ربما من المألوف في وسائل الإعلام اليابانية، الحديث عن العلاقة بين كبار السنّ والروبوت، خصوصاً مع تكاثر الروبوتات الموصوفة ب"الاجتماعية"التي تستطيع أن تتحاور وتتحرك وتراقب الحال الصحية لكبار السن. وطريّ في الذاكرة أن مجلة"لا نكوني"الفرنسية ترجمة الكلمة حرفياً هي:"المجهول"، خصّصت قبل فترة محوراً طريفاً عن الروبوت، ناقش آفاق العلاقة المتنامية بين البشر وتلك الآلات. ولم يخل الأمر من طرافة، مثل القول بأن القرن 21 ربما شهد حالات"زواج"بين الانسان والروبوت! علاقات حميمية في السياق عينه، صدر عن أحدى وكالات الأنباء تقرير بعنوان طريف هو:"هل يصبح الروبوت شريكاً حميماً للبشر مستقبلاً؟". وأشار التقرير إلى أن أحد خبراء الذكاء الاصطناعي يتوقّع تحقّق هذا الاحتمال، مُعتبراً أن التفاعل مع"شريك"إلكتروني، ربما صار أمراً مقبولاً تماماً في منتصف القرن الحالي. وكذلك وضع ديفيد ليفي كتاب"تطور العلاقة بين البشر والروبوت"تناول فيه إمكان ظهور علاقات حميمة بين البشر وهذه المخلوقات الآلية. واعتبر ليفي أن التوصّل إلى صنع روبوتات من هذا النوع يلبي رغبات كثيرة في هذا المجال، خصوصاً أنها تقدر على تقديم الخدمات على مدار الساعة. وذهب ليفي إلى حد تصور حال تقارب ولحظات ثرثرة شبه إنسانية بين البشر والروبوت، لكن مثل هذه المحادثات المبرمجة مُسبقاً، ربما لا تلقى قبولاً واسعاً. وعلى رغم هذا، يعتقد بعض الخبراء أن هذه الأمور ستحقّق بصورة محتّمة، نظراً للتطوّر المستمر في مجال صنع العضلات الاصطناعية، وتقليد الروبوت حركات الجسم البشري، وتزويد الآلات بذكاء اصطناعي يجعلها قادرة على التعبير عن المشاعر، والتحلي بشخصيتها المميزة. أيدٍ حديد ناعمة في هذا السياق، اشتهرت جامعة"واسيدا"اليابانية بصنعها روبوتا يمكنه القيام بأعمال الطبخ، واستخدام يديه الناعمتين المغطاتين بالسيليكون في التفاعل مع البشر. ورأى ليفي أن هذا المنحى الجنسي في الروبوت قابل للتوسّع. وبعد سنوات قليلة، قدّم"معرض إلكترونيات المستهلك"في مدينة"لاس فيغاس"، آلات ذكيّة بأشكال نسائية وُصِفت بأنها أولى الروبوتات المخصّصة للخدمات الجنسيّة المتكاملة. على المقلب الآخر من هذا المشهد، مال خبراء كثر إلى التشكيك في التوقعات العالية التفاؤل بالنسبة الى العلاقة بين البشر والروبوت. مثلاً، رأى فريدريك كابلان، وهو باحث في كلية"بوليتكنيك"الفيدرالية في لوزان بسويسرا،"أنه من غير المحتمل أن يكون لدينا روبوت شبيه بالبشر خلال سنوات قليلة". وطرح كابلان الذي ساهم في برمجة دماغ الكلب-الروبوت"آيبو"الذي تنتجه شركة"سوني"بغزارة، سؤالاً عن رغبة البشر في صنع روبوتات على صورتهم. ومال كابلان للقول بأن التفاعل بين الآلة والبشر أمر مهم جداً بحد ذاته، وليس بوصفها محاكاة للعلاقات بين البشر. في المقابل، أعرب ديفيد ليفي عن قناعته بوجود طلب في السوق على الروبوتات"الحميمة". في هذا السياق، انتجت شركة"آكسيس"اليابانية ما يمكن اعتباره"روبوت حميم"وأطلقت عليه اسم"هوني دولز". صنعت هذه الألعاب بأحجام تماثل الشخص العادي، إضافة إلى شبهها الشديد بالبشر في تفاصيلها التشريحية الدقيقة. وزوّدت أيضاً بلواقط حسّاسة تجعلها تُطلق أصواتاً تُعبّر عن مشاعرها، بل إن بعضها، كالدمية-الروبوت"سندي"، تبادل شريكها الحديث وتهمس في أذنه بمعسول الكلام! لكن ليفي مال أيضاً للقول بأن الولع بهذه الدمى الروبوتية لن يقتصر على الرجال، فلربما رغبت النساء أيضاً في تجربة الروبوت الحميم. وفي هذا الإطار، هناك ارتفاع متواصل في مبيعات أدوات اللذة عالمياً، التي لم يعد اقتناؤها أو الحديث عنها من المحرمات كسالف الأوقات. لكن ما تحدث عنه ليفي بوصفه حلماً لدى البعض بحياة جنسية لا تحمل إحساساً بالذنب أو خطر الإصابة بأمراض، يمثل بالنسبة لآخرين كابوساً. إذ رأت الأميركية إيفون فلبرايت، وهي اختصاصيّة في علوم الجنس ألّفت كتباً كثيرة عن هذا الموضوع، أن التفكير في وقوع البشر في غرام مخلوقات آلية هو ضرب من الجنون. وأقرّت فلبرايت بأن روبوتات الجنس ستجد رواجاً، خصوصاً لدى الرجال الحالمين بتحقيق رغبات دفينة. لكنها رأت أيضاً أن هناك مشكلة حقيقية مع روبوتات الجنس، بمعنى أنها تجعل الناس يشعرون بأنهم فشلوا في الحصول على ما يرومونه، إن لم يتوصلوا إلا الى علاقة حميمة مع روبوت!