أبدى مرشحون يعتزمون خوض الانتخابات البلدية في المنطقة الشرقية تحفظهم على تأجيل مرحلة قيد المرشحين حتى انتهاء فترة قيد الناخبين، التي تختتم في مدن المنطقة الشرقية اليوم، بعدما وصل عدد المسجلين إلى أكثر من 115 ألف ناخب. وكانت فترة قيد الناخبين التي استمرت شهراً شهدت جدلاً كثيراً، خصوصاً في ما يتعلق بحجم الإقبال على التسجيل. وتبدأ فترة تسجيل المرشحين بعد عطلة عيد الأضحى في 19 ذو الحجة 30 كانون الثاني- يناير الجاري. والمتوقع أن يتقدم لخوض الانتخابات نحو 150 مرشحاً يتنافسون على 56 مقعداً في 16 مجلساً بلدياً. الهرم المقلوب تحفظ مرشحون التقتهم "الحياة" على بعض إجراءات الانتخابات. ويرى سعد تركي العطيشان رجل أعمال الذي يعتزم ترشيح نفسه للمجلس البلدي في حاضرة الدمام أن الانتخابات كان يفترض أن تبدأ بمرحلة تسجيل المرشحين، قبل قيد الناخبين، "لما تتضمنه من دعاية بسيطة للمرشح، خصوصاً حين تترافق مع التعريف ببرنامجه الانتخابي، فضلا عن دعوة المرشح المواطنين إلى التسجيل". ويضيف أن "معرفة الناخبين بالمرشح تحضهم على الإقبال على التسجيل". ويتفق أمين العقيلي مدير مدرسة الذي يعتزم ترشيح نفسه للمجلس البلدي في محافظة القطيف مع هذا الرأي، فهو يرى أن الإعلان عن أسماء المرشحين "قد يساعد على زيادة الإقبال على التسجيل، فلكل مرشح أصدقاء وأقارب ومعارف، وحين يعلمون أنه ترشح فسيبادرون إلى التسجيل، كما أن المرشح قد يشجع الناس مباشرة على التسجيل". ويعتقد نادر محمد الخنيزي متقاعد من "أرامكو" الذي ينوي خوض الانتخابات للوصول إلى المجلس البلدي في القطيف، أن "قاعدة الهرم المقلوب هي الأنسب في هذا المجال". ويقول: "إذا كان هناك ضعف في مرحلة تسجيل الناخبين فإن إعلان أسماء المرشحين سيساعد على تجاوز هذا الضعف". ويستشهد مرشح آخر للمجلس البلدي في محافظة حفر الباطن، رفض ذكر اسمه، بما حدث في محافظته، "فالعازمون على ترشيح أنفسهم أدًّوا دوراً كبيراً في دفع الناس إلى التسجيل في الانتخابات، لذا شهدت حفر الباطن إغلاق مركزين انتخابيين". وفي المقابل، يرى الدكتور عادل الغانم استشاري جراحة الذي ينوي الترشح للمجلس البلدي في القطيف، أن ليس هناك رابط بين منع المرشحين من إعلان أسمائهم قبل بدء مرحلة قيد الناخبين، وضعف الإقبال على التسجيل. ويقسم المواطنين إلى ثلاث فئات، "فهناك من لا يعلمون شيئاً عن الانتخابات البلدية، وهناك شريحة لا تأمل أن يكون للمجلس دور كبير في الارتقاء بالخدمات البلدية، والفئة الأقل هي التي تربط بين التسجيل في كشوف الناخبين، وبين إعلان أسماء المرشحين مسبقاً". ضعف اللجنة الإعلامية لكن جعفر الصفواني، الذي يعتزم ترشيح نفسه للمجلس البلدي في القطيف يعزو ضعف الإقبال إلى قصور أداء اللجنة الإعلامية للانتخابات البلدية في المنطقة، "لم يكن لها نشاط يذكر، خصوصاً خارج مدينة الدمام، فالنشاط الإعلامي لم يصل إلى عوام الناس، وأخشى من حقيقة أن كل المسجلين حتى الآن كانوا من نخبة المجتمع". ويتفق الخنيزي مع الصفواني على قصور أداء اللجنة الإعلامية. ويقول: "تسبب ضعفها في قلة الإقبال، وكان بإمكان القيمين عليها تكثيف البرامج التلفزيونية التي تشجع الناس على المشاركة، مثل الإعلان عن الانتخابات في المحطات الفضائية، مثل التلفزيون السعودي والإخبارية وبعض المحطات الأخرى مثل "أم بي سي". وأن يسمح للجان الأهلية التي تشجع الناس على المشاركة في الانتخابات بالعمل". وفي المقابل يشيد مرشح في محافظة الأحساء، رفض ذكر اسمه، بأداء اللجنة