في الصحيحين عن سهل بن سعد أن رسول الله r قال: إن في الجنة باباً يقال له: الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد"، لفظ البخاري. الحديث عن أبواب الجنة له معان ودلالات جليلة في كل حين، ولكنه في شهر رمضان يكون أضعاف ما في غيره. 1/ في رمضان تفتح أبواب الجنة كلها، وهذا يذكِّر بالجنة وسرورها، فتفتيح أبوابها علامة أمنها وأمارة انشراحها ومن بها، قال الله تعالى: جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأَبْوَابُ [ص: 50. 2/ اختصاص الصائمين بباب الريان من أبواب الجنة يدل على فضل الصوم، والمراد بالصائمين هم من أتبعوا صيام الفرض بصيام النوافل، ذلك أن كل مسلم لا بد أن يكون من أهل رمضان وصومه، فدل على أن الاختصاص هو في من أتبع الفرض بنوافل الصوم . 3/ حال أبواب الجنة بعد دخول أهلها إليها كحالها إذا دخل رمضان حتى ينقضي، والداخلون للجنان المتكئين على أرائكها الرافلون في نعيمها هم من إذا دخل رمضان كان لهم فيه مع ربهم من الصلة والإحسان بجوارحهم وألسنتهم وقلوبهم أعظم الشأن وأحسن الحال. فتنعُّم قلوب أهل رمضان كتنعم أهل الجنان فيها، أُنساً بمولاهم وطاعته، وشوقاً لربهم ورؤيته. 4/ عدد تلك الأبواب ثمانية، ففي صحيح البخاري عن النبي r قال:"في الجنة ثمانية أبواب"، والمراد والله أعلم الأبواب الأصول الكبار، ولكل باب عمل يختص به، وبين هذه الأبواب أبواب دونها، كالفروع عنها، كما يكون في الباب الصغير المسمى الخَوخَة ويكون دونها في السعة والعظمة. 5/ من صفات تلك الأبواب وسعتها: ما بيَّنه قول النبي r:"والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصارع الجنة لكما بين مكة وهجر، أو هجر ومكة"وفي لفظ:"لكما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبُصرى"، متفق على صحته. ومصراعا الباب جانباه. وعلى رغم سعة هذه الأبواب فسيأتي عليها يومٌ تزدحم فيه، ففي صحيح مسلم عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه أنه قال: ولقد ذُكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام". 6/ أول من تُفتح له أبواب الجنة هو سيدنا ونبينا محمد r، فقد ثبت في صحيح مسلم أنه أول من يستفتح باب الجنة، وفي رواية عند الترمذي قال r:"فآخذ حلقة باب الجنة فأقعقعها، فيقال: من هذا؟ فأقول: محمد، فيفتحون لي ويرحبون، فأخِرُّ ساجداً"، وفي رواية عند مسلم:"فيقول الخازن: مَنْ؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أُمرت أن لا أفتح لأحدٍ قبلك". 7/ ولأبواب الجنة حلقات يُمسك بها، قال رسول الله r:"فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها"رواه الترمذي، قوله: أقعقعها: أي أحركها، قال ابن القيم: وهذا صريح في أنها حلقة حسية تحرك وتقعقع. 8/ أهل التوحيد الخالص من الشرك من هذه الأمة المحمدية لهم بابٌ لا يدخل منه سواهم، ففي الصحيحين أنه يقال لنبينا محمد r يوم القيامة:"يا محمد أدخل من أُمَّتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب". 9/ إذا كان المسلم سبَّاقاً لأعمال البر المتنوعة فإنه يكون مؤهلاً لأن يدعى من كل أبواب الجنة لدخولها، وهذا ما بشر به النبي r أبا بكر الصديق رضي الله عنه. 10/ سمي باب الصيام الريان من الري الذي هو ضد العطش، وهذا مما وقعت المناسبة بين لفظه ومعناه، لأنه مشتق من الري وهو مناسب لحال الصائمين. وبعد: فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة ووالدينا والمسلمين. آمين. * داعية إسلامي[email protected]