التضخم يسجل 2% خلال يناير 2025    الرئيس التونسي ووزير الداخلية يستعرضان العلاقات الثنائية والتعاون الأمني    ضبط 5 وافدين في جدة لممارستهم أفعالا تنافي الآداب العامة في مراكز الاسترخاء    مفتي المملكة: رؤية المملكة 2030 توالت نجاحاتها ومنجزاتها بما ينفع الجميع    المملكة تدعم الإجراءات التي اتخذتها لبنان لمواجهة العبث بأمن مواطنيها    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأمريكي جهود إرساء دعائم الأمن والسلم الدوليين    محافظ جدة يُدشّن الحملة الوطنيّة المحدودة للتطعيم ضد شلل الأطفال    الأهلي والنصر يواجهان بيرسبوليس والغرافة    وزير الاقتصاد: توقع نمو القطاع غير النفطي 4.8 في 2025    النفط ينهي سلسلة خسائر «ثلاثة أسابيع» رغم استمرار مخاوف الهبوط    المملكة العربية السعودية تُظهر مستويات عالية من تبني تطبيقات الحاويات والذكاء الاصطناعي التوليدي    عاصمة القرار    «سلمان للإغاثة» يدشن مبادرة «إطعام - 4»    أمير الشرقية يرعى لقاء «أصدقاء المرضى»    يانمار تعزز التزامها نحو المملكة العربية السعودية بافتتاح مكتبها في الرياض    الشيخ السليمان ل«الرياض»: بعض المعبرين أفسد حياة الناس ودمر البيوت    "السراج" يحقق رقماً قياسياً جديداً .. أسرع سبّاح سعودي في سباق 50 متراً    الحجامة.. صحة وعلاج ووقاية    محمد بن ناصر يدشّن حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال    يوم «سرطان الأطفال».. التثقيف بطرق العلاج    ترامب وبوتين.. بين قمتي «ريكيافيك» و«السعودية»!    الترمبية وتغير الطريقة التي ترى فيها السياسة الدولية نفسها    الملامح الست لاستراتيجيات "ترمب" الإعلامية    الحاضنات داعمة للأمهات    غرامة لعدم المخالفة !    "أبواب الشرقية" إرث ثقافي يوقظ تاريخ الحرف اليدوية    مسلسل «في لحظة» يطلق العنان لبوستره    عبادي الجوهر شغف على وجهة البحر الأحمر    ريم طيبة.. «آينشتاين» سعودية !    بيان المملكة.. الصوت المسموع والرأي المقدر..!    الرياض.. وازنة القرار العالمي    القادسية قادم بقوة    يايسله: جاهزون للغرافة    الصحافة الإسبانية تتغنى بأداء بنزيما    منتدى الاستثمار الرياضي يسلّم شارة SIF لشركة المحركات السعودية    إنهاء حرب أوكرانيا: مقاربة مقلقة لهدف نبيل    وزير الاقتصاد يلتقي عددًا من المسؤولين لمناقشة مجالات التعاون المشترك    أمين الرياض يحضر حفل سفارة كندا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    جازان تقرأ معرض الكتاب يحتفي بالمعرفة والإبداع    بينالي الأيقونة الثقافية لمطار الملك عبد العزيز    وزير الموارد البشرية يُكرّم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز في دورتها ال 12    جولة توعوية لتعزيز الوعي بمرض الربو والانسداد الرئوي المزمن    على خطى ترمب.. أوروبا تتجه لفرض قيود على استيراد الغذاء    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لدولة الكويت    بموافقة الملك.. «الشؤون الإسلامية» تنفذ برنامج «هدية خادم الحرمين لتوزيع التمور» في 102 دولة    أمير نجران يكرّم مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة سابقاً    جمعية الذوق العام تنظم مبادرة "ضبط اسلوبك" ضمن برنامج التسوق    تحت 6 درجات مئوية.. انطلاق اختبارات الفصل الدراسي الثاني    "كبدك" تقدم الرعاية لأكثر من 50 مستفيدًا    أمطار على مناطق المملكة ولليوم الثالث على الشرقية    استمع إلى شرح موجز عن عملهما.. وزير الداخلية يزور» الحماية المدنية» و» العمليات الأمنية» الإيطالية    جدد رفضه المطلق للتهجير.. الرئيس الفلسطيني أمام القمة الإفريقية: تحقيق الأمن الدولي يتطلب دعم مؤتمر السلام برئاسة السعودية    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    انتقلت إلى رحمة الله في المنامة وصلي عليها بالمسجد الحرام.. مسؤولون وأعيان يواسون أسرتي آل زيدان وآل علي رضا في فقيدتهم «صباح»    خبراء يستعرضون تقنيات قطاع الترفيه في الرياض    «منتدى الإعلام» حدث سنوي يرسم خارطة إعلام المستقبل    تآلف الفكر ووحدة المجتمع    عبدالعزيز بن سعود يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تدخل في سورية حيث الدم عالمثالثي !