الإعلامية في محافظته. ويقول: "كانت نشطة جداً، ولم تكتف بالوسائل التقليدية، مثل الاقتصار على ما نشر في الصحف واللوحات المعلقة في الشوارع، بل تعدت ذلك إلى الذهاب إلى الناس في أماكن تجمعهم، وإيصال الرسالة لهم". غير أن الخطوة الأهم للجنة الإعلامية، من وجهة نظر هذا المرشح، هي "تشجيع ودعم النشاط الإعلامي الأهلي، فمن لا يملك الثقة في كلام المسؤول قد يثق في كلام المواطن العادي، خصوصاً إذا كانت له مكانة اجتماعية". وفي هذا السياق، يسجل سعد العطيشان إشادة "بالدور الذي أداه خطباء المساجد في تشجيع المواطنين على المشاركة في الانتخابات". ويقول "كان لهم دور بارز في توعية الناس بأهمية المشاركة". بيد أن مرشحين آخرين يعتبرون ضعف الإقبال أمراً طبيعياً، "فهي التجربة الانتخابية الأولى"، كما يقول أمين العقيلي. ويسجل إشادته بخطوة "توزيع النشرات التي تدعو إلى المشاركة في الانتخابات على طلاب المدارس، فهذه النشرات وصلت إلى البيوت، أي إلى الآباء". واعترض مرشح للمجلس البلدي في رأس تنورة، رفض الكشف عن اسمه، على توجيه مزيد من اللوم والعتاب إلى اللجنة الإعلامية، "فأعضاؤها اجتهدوا في جوانب معينة، ولم يوفقوا في جوانب أخرى". لكنه يشدد على "ضرورة أن تستفيد لجنة المنطقة الشرقية واللجنة المركزية في الرياض من أخطاء هذه الدورة في الدورات المقبلة". الخيمة الانتخابية لكن واحداً من الأسئلة الأكثر إلحاحاً هو: "كيف سيروج المرشحون أنفسهم؟". وعندما طرحت "الحياة" السؤال على عدد من المرشحين، لمست تبايناً لافتاً في مفهومهم لعملية الترويج. وتمنى سعد العطيشان أن "تتاح الفرصة للمرشح لاستخدام الوسائل الإعلامية، مثل الصحف أو اللوحات الإعلانية في الشوارع، كما يحدث في دول أخرى، وعدم الاقتصار على استئجار صالة في فندق، أو وضع خيمة". ولا يقلل من هذا التوجه، مشيراً إلى "أهمية هذه الخطوة لشرح البرنامج للناس". إلا أن ذلك لم يمنعه من القول بأهمية "استخدام الوسائل الإعلامية لما تتميز به من سرعة في الوصول إلى المواطن. وشرح طبيعة البرنامج الانتخابي، خصوصاً أن ذلك أمر عادي يحدث في كل الدول التي تقر مبدأ المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار". وبدأ مرشحون نصب الخيام الانتخابية باكراً في عدد من مدن المنطقة الشرقية، ففي محافظاتحفر الباطن والنعيرية وغيرهما من المناطق ارتفعت خيام في الساحات العامة. لكن آخرين يرفضون هذه الوسائل التقليدية مثل نادر الخنيزي الذي يرفض إنشاء مخيم لحملته الانتخابية، "فالأمر لا يستحق، فهناك وسائل أخرى أصل من خلالها إلى الناخبين، كما قد تكون النتائج عكسية في حال أسرف المرشح في الترويج الإعلامي لنفسه". بيد أن الدكتور عادل الغانم يرى أن إنشاء الخيمة ضرورة، "كي يتمكن المرشح من خلالها من الترويج لبرنامجه الانتخابي، سواء بالحديث المباشر مع المواطنين أو بعرض المطويات والمطبوعات". ولم يقتصر طموح الغانم على ذلك، فهو ينوي زيارة الديوانيات وتجمعات المواطنين، "كما سأشكل فريقاً انتخابياً مكوناً من ستة إلى عشرة أشخاص مؤمنين ببرنامجي الانتخابي". ويتفق كل من أمين العقيلي ونادر الخنيزي على دور العلاقات الشخصية في وصول الناخب إلى المرشح، "فمن يملك علاقات اجتماعية واسعة واتصالاً مع الجمهور، وكان له دور بارز في الخدمة الاجتماعية سواء من خلال الأندية الرياضية أو الجمعيات الخيرية واللجان الأهلية الأخرى، سيحظى بدعم الناخبين، لأنهم يتوقعون منه أن يخدمهم مستقبلاً، كما خدمهم سابقاً". موازنة مليونية