هل تفطر الحامل والمرضع؟ هل يجوز للمرضع التي تخشى أن يجف ثديها أن تفطر في رمضان؟ وكذلك المرأة الحامل التي تريد أن يتغذى ولدها وينمو نمواً صحيحاً وتخشى أيضاً أن يتضرر فهل لها أن تفطر أيضاً؟ وهل الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على نفسيهما كما لو أفطرتا خوفاً على ولديهما؟ - اتفق الفقهاء في الجملة على أن الحامل والمرضع، إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما، على أن لهما الفطر إلحاقاً لهما بالمريض، فالحامل تعتبر في حكم المريض، وكذلك المرضع ألحقها المالكية وغيرهم من حيث الاسم بالمريض، ولأثر ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله سبحانه وتعالى:"وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"البقرة: 184 أن هذه في الشيخ الكبير، والمرأة المسنة، والحامل والمرضع . وحديث أنس بن مالك الكعبي قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدته يتغدى فقال:"ادن فكل"فقلت: إني صائم، فقال:"ادن أحدثك عن الصوم أو الصيام، إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم أو الصيام"رواه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي حديث حسن، وفي بعض النسخ حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة، وجمع من أهل العلم، وأعله بعضهم بالاضطراب، لكن جاءت آثار كثيرة عن الصحابة تشهد لهذا المعنى، لكن يفرق بين ما إذا كان فطرها خوفاً على نفسها، أو خوفاً على ولدها، فإن خافت على نفسها حاملاً أو مرضعاً فهي تقضي ولا شيء عليها"لأنها في حكم المريض الذي يقضي تماماً وليس عليه شيء فيفطر ويقضي إذا زال عذره وليس عليه كفارة، وهذا لا إشكال فيه، وهو قول الجمهور. أما إن أفطرت الحامل أو المرضع خوفاً على ولدها، بمعنى أنها إذا لم تأكل ربما تضرر ولدها، أو أنها تحتاج أن تتناول علاجاً لولدها، وهكذا المرضع لو لم تأكل لجفَّ ثديها، ولم يجد الصبي ما يرضعه، فأفطرتا خوفاً على ولديهما ففيه ثلاثة أقوال: الأول: أنها تفطر وتقضي وتطعم عن كل يوم مسكيناً، وهذا قول الحنابلة، وهو مأخوذ من الآية"وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"البقرة: 184، والكفارة في هذه الحالة على ولي الطفل، وليس بالضرورة أن يكون زوجها، واختار ابن عقيل أن الكفارة على المرأة، والصحيح الأول. الثاني: أنها تفطر وليس عليها قضاء، وتطعم عن كل يوم مسكيناً، وهذا الإطعام يكفيها عن قضاء الصيام، وهذا جاء بآثار صحيحة عن ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم -. وهذا القول في تقديري ضعيف"لأنه مخالف للأئمة الأربعة، وجمهور التابعين والفقهاء، ومن أهم الأدلة على ضعفه قول الله - سبحانه وتعالى -:"فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر"البقرة: 184، ولا يعذر بالفطر من غير بدل إلا العاجز الذي لا يستطيع القضاء مثل المريض الذي لا يرجى برؤه، فهذا القول ضعيف، وإن كان صح عن ابن عمر وابن عباس، فهو قول لهما لم يرفعاه إلى النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. الثالث: أنها تفطر وتقضي، وليس عليها كفارة، وهذا مذهب أبي حنيفة، وهو قول جماعة من التابعين كعطاء والزهري والحسن وسعيد بن جبير والنخعي وغيرهم. وفي تقديري أن هذا القول هو أعدل الأقوال وأحسنها"فإنّ جمع الكفارة والقضاء عليهما فيه نظر ولا دليل قوياً عليه، ولهذا كان الأجود أن يقال: عليهما القضاء وليس عليهما الكفارة"لأن السبب الذي أفطرتا به سبب شرعي، سواء تعلق بهما أو تعلق بولدهما. أ ه، بتصرف.