كويتيون في سورية للجهاد لا للسياحة، كما كانت العادة. ففي المساء تمتلئ الدواوين بالشباب، سعياً منهم للانضمام إلى قافلة مجاهدين جدد، أو ربما فقط لتقديم المال من أجل مساعدة السوريين بالغذاء وبالسلاح أيضاً. فهذا الشاب الكويتي الذي عرف عنه حب الترف بات اليوم معنياً بمشاكل البلدان المحيطة به ومستعداً للتوجه إليها ليحط رحاله في سورية، وكله رغبة في تنفيذ نداء بعض علماء الدين وفتاويهم الداعية للجهاد وطلب الشهادة. وصار النائب السابق في البرلمان الكويتي وليد الطبطبائي الموجود هناك نموذجاً لشباب كثيرين، منهم خالد فؤاد الذي"استشهد"قبل سنة في غرب دمشق، وناصر الدوسري في اللاذقية، والطبيب الكويتي بندر العلي، وغيرهم. وتشير معلومات عن مقتل ما يزيد على 20 كويتياً انضموا إلى"الجيش الحر"، في مقابل قتلى آخرين من الكويتيين في صفوف النظام السوري، إذ تناقلت الأنباء مقتل حسين فاضل عبد الكريم الذي كان تابعاً للواء"أبو الفضل"المؤيد للنظام. حملة هنا، وأخرى هناك، بهدف تسليح مقاتلين في المعارضة السورية، يقودها كويتيون ينتمي أكثرهم إلى التيارات الإسلامية، من نواب سابقين ونشطاء سياسيين، أو رجال دين مستخدمين ملصقات تعلق في أماكن عامة تدعو للجهاد والتسليح. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وبينها"فايسبوك"، تبرز حملات إعداد المجاهدين وأخرى حول طلب الدعم المادي لهم."فمن لم يتبرع لسورية فليتبرع اليوم، ومن تبرع فليزِدْ التبرع، ولنحتسب أجر الجهاد بالمال، فهذا هو الجهاد". وتقول صفحة أخرى"نددوا بمن يمنع التبرع والدعم في المساجد، كيف كانوا يسمحون بذلك في أفغانستان، ويمنعونه لسورية؟"، و"التبرع لسورية واجب، مهم على القادرين، ليس للاجئين فقط، بل للمقاتلين أيضاً، كلاهما مسألة ملحة. بسقوط الطاغية تنتهي قضية اللاجئين". وفي ظل هذا الواقع، ثمة مخاوف في المجتمع الكويتي من تكرار تجربة أفغانستان فيما يدور بحث جدي عن دوافع الشباب للجهاد وطلبهم للشهادة. منصور الشمري مثلاً يرى في ذلك"نصرة لدين الحق"، خصوصاً بعد دعوة علماء الدين. ويقول:"لا بد من الجهاد بالنفس والمال والولد، كل بحسب استطاعته من أجل القضاء على بشار الأسد الذي أزهق أرواح شعبه"ً. أما عبدالرحمن العلي فعازم على التوجه إلى سورية حتى وإن وقعت الضربة العسكرية الغربية، معتبراً أن"الجيش الحر في حاجة إلى تضافر كل المسلمين لنصرته، ولن نكون رجالاً ما لم نقدم أرواحنا دفاعاً عن شرف الأمة، وعلو راية النصر على بشار الأسد وأعوانه". ولا تزال فئة من الشباب ترى أن للنضال السياسي داخل بلدانها جدوى أكبر من القتال في بلدان الآخرين. راشد العنزي يرفض رفضاً قاطعاً الجهاد في سورية أو سواها، ويقول ل"الحياة":"بلداننا أحوج لشبابها فما الحاجة لهم في بلدان بها من الكثافة السكانية ما يغني عن وجودهم هناك، بينما نضالنا لتحقيق ديموقراطية حقيقية في دولنا أهم". ويرفض الشاب محمد الدوسري الجهاد في سورية أيضاً ويقول:"طبعاً أرفض جهاد الكويتيين في سورية. فبعيداً من البعد الإنساني، أصبحت الأرض السورية ساحة قتال لتحقيق مصالح الكثير من الدول. وما يحدث هناك استثنائي ومتشعب انطلق بمطالب إصلاح ومطالب شعبية، ثم أصبح قتالاً على المذهب والشباب هم الوقود. وكل دولة لها مجموعاتها لذلك سيتطور الوضع أكثر إلى أن تصل الأمور إلى القتال بينهم عندما يهزمون بشار، كما حدث في ليبيا".