لم يكن أمام إدارة المدرسة إلا استدعاء ولي الأمر، وإنهاء المشكلة بطرد الفتاة موقتاً مدة ثلاثة أيام، والسبب التطاول على المعلمة، والشغب المستمر داخل أروقة المدرسة. حكاية تكررت، وتتكرر داخل مدارس البنات بنوعيها الخاص والحكومي، خصوصاً في مرحلتي المتوسطة والثانوية، وانتقلت أيضاً إلى الكليات والجامعات. لكن الواقع، أن هذه الظاهرة تنتشر في شكل واسع في مرحلتي المتوسطة والثانوية التي يعدها علماء النفس، والأخصائيين الاجتماعيين"الأخطر في طور النمو، لأنها فترة المراهقة وتحمل مفاجآت إلى الوالدين، المعلمين والأصدقاء، إذ يحدث التطاول بالألسن، والتشابك بالأيدي بين الفتيات، والشللية. معلمة الأحياء جمانة زايد تعرضت إلى مثل هذه المواقف أكثر من مرة، ليس على الصعيد الشخصي فقط، بل رأتها تحدث لبعض الزميلات أيضاً، وتقول:"قبل سنوات عدة، لم تكن البنت تطمح أكثر من نيل الشهادة العلمية التي تؤهلها الى إكمال دراستها الجامعية، حتى أنهن واجهن معارضة من عائلاتهن، ومع هذا لم ييأسن من إقناع ذويهن بمتابعة الطريق، بل طلبن السفر إلى الخارج، كي يحققن طموحهن العلمي. هذه الصورة التي طالما تعودنا عليها لم تعد بذات النسق، بل أصبحت غير واضحة المعالم". وتضيف جمانة:"اليوم تقلد الفتاة الجنس الآخر في طريقة الحديث، والملابس، وتناول الأطعمة، والخروج مع صديقاتها من دون توخي الحذر، أو العودة لوالدتها ولو في أبسط الأمور، فنحن بصدد مواجهةِ ازدواجية العمل من تربية خلقية، وتعليم". تجارب من واجهن العنف، كثيرة. تحكي هنادي الأحمدي التي تعرضت إلى موقفٍ في أول سنة من حياتها الجامعية، عندما قررت التوقف عن إعطاء إحدى الفتيات، محاضرات تتغيب فيها الأخيرة. وكان طلبها عنوة حتى ولو كانت ظروف هنادي لا تسمح بكتابتها لها، وتقول:"أتذكر هذه الحادثة على رغم مرور ثلاث سنوات، لم أكن أعلم أنها تتغيب عن المحاضرات قصداً، إلى أن أفشت سرها صديقتها، وعندما أبديت الاعتراض، واجهت سيلاً من الألفاظ البذيئة، بل تجاوزتها إلى تهديدات تلقيتها عبر هاتف المنزل، إضافة إلى تلفيقها كثيراً من التهم الشنيعة، ولولا أن والديّ يثقان بتربيتهما، لما حُمدت العاقبة". وتضيف هنادي:"لم أجد حلاً سوى انتقالي إلى دراسة تخصص آخر، وبالتالي لن تجمعنا أية محاضرات". "مثل هذا النوع من السلوك تمارسه الفتاة حتى مع أقرب الناس إليها"، هذا ما توضحه هند التي اشتكت من سلوك أختها الصغرى"حين بدأت في السيطرة على إخوانها الأصغر سناً، إما بالضرب، أو عمل مؤامرة ضدهم، فينقلب البيت رأساً على عقب". وتقول أيضاً:"كثيراً ما كنت أشاهد أختي تكتب رسائل التهديد، وترسم عليها بعض الشعارات المخيفة، وعند سؤالها تجيب ببرود: هذه احدى أهم الوسائل التي أتسلى بها، وأخيف فيها بنات الصف". وعما آلت إليه أخت هند، تقول:"فُصلت من المدرسة، بعدما اكتشفت معلمتها الأمر، وتبين أنها كانت تقلد ما رأته في فيلم، أعجبها، وبما أنها مستعدة نفسياً، فلم يكن من الصعب تطبيق العمل".