لم تعد السقاية والرفادة حكراً على قصي بن كلاب وأبنائه من قبيلة قريش المكية قبل الإسلام، بل أصبحت متاحة لمساهمة جميع المسلمين عن طريق لجنة السقاية والرفادة في منطقة مكةالمكرمة المكونة، من 15 جهة خيرية على غرار مناصب قريش ال15، التي قسمتها قريش بين بطونها المختلفة لتحفظ التوازن بينها، عبر تقاسم شرف مناصب السدانة والسقاية والرفادة. ويقول وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية إحسان طيب"إن الرفادة والسقاية قبل الإسلام اختلفت كثيراً عن رفادة 2005 التي لا يقتصر توزيعها على الحجاج في مكة، بل تتعدى إلى الدول الإسلامية عن طريق بنك التنمية الإسلامي". وتظل السقاية والرفادة تمثل طموحاً عظيماً لجميع تيارات المجتمع حتى الآن والدليل التنوع الطائفي والفكري لمن يسهم في هذا الأمر، فتجد رجال الأعمال والمنتمين إلى اليمين واليسار يقفون سوياً للتنافس على عمل الخير في هذا الموسم. وظلت الرفادة على مر التاريخ تسهم في رفع أسهم المتبنين لها، ولعل هذا الأمر ما أجبر عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب على الرحيل، عندما حدث أن مرت فترة جدب وقحط في مكة، وعانت منها قريش، إذ رحل عمرو إلى فلسطين واشترى كمية كبيرة من الدقيق، فقدم به إلى مكة، وصنع منه خبزاً وذبح الذبائح، وصار يهشم الخبز لقومه، فأطلقوا عليه اسم"هاشم"بدلاً من اسمه الأصلي"عمرو". وارتفع شأن هاشم في أرجاء الجزيرة العربية بسبب ذلك. ولكن الرفادة تعرضت لمراحل صعبة حتى في التاريخ القريب السعودي وهو ما جعل طيب يقول"الرفادة تعرضت إلى حالات من القوة والضعف على مر التاريخ فقبل 60 عاماً كادت تختفي الرفادة والسقاية في وقت شحت فيه المياه وقلّت الأموال في أيدي الناس". أما الرفادة اليوم فقد انتقلت من همّ توفيرها إلى طريقة توزيعها وتقديمها إلى الناس في أحسن صورها، ولكن التوزيع العشوائي للوجبات والمياه في السنوات الماضية جعل وزارة الشؤون الاجتماعية تطلب من لجنة السقاية والرفادة تنظيم توزيع الوجبات بين الحجاج. وهنا يبدو أن طلب وزارة الشؤون الاجتماعية لقي التنفيذ من اللجنة، إذ يقول رئيس قسم الحج في لجنة السقاية والرفادة عبد الله الحواس:"إن توزيع الوجبات هذا العام يختلف كثيراً عن السابق، إذ سيتم عمل حواجز حديدية لضمان تنظيم التوزيع وعدم حدوث إصابات بين الحجاج". موضحاً أنه"سيتم توزيع أكثر من خمسة ملايين وجبة جافة في جميع المشاعر، إضافة إلى أكثر من مليون وجبة ساخنة وأكثر من مليوني عبوة مياه".