عند وصول الوفد السعودي للمشاركة في اجتماعات المجلس الوزاري لمنظمة التجارة العالمية، منتصف كانون الأول ديسمبر المقبل، تكون مفاوضات انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، انتهت وتنتظر الإعلان رسمياً لدخول المنظمة، وتصبح العضو رقم 149 في تلك المنظمة الدولية، بعد مفاوضات استمرت أكثر من عشر سنوات، إذ مثلت الولاياتالمتحدة المحطة الأهم والضوء الأخضر أمام المملكة للانضمام لتلك المنظمة. وكانت قضية انضمام المملكة لتلك المنظمة، من أولويات أجندة عمل الاقتصاد السعودي المتجدد، وبخاصة بعد المؤشرات الإيجابية من الجانب الأميركي، إضافة إلى دول كبرى في المنظمة، المتمثل في توقيع مذكرة التفاهم الأولية للانضمام، والعمل من الجانب السعودي على إزالة كل المعوقات الخاصة بذلك. وألمح رئيس فريق المفاوضات السعودي الفني الخاص بانضمام للمملكة للمنظمة الدكتور فواز العلمي، إلى أن السعودية حققت كل ما من شأنه أن يهيئها للانضمام خلال المفاوضات التي تجريها مع المسؤولين للدول المعنية بالموافقات النهائية، للانضمام لمنظمة التجارة العالمية. وترى اللجنة الخاصة التابعة للمنظمة، التي تضم غالبية الدول التجارية الكبرى، التي كانت تراقب المفاوضات بشأن سعي المملكة للانضمام، بأن السعودية ستصبح عضواً رسمياً بعد جولة من المفاوضات تمت أمس في جنيف، ليكون اجتماع المنظمة المنتظر، من خلال المجلس الوزاري الذي سيعقد اجتماعه في هونغ كونغ، منتصف كانون الأول ديسمبر المقبل مسألة وقت يتم فيها الإعلان وبشكل رسمي عن دخول المملكة لتلك المنظمة. وبين العلمي في وقت سابق أن متطلبات الانضمام واستحقاقات العضوية في هذه المنظمة تركزت على ثلاثة محاور رئيسية تتم مراحلها بالتوازي والتزامن مع عمليات الإصلاح الاقتصادي في الدولة الساعية للانضمام. المحور الأول : يختص بإنهاء المفاوضات الثنائية مع الدول الراغبة في التفاوض مع المملكة وتنتهي بالتوقيع على اتفاق ثنائي مع كل دولة على حدة بشأن النفاذ إلى الأسواق في قطاعي السلع والخدمات. ولقد تم إلى حينه إبرام 14 اتفاقاً ثنائياً كان آخرها مع الاتحاد الأوروبي ويتبقى 15 اتفاقاً أخرى يتوقع إبرامها في غضون الأشهر القليلة المقبلة مع عدد من الدول، منها الولاياتالمتحدة الأميركية، وسويسرا، والنرويج ، وجنوب أفريقيا، والهند، وتايلاند، والفلبين وسيريلانكا. والمحور الثاني: يختص بإنهاء المفاوضات متعددة الأطراف مع مجموعة من الدول في فريق عمل مكون من 52 دولة، إذ يتم عقد جولات من لقاءات العمل محددة التواريخ تنتهي بإعداد تقرير شامل عن السياسات التجارية والاستثمارية والمالية والاقتصادية التي تطبقها المملكة، وملخص دقيق لكل الإجابات الخاصة بأنظمة المملكة ولوائحها التنفيذية وتطبيقاتها العملية في كل المجالات مثل التخصيص والدعم الزراعي المحلي ودعم الصادرات وحق المتاجرة والمشتروات الحكومية وتشجيع الاستثمار وضريبة الدخل والمواصفات والمقاييس. ولقد شاركت المملكة إلى حينه في 8 لقاءات لفريق العمل ويتوقع أن ينعقد اللقاء التاسع في نهاية الشهر الجاري لإصدار النسخة النهائية