تتراوح الموازنات التي وضعها مرشحون التقتهم "الحياة" بين 50 و250 ألف ريال. وقال أحدهم: "لا أعرف الأنظمة التي ستعلن لتقنين الحملات الانتخابية، وبعدما تتضح سأحدد موازنتي. كما سأراقب الآخرين، لتحديد الخطوط العريضة لحملتي الانتخابية". وأبدى مرشح للمجلس البلدي في الخبر، رفض الكشف عن اسمه، استعداده لدفع مليون ريال موازنة لحملته الانتخابية. وقال: "استفدت من بيت خبرة عالمي متخصص في تقديم الاستشارات لمرشحي الانتخابات البلدية، كما اعتزم استقطاب المفاتيح الانتخابية المميزة مديري الحملات لإدارة حملتي، وهناك المخيم والمطبوعات والصور والإعلانات في الصحف وربما في التلفاز، وكل هذه الأمور وغيرها تحتاج إلى الكثير من المال". ويبدي أمين العقيلي تحفظه على عدم السماح بإقامة تكتلات انتخابية. ويتساءل: "كيف يسمحون بإقامة الخيم الانتخابية ونشر الإعلانات في الصحف وإقامة الندوات والمحاضرات، ولا يسمحون بالتكتلات؟", لكن جعفر الصفواني يرى "أن ذلك لن يؤثر كثيراً في وصول المرشح إلى الناخب والترويج لنفسه". ويتفق معه نادر الخنيزي، ويقول: "لا أعلم سبب منع التكتلات، فهي مسموحة في الدول الأخرى، بما فيها المجاورة لنا". وفي المقابل، لا يعترض الدكتور عادل الغانم على عدم السماح بالتكتلات، "فهذه أول تجربة، وقد تكون التكتلات غير مناسبة في هذه المرحلة". لكنه يعتقد أن التكتلات قد يسمح بها، "بعدما تتبلور التجربة". وعلى أرض الواقع، بدأ مرشحون التنسيق في ما بينهم، وشكلوا تكتلات غير معلنة. ويقول مرشح: "نسقت مع مرشحين يتوافقون معي في البرنامج الانتخابي، فأصواتهم قد تساعدني في الوصول إلى المجلس البلدي، والعكس". ويبدي أمين العقيلي تحفظه على "عدم تفرغ عضو المجلس لعمله في المجلس"، لكنه يقول: "قد يستطيع أن يوفق بين عضوية المجلس وعمله الأساسي، وفي حال تعارض الوظيفتين، قد يضحي بالعضوية أو الوظيفة". ويضيف: "قد يجد المسؤولون في وزارة الشؤون البلدية والقروية حلاً لهذا الأمر". وعلى رغم أن نادر الخنيزي أصبح متفرغاً بعد تقاعده من العمل، فإنه لا يشترط التفرغ لعضوية المجلس. لكنه يقول إن "بعض الوظائف قد تستلزم بقاء الموظف فيها عشر ساعات، وبعضها في مناطق بعيدة من مكان المجلس، فكيف ستتاح الفرصة للعضو لحضور الجلسات، ومراقبة عمل البلدية، والمشاركة في اللجان واقتراح المشاريع". وفي المقابل يرى الدكتور عادل الغانم أن "لا تعارض بين وظيفة العضو وعضويته في المجلس، فهناك جلسة واحدة شهرياً، إلى جانب ما قد يدعو إليه رئيس المجلس من جلسات بالتنسيق مع بقية الأعضاء، وهناك وقت كاف". تحفظات أخرى لم تقتصر تحفظات المرشحين على هذه الجوانب، فسعد العطيشان لا يؤيد استبعاد النساء من المشاركة، "فالمرأة لها حق الانتخاب، خصوصاً أنها وصلت إلى مراحل متطورة من التعليم والفكر. وهي في الوقت نفسه ملتزمة بالضوابط الشرعية والأسرية، إلى جانب عملها، سواء كانت صاحبة عمل أو موظفة". لكنه يقصر دور المرأة على "الانتخاب من دون الترشح", ولا يستبعد "مشاركتها المستقبلية في الانتخابات". ويطالب بزيادة عدد أعضاء المجلس البلدي في الدمام إلى 20 عضواً "فالعدد قليل جداً، خصوصاً أن حاضرة الدمام تضم ثلاث مدن رئيسة الدماموالخبر والظهران تشكل ثقلاً سكانياً واقتصادياً وصناعياً في المنطقة. وتتمتع به كل منها بما يشبه الاستقلال". أما نادر الخنيزي فيتمنى توسعة نشاط المجلس البلدي، "ليشمل كل الخدمات البلدية، بما فيها الصحة والتعليم والطرق وغيرها. كما هو معمول به في بعض الدول".