ضمن نماذج قليلة على صعيد الإخراج التلفزيوني في السعودية والخليج، يأخذ المخرج خالد الطخيم مكانته.فهو، وفي مختلف أعماله التلفزيونية، دائما يبحث عن الجديد، في الصورة وفي لغة الكاميرا وفي مسرحة الحدث الدرامي. إلى جانب ذلك، هو مثقف ولديه رؤية نقدية نابهة، حول قضايا وأمور درامية وفنية عدة، ومخرج مهموم بفنه وبواقع الدراما في السعودية وفي منطقة الخليج، وبطرح أسئلة جديدة، عن كيفية استيعاب المشكل الاجتماعي، في قالب درامي فني متميز وممتع للمتلقي. وهنا حوار معه... ترافقت بدايتك في الإخراج مع البدايات الحقيقية للتلفزيون السعودي، وأخرجت حينها أول برنامج تحت عنوان"أوراق ملونة"...حدثنا عن تلك البداية؟ - قبل التخرج من جامعة الملك سعود، كلية الآداب قسم الإعلام، كنت أعمل في وزارة الإعلام. كنت أدرس وأعمل في الوقت نفسه، وكانت لدي رغبة في الدخول إلى كواليس التلفزيون لأنني كنت أعشقه، وحتى أمتلك الخبرة. وهذا ما حدث فعلاً إذ تعلمت أموراً عدة، قبل أن أسافر إلى بريطانيا لدراسة الإخراج. وعقب الدراسة، أخرجت أول عمل تلفزيوني، وكان برنامج منوعات اسمه"أوراق ملونة"1985، مثلما ذكرت أنت، ثم أخرجت"صوت وصدى"للكاتب المسرحي محمد العثيم، وكان ذلك أيضاً أول مسلسل بالنسبة لي كمخرج محترف. وكما قلت، ترافقت بداياتي مع بداية التلفزيون الفعلية، إضافة إلى بدايات أغلب الممثلين، منهم الراحل بكر الشدي وراشد الشمراني وناصر القصبي. تجربتك في الإخراج التلفزيوني استمرت الآن ربع قرن، ما الذي تراه تغير خلال هذه المدة الزمنية الطويلة، على صعيد الإخراج التلفزيوني؟ - الإخراج موهبة في الأساس. كما أنه لا يوجد لدينا تخصصات أو مؤسسات رسمية أو سواها يمكن أن تخرج مخرجين, فعلى سبيل المثال ليس كل من تخرج في كلية الإعلام في تخصص إذاعة وتلفزيون يعتبر مخرجاً. فهذا التخصص ليس له أي علاقة بالإخراج. وأضيف أيضا أننا في السعودية شبه معدمين من الأعمال التلفزيوينة، فلا يوجد سوى أعمال متواضعة فنياً. ونحن لا نزال متأخرين عن دول الخليج ليس فقط في الإخراج، بل حتى في الإنتاج والممثلين، على رغم أن بداياتنا كانت واحدة،أي في الستينات الميلادية من القرن الماضي. اللافت في الأمر أنني و قبل نحو عشرين عاماً، قمت بدراسة علمية حول الانتاج التلفزيوني، وخلصت فيها إلى أن عدد الأعمال التي أنتجت داخل السعودية أبرزت عدداً من المخرجين أكثر من الآن. في رأيك أين تكمن المشكلة في عدم وجود مخرجين، على مستوى كبير من الوعي والإدراك، للجوانب الفنية وأهميتها في العمل التلفزيوني؟ - حتى لا أكون متشائماً، أود القول إن لدينا عدداً من المخرجين منهم سعد الفريح وسليمان الثنيان وإبراهيم الحمدان, لكن المشكلة الأساسية عندنا، تتمثل في قلة الأعمال السعودية. وكذلك عدم وجود كتاب قادرين على كتابة أعمال درامية قوية، يعتبر جزءاً من المشكلات التي نواجهها. لا يتوافر عندنا أيضاً مساعدي مخرجين، ويوجد عندنا مساعدون مخرجون ومنفذون. المشكلة في الأعمال السعودية، ان القصور الحاصل ليس من طرف واحد، بل من عدة أطراف مشتركة حتى يصبح عملا رائعا. فعلى سبيل المثال لو توافرت موازنة كبيرة، كتلك التي وفرها تلفزيون قطر خلال السنوات الثلاث الماضية، لأنتجنا أعمالاً تنافس ما قدم على المستوى العربي وليس الخليجي فقط، ولاستطعنا أن نأتي بأفضل النجوم, لأن مشكلة الإنتاج هي مشكلة مالية بحتة. على سبيل المثال المخرج المتميز أحمد المقله، ما الذي جعله يتميز؟. الجواب بسيط إنه الإنتاج. إضافة إلى الإخلاص والأمانة وبذل مجهوداً كبيراً لإنجاز العمل. شهد عملك الأخير"القادم الغريب"، انتقادات حادة، حول لغة الحوار وابتعادها عن اللغة نفسها في المجتمع السعودي، الأمر الذي عده المتابعون عيباً فنياً…ماذا تقول؟ - لا يوجد عمل فني متكامل من النواحي كافة. فكل عمل من الأعمال التي نشاهدها سواء محلية أو عربية، لا تخلو من عيوب أو هنات فنية. هذا ليس تبريرا عن القصور في"القادم الغريب"، لكنني أقول إنني تدخلت في اللغة الحوارية كثيراً، وقد حقق العمل نسبة لا بأس بها من تقبل المجتمع السعودي، غير أنه لا يعني أنني راضٍ تمام الرضا. في الآونة الأخيرة، برزت مشكلة احتكار الممثلين، والتي عانى منها بعض المخرجين والمنتجين أيضا… هل تعتقد أن مثل هذه المشكلة قد تعيق تطور الدراما؟ - هذه مسألة مضحكة حقاً. وشخصياً أعتبر الاحتكار شيئاً سخيفاً، بخاصة عندما نتذكر أننا لا ننتج سوى ثلاثة أعمال درامية طوال السنة. المؤسف أن النجوم لدينا، اشتهروا على حساب المقابلات، وليسوا ممثلين نجحوا بقدراتهم العالية على التمثيل. وكذلك من المبكر أن يلتزم الممثل نفسه جهة واحدة تتبناه، خاصة حين يكون في حاجة إلى اكتساب الخبرة. الممثل يحتاج باستمرار إلى الاحتكاك والتطوير. بعد إخراج عدد من الأعمال التلفزيونية المتميزة، ألا تفكر في اقتحام السينما بفيلم يقدم رؤيتك الفنية في شكل جديد؟ - وجود السينما في المجتمع، يعتبر مسألة أساسية. وهناك حاجة ماسة إلى توافر مثل هذا الفن الرفيع، فمن الضروري أن يشاهد الناس هنا السينما كما في كل مكان. لكنني أرى أنه متى ما تحول العمل السينمائي إلى حاجة اجتماعية، ستوجد السينما لأن المجتمع يريد ذلك. ولكن لو تصورنا أن هناك فيلماً سينمائياً أنتج في السعودية، فأين نذهب به عندها؟ فلا يوجد دور عرض، وبالتالي لن يكون هناك عائد مادي للفيلم، ومن المعروف أن موازنة الأفلام السينمائية ضخمة، وتأتي أضعاف تكاليف انتاج العمل التلفزيوني مرات عدة. وما يجعل السينما نادرة حتى في دول الخليج، هو ما تطلبه من انتاج ضخم يكلف مبالغ طائلة. أخيرا، ماذا عن جديدك، ما العمل الذي تستعد له الآن؟ - لدي قصة مسلسل بعنوان"أوراق سجينة"،للكاتب عبد الرحمن الضحاك، وسيشترك فيه نخبة من الممثلين من السعودية والخليج، وفي مقدمهم الفنانة الكبيرة سعاد عبد الله. من المتوقع أن يكون العمل كبيرا على صعيد الدراما الخليجية، وأتمنى أن يجد أصداء جيدة على مستوى الدراما العربية.