تقول وزيرة الإعلام المصرية درية شرف الدين إن"الإعلام أصبح صانعاً للسياسات والأحداث بعدما كان ناقلاً لها"وأن أحد عناصر قوة الإعلام المعاصر"تكمن في قدرته على مخاطبة الشعوب والتأثير فيها". كانت مناسبة هذا الحديث وموعده قبل نهاية تشرين الثاني نوفمبر الماضي خلال افتتاح المؤتمر التأسيسي لاتحاد الإعلاميين الإفريقي- الآسيوي في القاهرة، حيث أكدت الوزيرة أن جميع المحتفلين بهذا الاتحاد يجمعهم شعور بالمسؤولية لتحقيق أهدافه وتفعيل التعاون الإعلامي بين دوله الأعضاء"ويزداد فخري أنه أول مؤتمر إعلامي ضخم بعد"ثورة يونيو"التي خرج فيها أكثر من 30 مليون مصري للتعبير عن إرادتهم والمطالبة بالحرية والكرامة". غير أننا لم نسمع عقب هذه الاحتفالية عن مشاريع مشتركة يشارك فيها الإعلام المصري مع أية دولة من آسيا أو إفريقيا، بل حدث العكس، فبعد شهر من كلمات الوزيرة، وقّعت بروتوكولاً إعلامياً في السفارة الصينية في القاهرة لعرض مسلسل صيني على شاشات التلفزيون المصري بعنوان"حياة سعيدة". ولكن ليس صحيحاً ان العمل هو أول مسلسل صيني يعرض على تلفزيون دولة عربية وشرق أوسطية كما ذكر في الحفلة. ربما يكون أول مسلسل مدبلج، لكنّ التلفزيون المصري عرض قبل سنوات سبعة مسلسلات صينية من دون دبلجة، ولكن مع ترجمة الحوار أسفل الصورة. هكذا ألف المشاهد المصري مشاهدة المسلسلات الأجنبية طوال تاريخه، ولم تدخل الدبلجة إلا متأخرة جداً. وكانت المفاجأة كبيرة عام 2012 حين أعلن وزير الإعلام في حكومة"الإخوان"، صلاح عبدالمقصود، عن توقيع بروتوكول لعرض المسلسلات التركية علماً أنها كانت تغرق كل القنوات المصرية الخاصة... لكنها السياسة. والآن يأتي البروتوكول الصيني ليلائم وضعاً آخر وظروفاً سياسية أخرى دفعت وزيرة الإعلام للقول:"نلمس من الحكومة الصينية دائما تقديراً للشعب المصري وتطلعاته نحو مستقبل أفضل بخاصة بعد ثورتيه في"25 يناير"و"30 يونيو"...". والحقيقة هنا أن الدراما الأجنبية جاءت إلينا عبر اتفاقات دافعها سياسي وليس لها علاقة بتخطيطات دافعها مصلحة المشاهد وفتح آفاق ثقافة العالم له. فمنذ الستينات رأينا الأفلام الروسية على شاشة التلفزيون المصري قبل أن تختفي نهائياً لتحل محلها المسلسلات الأميركية، والأفلام طبعاً. ثم اجتاح المسلسل الانكليزي الشاشة المصرية، قبل أن يحتل المسلسل الفرنسي جزءاً من الصورة مع الأميركي والانكليزي ثم يختفي وتهدأ الأمور وتقل الأعمال الأجنبية المهمة مع زيادة عدد القنوات. الآن علينا أن نرى"حياة سعيدة"،"أول مسلسل صيني"، على الأقل لندرك مستواه الفني والفكري قبل أن نقبله أو نرفضه لأنه أتى إلينا من باب السياسة وليس تدعيماً للتعاون والتواصل، إذ أن تحقيق مثل هذا الأمر يتطلب عرض المسلسلات المصرية في الصين كما تعرض أعمالهم عندنا.