نشر في الحياة يوم 21 - 08 - 2013

ليست الحال المأسوية في سورية مسؤولية الغرب فقط والذي اكتفى بالوعود ورسم الخطوط الحمر كما يحلو للبعض تفسير الأمور، لكن هذا لا ينفي مسؤولية القوى الدولية التي لم تكن فاعلة في تحركها ضد نظام المجازر الجماعية، واتضح أن ما يقوم به النظام من انتهاك يومي لحق السوريين بالحياة لم يؤثر في دول الديموقراطيات الكبرى، بينما استطاع النظام مجدداً أن ينجح أمامها في امتحان الحارس الأمين لمصالحها والشرطي الوفي في مسلسل مكافحة الإرهاب.
تنطلق مقاربة الدول الغربية تجاه المنطقة من نقطتين أساسيتين هما أمن إسرائيل ومصادر النفط والطاقة، وفي هذا تجريب النظام المجرب خلال أربعة عقود أفضل من دعم معارضة هشة لا يخفى تسلل المتطرفين إلى مكونها العسكري، وضعف مكونها السياسي.
يضاف إلى هذا نجاح النظام السوري في إيصال رسالةٍ إلى مراكز مؤثرة في القرار السياسي الغربي تفيد بأنه جزء أساسي من المعركة على الإرهاب الذي قد يضرب الدول الأوروبية وأميركا داخل أراضيها كما سبق له أن فعل مراراً خلال العقدين المنصرمين.
من وجهة نظر المصالح لا تظهر مصلحة فعلية لهذه الدول كي تتدخل في سورية، لا سياسياً ولا عسكرياً، بل على العكس تماماً، إذ يبدو أن الدول الغربية حتى الآن مستفيدة من الوضع القائم في البلاد على رغم فداحة أحداثه، لكنها على الأقل لا تحصل في أراضي"الدول الديموقراطية"بل في دولة"عالمثالثية"، وفوق هذا تتحقق من خلال الحرب الطاحنة مكاسب سياسية واستخباراتية قلّ نظيرها، سواء لإسرائيل الحليف الأساسي في المنطقة أو لمجموعة الدول الغربية الفاعلة على مسرح السياسة الدولية، فالحرب في سورية اليوم قضت على الجيش السوري وأنهت قدراته العسكرية، ما يعني أن التفوق العسكري الإسرائيلي مضمون على المدى البعيد، ناهيك عن حالة تفككه وتحوله إلى عصابات تتبع المرتزقة والشبيحة، يضاف إلى هذا"نصر استخباراتي"مهم في ملف الإرهاب ومتابعة وكشف انتقال وتحركات الجهاديين بين الدول، من دون أن ننسى كمية هائلة من المعلومات تقدمها الأزمة كلما طال أمدها فاتحة أبوابها لكل أجهزة المخابرات ومختلف أشكال الاختراقات الأمنية، وفي نقطة ثالثة على الصعيد الداخلي تمزق النسيج الاجتماعي السوري وارتفاع حدة التوترات الطائفية، فالطائفية المنهجية والمتخفية بثوب الممانعة والعلمانية لدى نظام الأسد تواجهها طائفية ظاهرة وتطرف مرعب باتت تظهر ملامحه لدى أوساط في الطرف الآخر، ما ينذر بصراع طويل الأمد وآثار سلبية تحفر عميقاً في المجتمع السوري.
