في مدينة مغبرة جدرانها إسمنتية رمادية، ما من شيء يدفع إلى الابتسام والفرح، إلا أن القيّمين على سيرك للأطفال يحاولون توفير فسحة أمل وسعادة. أُسست فرقة"موبايل ميني سيركس فور تشليدرن"ومقرها في كابول عام 2002، بعد شهور على سقوط نظام حركة"طالبان"المتشددة التي كانت تمنع الموسيقى والرقص. وكان عدد الأطفال الذين يرتادون المدرسة في البلاد في تلك المرحلة، أقل من مليون طفل جلهم من الذكور. وبينما ركزت منظمات أهلية وحكومية أخرى على توفير الغذاء والمسكن والتعليم، قرّرت فرقة السيرك إدخال قيماً تجمع الأطفال معاً لتوفير أجواء فرح على رغم الصعوبات المتواصلة. ويقول ديفيد مايسون مؤسس الفرقة وهو مدرب سابق على رقص التانغو والسالسا من الدنمارك"انه سيرك مميز فعلاً، يساهم في التربية ويعطي الحياة معنى ويجعل الأطفال سعداء ويحملهم على الحلم وتحقيق حلمهم والتمتع بالثقة بالنفس". ويقوم فنانون محترفون بالغون بجولات لتقديم عروض للأطفال عبر البلاد التي تمزقها الحرب. وفي السنوات ال11 الأخيرة، استقطب السيرك مع شريكه المحلي"أفغان إدوكييشنال تشليدرنز سيركس"ما مجموعه 2,7 مليون متفرج في 25 ولاية على ما يؤكد مايسون. وخلال عرض في كابول بمناسبة اليوم العالمي للسيرك، جرى مشاركون شباب بملابس ملونة على مزالج في إحدى الساحات، فيما أظهرت فتيات وضعن الحجاب مهارتهن البهلوانية. كما قام الأطفال بشقلبات وقفزات خلفية وشكلوا أهراماً بشرية ورقصوا وصفقوا، للترفيه عن أطفال آخرين من مخيم للنازحين الأفغان وميتم. ويقول مايسون 47 سنة:"عندما يعيش المرء تحت غطاء بلاستيكي في برد كابول القارس خلال الشتاء، تجعل المعاناة والكفاح من اجل البقاء الناس ينسون أن يعيشوا". لكن فرقة السيرك هذه تحرص على تغيير ذلك. وترتاد مجموعة مؤلفة من 120 فتاة وصبياً مركزاً في كابول بعد الدوام المدرسي لتعلم مهارات السيرك، ومن ثم ينتقلون إلى إقامة العروض في المدارس ومخيمات النازحين. ويقول مايسون الذي يدير السيرك الذي لا يبغي الربح مع شريكه بيرت مولهاوزن"انهم شبه محترفين". المرح هو الهدف الرئيس للسيرك، إلا أنه يوفر أيضاً حصصاً تثقيفية تمتد على ساعة تبدأ بتلاوة القرآن. وهي تشمل نصائح تتناول أهمية النظافة والذهاب إلى المدرسة والتوعية على أخطار الألغام والوقاية من المالاريا.