المتكاملة لتقرير فريق العمل. والمحور الثالث والأخير: يختص بإصدار الأنظمة ذات العلاقة باتفاقات المنظمة الأساسية وهي حماية حقوق الملكية الفكرية والتثمين الجمركي وتراخيص الاستيراد والتدابير الصحية والصحة النباتية والعوائق الفنية أمام التجارة. ويتم ترجمة هذه الأنظمة وتوزيعها على أعضاء المنظمة. ولدى اكتمال هذه الخطوات بنجاح تقوم إدارة المنظمة بتجميع محصلتها النهائية في وثيقة واحدة تعرض على المجلس العمومي للمنظمة ليتم التصويت عليها بالإجماع وإصدار بروتوكول الانضمام واعتماده. ويتعين على كل دولة تريد الانضمام إلى المنظمة التوصل إلى اتفاقات مع أبرز شركائها، خصوصاً في المجالين التجاري الاقتصادي، وإلغاء الرسوم الجمركية، ووصول البضائع إلى أسواقها بكل حرية، إضافة إلى تطابق قوانينها التجارية مع قواعد منظمة التجارة العالمية. ومن الأنظمة والتشريعات لمنظمة التجارة العالمية والتعريف بها، أن المنظمة أنشئت في 1995. وهي واحدة من أصغر المنظمات العالمية عمراً، إذ إن منظمة التجارة العالمية هي خليفة الاتفاق العام للتعريفات والتجارة الغات والتي أنشئت في إعقاب الحرب العالمية الثانية. وعلى رغم أن منظمة التجارة العالمية ما زالت حديثة فإن النظام التجاري متعدد الأطراف الذي تم وضعه في الأصل تحت"الغات"قد بلغ عمره 50 عاماً. احتفل النظام باليوبيل الذهبي في جنيف في 19 مايو 1998 في حضور العديد من رؤساء الدول وقادة الحكومات. ولقد تطور النظام من خلال سلسلة من المفاوضات أو الجولات التجارية التي انعقدت تحت راية"الغات"، فقد تناولت الجولات الأولى بصفة أساسية خفض التعريفات. وشملت المفاوضات التالية مواضع أخرى مثل مقاومة الإغراق والإجراءات التي لا تخص التعريفات. أدت الجولة الأخيرة من 1986 إلى 1994 إلى إنشاء منظمة التجارة العالمية. قوانين المنظمة وأنسياب التجارة تعتبر منظمة التجارة العالمية هي المنظمة العالمية الوحيدة المختصة بالقوانين الدولية المعنية بالتجارة ما بين الأمم. إن مهمة المنظمة الأساسية هي ضمان انسياب التجارة بأكبر قدر من السلاسة واليسر والحرية. وتتخذ القرارات في منظمة التجارة العالمية في العادة بإجماع أصوات الدول الأعضاء ثم يتم إقرارها لاحقاً من خلال برلمانات الدول. وتحول أية خلافات تجارية إلى آلية تسوية المنازعات في المنظمة، حيث يتم الاحتكام إلى الاتفاقات والمعاهدات لضمان أن النظم والسياسات التجارية للدول تتوافق معها. وبهذا الأسلوب فإن مخاطر تحول المنازعات إلى صراعات سياسية أو عسكرية تنخفض كثيراً. وبتقليل الحواجز في التجارة تؤدي أنظمة منظمة التجارة العالمية إلى تقليل الحواجز ما بين الأمم والدول. إن محور النظام المعروف بالنظام التجاري المتعدد الجوانب هو اتفاقات منظمة التجارة العالمية التي وقعتها غالبية دول العالم التجارية وأقرتها برلماناتها. تعد تلك الاتفاقات الأسس والقواعد القانونية للتجارة الدولية وهي في أساسها عقود تكفل للدول الأعضاء حقوقاً تجارية مهمة، كما تلزم الحكومات بأن تحافظ على استمرارية سياساتها التجارية في إطار حدود مقبولة بشكل يحقق مصلحة الجميع.