وعلى صعيد أوسع، تشكل الحرب السورية نقطة هامة لاستقطاب قوى مطلوب إنهاكها على مسرح السياسة الإقليمية والدولية، ف"حزب الله"الذي دخل برعونة وصلف لينقذ نظام الأسد في ريفي حمص ودمشق كسب معارك في الداخل السوري، لكنه خسر استثماره الوحيد وهو اللعب مع إسرائيل بالنيابة عن إيران ونظام الأسد، وعلى رغم استعراضات القوة الفائضة التي يحرص على استعراضها، إلا أنه خسر موقعه على المدى الاستراتيجي وهذا ما ستظهره الأيام المقبلة، بخاصة مع تراجع وتململ الغطاء السياسي له داخل لبنان وانخفاض شعبيته، لا بل العداء له في محيطه الإقليمي، بينما تحاول إيران أن تمد يدها لإنقاذ النظام والحزب الإلهي يبدو أنها غرقت أيضاً في سورية التي باتت"فيتنام"حصرية لنظام طهران، وفي هذا الوقت يبدو أن الحليف الروسي الذي وجد في بداية الأزمة من الملف السوري فرصة ذهبية لا تعوض للضغط على أميركا والدول الغربية وجرّها للتنازلات، بدأ خلال الفترة الأخيرة يعيد حساباته تجاه النظام، فأكد مسؤولوه أكثر من مرة عدم انشغالهم"بمصير الأسد"، ومن ثم أجّلت روسيا فعلياً تسليمها صواريخ"إس 300"للنظام السوري ويقال إن المماطلة إشارة لإلغاء الصفقة، هذا الفعل يشي بالكثير على الصعيد السياسي، فروسيا التي كانت تضغط على الغربيين من خلال الملف الأفغاني نتيجة وجود قوات التحالف قريبة منها في أفغانستان وبقدر أقل من خلال الملف النووي الإيراني"نظراً لمقدار الاستقلالية الذي تتمتع به إيران عن روسيا"، وجدت في سورية وملفها فرصة هامة وجدية لاستدراج التنازلات الأميركية والغربية، لكن يبدو أن الحسابات لم تأت في النهاية لمصلحتها على رغم أن الأسد سلّمها زمام الأمر وباتت روسيا الناطق الديبلوماسي الرسمي عن النظام والبوصلة التي تحدد مساره.
ضمن هذه الخريطة، لا يبدو أن التدخل في سورية أمر ضروري لقوى غربية فاعلة، فكل الأعداء يضربون كل الأعداء على الضفة الأخرى للمتوسط وبعيداً من المساس المباشر بإسرائيل وأمنها. الجيش السوري تفكك وانتهى وهو يواجه شعبه،"حزب الله"غرق مع النظام ليغدو الاثنان مجرد ميليشيات طائفية منبوذة، إيران تستنزف مصادرها المالية وطاقة خبرائها وحرسها الثوري، بينما تبتعد عن حلفائها داخل فلسطين"القضية المركزية"، وترتفع مع هذا حدة الاستقطاب السنّي-الشيعي في المنطقة، في المقابل لا تبدو أمور روسيا جيدة. فحليفها، وعلى رغم كل الدعم، لا يزال يخسر استراتيجياً وإن ربح بعض المعارك، وتاريخ رهانها على الحصان الخاسر في المنطقة خلال السنوات العشر الماضية بدأ يصيبها بالأرق. وفي الطرف المقابل معارضة مشتتة لم تستطع قيادة حراك شعبي زاخر بالحيوية وسلّمت أمرها لتطور مسار الثورة عشوائياً من دون محاولة التأثير فيه، لا بل تركت التأثير في هذا المسار لصواريخ الأسد وتجاذبات مصالح دولية لم تستطع أن تقنعها بقدرتها على القيادة، وقوى جهادية سلفية باتت تقلق الداخل والخارج وتفتح باب إطالة أمد الصراع واتخاذه طابعاً أهلياً شديد الحدة في مقبل الأيام، وتمنح أوراقاً كثيرة لكي يتدخل"الخارج"في شؤون البلاد، سواء من باب حماية الأقليات أو حقوقها أو إرسال"الإخوة المجاهدين"وتسليحهم وتدريبهم.
فلتُترك الأمور إذاً على طريق تطورها الذي تسير فيه، فحتى الآن لا تهديد جدياً لأمن إسرائيل بل حماية مجانية طويلة الأمد، ولا تهديد لآبار النفط وممراته، وفي المقابل السوريون وحدهم من يواجهون الإرهاب المزدوج من النظام والجماعات التكفيرية ويدفعون ثمن هذا من دمائهم"العالمثالثية"ومن رصيد مستقبل وطنهم. فلماذا يطالب المجتمع الدولي والغرب بالتدخل السياسي أو العسكري؟
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.