب المال والمشاريع العملاقة. ومن هذا المنطلق ارتبطت العروس كما يحلو لسكانها تسمينها، بأسماء رجال أعمال أسهموا مع الحكومة من خلال مشاريعهم في بناء مدينة تعد الآن من أهم المراكز الاقتصادية في الشرق الأوسط، ومن هؤلاء إسماعيل أبوداود، وصالح كامل، وبكر بن لادن، وعبداللطيف جميل، إضافة إلى عدد آخر من رجال الأعمال الجدوايين. ونظرة سريعة على أبزر المساهمات التي قدمها رجال الأعمال"الجداويون"لمدينتهم، نجد أن إسماعيل أبوداود"شهبندر التجار"كان له دور بارز في النهضة الاقتصادية والصناعية التي شهدتها جدة من خلال مساهمة في تأسيس غرفة تجارة وصناعة جدة التي بذل الغالي والنفيس على بنائها، حتى نمت وتطورت، وأسهمت في جعل مدينة جدة مركزاً تجارياً كبيراً وحيوياً، إضافة إلى أنه يعد من أوائل من أسس المصانع في السعودية وذلك عام 1376ه، وله العديد من المشاريع الاقتصادية الكبرى. في المقابل فإن صالح كامل ساعد من خلال مؤسسة"دلة البركة"التي أسسها1975م، في إنشاء، وتشغيل، وصيانة المشاريع الرئيسة ليس على مستوى مدينة جدة فحسب بل على مستوى السعودية، وتزامنت تلك المشاريع مع تنفيذ أولى خطط التنمية وإنشاء البنية الأساسية لاحتياجات مستقبل البلاد الصناعي والعمراني، وفي القطاع السياحي تأتي مدينة درة العروس التي افتتحت عام 1997م، والواقعة على شاطئ البحر الأحمر إلى الشمال من مدينة جدة بنحو ستين كيلو متراً، من أبرز المنتجعات السياحية في المدينة الساحلية. والمتتبع لتاريخ عروس البحر يجد أن لعائلة بن لادن والتي يمثلها بكر بن لادن، دوراً كبيراً في المشاريع الخاصة بالبنية التحتية، خصوصاًَ المتعلقة بشق الطرق وبناء الجسور والأنفاق، إضافة إلى المنشآت المعمارية سواءً كانت حكومية أو تابعة للقطاع الخاص، لذا تعد"مجموعة بن لادن"والتي انطلقت من مدينة جدة من أهم شركات المقاولات ليس في السعودية بل في العالم العربي. وعلى الطرف الآخر، أسهم عبداللطيف جميل من خلال حصوله على الوكالة الخاصة لسيارات شركة"تويوتا"التي تعد من أكبر شركات السيارات في العالم في جعل مدينة"جدة"مركزاً رئيساً للشركة اليابانية على مستوى الشرق الأوسط، بعد نجاحات تحققت لمدة تجاوزت 30 عاماً. لذا فلا جدال إن قلنا إن المدينة الساحلية مقبلة على مرحلة جديدة بعد انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية ستثمر بلاشك في إحداث طفرة اقتصادية كبيرة لهذه المدينة، خصوصاً وأن رجال الأعمال في جدة، أسهموا ولا يزالون يسهمون من خلال مشاريعهم المشتركة في الشركات العالمية، في إعطاء العروس عناصر جذب استثمارية لاتحظي بها أي مدينة أخرى في السعودية.