نقل تحالف متمردي"الجبهة الثورية السودانية"عملياتهم من إقليم دارفور وولاية جنوب كردفان على الحدود مع جنوب السودان إلى ولاية شمال كردفان، إذ اجتاحوا أمس مدينة أم روابة ثاني كبرى مدن الولاية الواقعة بين دارفور وولاية الخرطوم، ما أدى إلى مقتل واصابة عشرات من رجال الشرطة والمدنيين وتدمير منشآت خدمية ورسمية. وجاء ذلك بعد ساعات من انهيار محادثات بين الخرطوم والمتمردين. وقال شهود إن قوة من متمردي"الجبهة الثورية"التي تتألف من متمردي دارفور و"الحركة الشعبية - الشمال"، هاجموا منطقة أبوكرشولا آخر نقطة في ولاية جنوب كردفان وقتلوا رجال شرطة قبل أن يجتاحوا منطقة الله كريم في شمال كردفان في طريقهم نحو مدينة أم روابة التي دخلوها صباحاً على متن أكثر من 60 سيارة. وذكر مواطنون إن سيارات المتمردين التي كانت تحمل الواحدة منها نحو سبعة مسلحين حاملين مدافع رشاشة، هاجمت مقار للشرطة والمؤسسات الحكومية الأخرى وثلاثة مصارف. ودمر المتمردون أبراج الاتصالات ومحطة توليد الكهرباء قبل دخول سوق المدينة ونهب بعض المحال التجارية. وأدى هجوم المتمردين إلى مقتل 14 فرداً بينهم 6 مواطنين و8 من قوات الشرطة. كما هاجمت القوة منزل محافظ أم روابة شريف الفاضل الذي كان مختبئاً في مكان آمن. كما تضرر مبنى السلطة القضائية بقذائف المتمردين. وقال شهود إن المتمردين تمكنوا أيضاً من قطع الطريق القومي الذي يربط شرق ووسط البلاد بغربها، وطلبوا من بعض الحافلات القادمة من مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان إلى الخرطوم العودة من حيث أتت. وأكد شهود أن الطيران العسكري تجنّب قصف المتمردين في أم روابة حتى لا تقع خسائر كبيرة وسط المدنيين، لكن ظلّ يحلق في المدينة لساعات. كما هبط مظليون غرب المدينة في محاولة لمنع المتمردين من الخروج وضربهم. وشوهدت الطائرات تلاحق سيارات المتمردين المنسحبة جنوباً. وقال الناطق باسم الجيش العقيد الصوارمي خالد سعد، في بيان، إن تحالف"الجبهة الثورية"قام بتجميع قوات"تخريبية"في منطقة جاوا بولاية جنوب كردفان ثم تسللت لمهاجمة مدينة أم روابة فجر السبت. وأوضح أن قوات الجبهة تسللت عبر المسالك الوعرة بجبال النوبة، مستفيدة من الغطاء الذي توفره طبيعة المنطقة، إلى أن وصل المتمردون إلى منطقة أبوكرشولا، حيث تصدت لهم القوات الحكومية وأوقعت فيهم خسائر في الأرواح والمعدات. وأضاف أن المتمردين واصلوا تقدمهم من أجل إحداث أقصى ما يستطيعون من تخريب، فنهبوا قرية الله كريم ثم استهدفوا مدينة أم روابة، حيث قاموا بتدمير برج الاتصالات ومحطة الكهرباء ونهبوا ممتلكات المواطنين ومحطات الوقود. ودان حاكم ولاية شمال كردفان ميرغني حسين زاكي الدين هجوم المتمردين على مدينة ام روابة، وقال إنه أدى إلى مقتل أربعة من رجال الشرطة. واتهم عناصر من"الطابور الخامس"بمساعدة المتمردين بتسللهم إلى المدينة ليلة الهجوم عليها. وأشار إلى أن المعلومات عن تحرك المتمردين كانت متوافرة لديهم منذ خمسة أيام وانهم استعدوا لهم. وأكد عودة الإستقرار إلى ولايته بعد فشل المتمردين في تحقيق أهدافهم. واتهم المتمردين بالاعتداء على طلاب إحدى خلاوي تحفيظ القرآن الكريم في منطقة الله كريم، مما أدى إلى إصابة أربعة منهم يتلقون العلاج حالياً، مبيّناً أن القوات الحكومية تصدت للمتمردين ودمرت 10 من آلياتهم واحتسبت قوات الشرطة"أربعة شهداء". وكانت"الجبهة الثورية"قالت إنها أحكمت سيطرتها على منطقة أبو كرشولا في جنوب كردفان ومدينة أم روابة في الجزء الشرقي لولاية شمال كردفان. وقال الناطق باسم"الجبهة الثورية"جبريل آدم بلال إن قواتهم أحرزت تقدماً في محاور العمليات وتنتشر حالياً في أم كتيرة وشمبكة وابوكرشولا وحررت أم روابة الاستراتيجية و"تندفع نحو أهدافها المقبلة". وكانت أول جولة من المحادثات المباشرة بين الحكومة السودانية ومتمردي"الحركة الشعبية - الشمال"انهارت ليلة الجمعة في أديس أبابا ولم يتوصل الطرفان إلى أي اتفاق. وقال رئيس لجنة الوساطة الأفريقية، رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي، في بيان وزع على الصحافيين عقب انتهاء المفاوضات، إن الجانبين اتفقا على استئناف المفاوضات المباشرة في شأن المسائل المطروحة على أجندة التفاوض، وهي الوضع الإنساني، والترتيبات الأمنية والوضع السياسي بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، في أيار مايو المقبل بأديس أبابا. وقال أعضاء في وفدي البلدين للصحافيين إن سبب إخفاق الجانبين في التوصل إلى اتفاق في هذه الجولة يعود إلى إصرار وفد الحكومة السودانية على البدء بالتفاوض حول الملف الأمني والترتيبات الأمنية قبل الدخول في أي ملفات أخرى، بينما تتمسك"الحركة الشعبية - الشمال"بمناقشة وتسوية الوضع الإنساني قبل الانتقال إلى التفاوض حول الترتيبات الأمنية والوضع السياسي بمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. ورأى مبيكي أنه على رغم عدم التوصل إلى اتفاق فإن جلوس الطرفين للحوار بشكل مباشر يؤكد رغبة الطرفين في التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وتبادل وفدا الحكومة و"الحركة الشعبية"اتهامات في شأن المسؤولية عن انهيار المفاوضات وعدم احرازها أي تقدم. واتهم رئيس الوفد الحكومي ابراهيم غندور"الحركة الشعبية"بعرقلة التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار ومحاولتها الضغط واستخدام المواطنين"دروعاً بشرية". وأوضح غندور أن"الحركة الشعبية"تريد فقط وصول الاغاثة ليستفيد منها مقاتلوها ولا تريد الوصول إلى وقف للنار او مناقشة اي ترتيبات امنية. من جانبه قال رئيس وفد"الحركة الشعبية"ياسر عرمان إن"وفده يرفض موقف الحكومة الساعي الى معالجة القضايا السياسية من دون مراعاة للجانب الإنساني ومعاناة المواطنين في المنطقتين". وأضاف أن وفده جاء للتفاوض بأولوية واضحة هي معالجة الملف الانساني إلا أن الوفد الحكومي عرقل الاتفاق.