تعد أسوان أكثر مدن مصر الجنوبية تمتعاً بأشعة الشمس الدافئة. تلك المدينة العريقة ذات الطابع النوبي مساحتها الصغيرة وموقعها على نهر النيل يعطيانها ثراء طبيعياً لا مثيل له. وتقع على شمال سد أسوان وجنوبه مجموعة من الجزر ذات الأحجار البازلتية التي تتناثر على شكل أرخبيل رائع الجمال، يشعر من يشاهده من الطائرة بأنه مكوّن من قطع من الزمرد تغطيها بساتين النخيل والنباتات الاستوائية. وتعتبر جزيرة هيسا أقدم هذه الجزر الواقعة وسط نهر النيل، وتعود تسميتها إلى الملك هيس أحد أهم ملوك الأسرة السابعة. تقطنها اليوم ثماني قبائل يعيش أهلها حياة شبه بدائية، تعيد إلى أذهاننا عصور الفراعنة من حيث روعة المكان. أما طبيعة السكان فتعود بنا إلى الزمن الجميل حيث هدوء الحياة اليومية البسيطة في بيوت تتوزع على صخور الجبل الصغير في تناسق جميل، يحيطها ?جمال آسر ونقاء لا مثيل له. تقع الجزيرة شرق مدينة أسوان، وتتكون من ستة نجوع يحمل كل منها اسم إحدى القبائل النوبية الأساسية. ويحكم الجزيرة قانون العرف والعيب، كما يقول شيخ الجزيرة أو كبيرها الحاج عوض مركب 65 سنة الذي يشرح:"تنحدر قبيلتا"الكنوز"و"الفادكة"من النوبة، تلك المملكة التي امتدت من أسوان حتى السودان. وعلى أرض هيسا الكثير من الآثار التي تشهد عيشهم عليها. وتلك الحقبة شهدت صعود الحضارة المصرية القديمة وسقوطها. وعلى جانبي مدخل الجزيرة تتناثر بعض النقوش الفرعونية". ويضيف مركب:"رغم أن الجزيرة تضم ثماني قبائل، فإن عدد سكانها لا يزيد على أربعة آلاف نسمة، يعيشون على الصيد وتأجير المراكب للأجانب والضيوف، بالإضافة إلى أعمال النجارة التي تشمل بعض قطع الأثاث الشهيرة بالنوبة كالصندوق الخشبي المطرز والعنقريب السرير، بالإضافة إلى المراكب التي تعد وسيلة المواصلات الوحيدة للخروج من الجزيرة أو الوصول إليها". ويحكي الحاج عوض عن طبيعة الجزيرة، فيقول:"إلى اليوم يعيش أهلها على أدوات الحياة البدائية سواء داخل المنزل أو خارجه، فيستخدمون في تخزين مياه الشرب"الزير"و"القلل". كما لا يوجد مخابز في الجزيرة التي يعتمد أهلها على خبز"الدوكة"المصنوع من رقائق العجين الذي يسوى في فرن الصاج. وليس في الجزيرة سوى مدرسة ابتدائية واحدة، وقلة من الفتيات حصلت على تعليم فوق المرحلة الابتدائية. وهن يشغلن أوقاتهن بأعمال المنزل والأرض، بالإضافة إلى صناعة السلال والحصر"البرش"من أوراق النخيل ويبعنها في سوق أسوان". ويوضح الحاج عوض أن سكان الجزيرة أهملوا اللغة الهيروغليفية وأصبح الدارج لديهم اللغة المحلية التي تدعى"المروى"نسبة إلى مملكة مروى، وهي لغة قبائل نوبية عدة تحتوي على 61 حرفاً يسهل التعبير بها بين أهل الجزيرة والقبائل الأخرى.