بصرف النّظر عن الرّسائل التي يحملها انفجارا بوسطن، وبغضِّ الطّرف عن القراءات المحتملة لحادث إرهابي كهذا، فالمؤكد أنّ أسلوب الإدارة الأميركية في إدارة الأزمة، قدّم درساً بالغ الأهمية، هو درس للجميع، ولنا على وجه التحديد: كان انفجارا مدينة بوسطن الأميركية ضربة إرهابية غير متوقعة، أفضت إلى ثلاثة قتلى أبرياء، بينهم طفل صغير، وأوقعت عشرات الجرحى من المتفرجين والعدّائين المشاركين في ماراثون بوسطن، وأفسدت بذلك إحدى التظاهرات الرياضية العريقة والتي دأبت المدينة على تنظيمها، وكلفت قوى الأمن ساعات طويلة من العمل الشاق والمضني. وعلى رغم كل هذا، لم نشاهد أي رد فعل انفعالي في صفوف المسؤولين الأمنيين أو السياسيين أو العسكريين. وكل ما سمعناه ورأيناه عبارة عن كلمات موزونة لا تقول أكثر مما يجب قوله بكل ثقة وفي حدود اللياقة والتروي المطلوبين. إنه الهدوء الرّسمي الذي انعكس على الشارع مباشرة، وعلى وسائل الإعلام بمختلف توجهاتها، وعلى سلوك المواطنين الذين لم يهج فيهم فرد ولا ماجت منهم جماعة. والأدهى من كل هذا أن تلك الأحداث الإرهابية التي عُثر في أعقابها على كميات إضافية من المتفجرات، لم تعقبها أي موجة من الاعتقالات العشوائية كما هو دأب دولنا العربية في مثل هذه الحالات. بل، لم يُعتقل ولو شخص واحد أميركياً كان أم أجنبياً. وهذا نتيجة وجود عمل احترافي من الطراز الرّفيع، حافظ على ثقة المواطنين وتعاونهم، وأفضى خلال يومين للوصول الى الجناة. وكان الإنجاز إنجازاً أمنيّاً بهامش خطأ يساوي صفراً، وكان الإنجاز أيضاً إنجازاً حقوقياً وحضارياً راقياً. إنّه الدّرس الأساس، درس للجميع، ودرس لنا كمجتمعات عربية على وجه التحديد. * كاتب مغربي