أسوان جوهرة النيل الساحرة كما يسميها أبناؤها، كانت المقصد الحقيقي لملتقى فعاليات الإعلام السياحي العربي. أسوان هي الشاهد عبر العصور على مختلف الحضارات والثقافات والفنون، رمز الماضي العريق بمعابده وكنائسه ومساجده، ومركز تلاقي الحضارات، وعنوان العمارة المصرية العريقة ببيوتها الزاهية، وأيضاًَ العمارة الحديثة في صورة مشاريع عملاقة كخزان أسوان والسد العالي وتوشكى. استضافت مصر فعاليات"الملتقى العربي للإعلام السياحي"في دورته الخامسة، التي أقيمت تحت شعار"نلتقي لنرتقي 2"من 23 إلى 28 من الشهر الماضي، ويطلق عليه في الأوساط السياحية العربية"قمة الإعلام السياحي العربي"، برعاية وزارة السياحة المصرية، ومشاركة 50 صحافياً وإعلامياً عربياً يمثلون كبرى الصحف العربية، إضافة إلى 6 وكالات أنباء عربية، و5 محطات تلفزيونية، ويمثل المشاركون 48 صحيفة عربية من 17 دولة عربية للمرة الأولى هي: الأردن والسعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت وسلطنة عمان واليمن ولبنان وفلسطين والعراق وتونس والسودان والجزائر والمغرب وموريتانيا، إلى جانب مصر وممثلي 5 محطات تلفزيونية عربية من المغرب والسعودية وتونس والسودان ولبنان. وأعلن المركز العربي للإعلام السياحي، أن هدف الملتقى هذا العام هو التركيز على إمكانات السياحة المصرية، والفصل التام بين الأحداث السياسية التي تحدث في كل دول العالم والأنشطة السياحية الأخرى التي تتميز بها مصر، ويعتبر الملتقى إحدى أهم المحطات العربية لمبادرة دعم السياحة المصرية 2013، التي أطلقها المركز في دبي والدوحة. كما أعلن المركز أنه سيكون له دور مهم في مناقشة الاستفادة من تطبيقات الإعلام الجديد في المجال السياحي، كما سيتم تسليم جوائز الإعلام السياحي، وإعلان اسم رجل التراث العربي وجائزة الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، ومنها ورش العمل المتخصصة، وعرض الجزء الثاني من الدراسة المقدمة من إدارة الأبحاث في المركز، وهي واقع الإعلام السياحي العربي التي تعتبر دراسة غير مسبوقة في العالم العربي، وتتكوّن من حصر لكل الجهات الإعلامية العربية، وعلاقتها بالإعلام السياحي، وأخيراً لقاءات المسؤولين والأنشطة الترفيهية المختلفة. انتخاب الإمارات رئيساً في أول أيام الملتقى، جرت ثالث انتخابات للجمعية العمومية للمركز العربي للإعلام السياحي في القاهرة، واختير أعضاؤها الجدد للدورة المقبلة 2013 و2015، إذ جرى الانتخاب على هامش أعمال الملتقى العربي الخامس للإعلام السياحي، وتم انتخاب الإماراتي حسين المناعي رئيساً لمجلس الإدارة والإعلاميين المصريين خالد خليل نائباً للرئيس ومصطفى عبدالمنعم أميناً عاماً، فيما تم انتخاب الإعلامي السعودي محمد الموسى رئيساً لمجلس الأمناء، وضمت قائمة الفائزين بعضوية مجلس الإدارة كلاً من ليلى بن عطية الله تونس، خالد عمر اليمن، محمد عبدالقادر السودان، أحمد عليوة الأردن، أحمد حموي لبنان، جاسم الثبيت الكويت، الدكتور هدير عبدالقادر الجزائر، عادل أقليعي المغرب، محمد أمين مصر، سلطان اليحيائي سلطنة عمان، أحمد هاشم الإمارات ومن السعودية خالد آل دغيم، ومحمد العبدالكريم. وأقرت انتقال المركز التنفيذي من السعودية إلى الإمارات، التي تعد رائدة في سياحة التسوق والمؤتمرات في الوطن العربي، ومساء يوم 23 شباط فبراير، انطلقت أعمال الملتقى رسمياً، ووسط حضور إعلامي وسياحي وديبلوماسي، افتتح وزير الإعلام المصري صلاح عبدالمقصود ومحافظ أسوان مصطفى السيد وممثل وزير السياحة ولفيف من الديبلوماسيين من سفراء وممثلي سفراء الدول العربية أعمال الملتقى، وألقى كلمة ترحيب بالحضور، مؤكداً أن"مصر تفتح ذراعيها للسياحة العربية والغربية والآسيوية بكل ترحاب". وأضاف الوزير:"تستقبل مصر حالياً رحلات طيران يومية من تركيا والصين واليابان، ما يؤكد أن كثيراً من الدول ترى أن مصر آمنة، وقادرة على تأمين السياح"، متابعاً:"لا خوف على من يصل مصر، فسيفتديه شعب مصر المضياف". تلا ذلك، عرض فيلم مرئي يحكي قصة إنشاء المركز العربي للإعلام السياحي، ثم فيلم عن السياحة المصرية، وأخيراً فيلم عن"أكسبو دبي2020"، وكرّم وزير الإعلام الفائزين بجوائز الإعلام السياحي وهم أفضل صحافي متخصص في السياحة وهو الصحافي في صحيفة الأنباء الكويتية أسامة أبو السعود، وفازت صحيفة الشرق الأوسط بأفضل صحيفة عربية تصدر ملحقاً سياحياً أسبوعياً، كما فاز الموقع السعودي"موسوعة المسافر"كأفضل موقع إلكتروني متخصص في الأخبار والخدمات السياحية العربية والعالمية، كما أعلن فوز برنامج"حلوة يا بلدي"كأفضل برنامج إذاعي سياحي عربي محلي، وفاز البرنامج التلفزيوني الشهير"مشاوير"من قناة أبوظبي الفضائية كأفضل برنامج تلفزيوني عربي مختص بالسياحة العربية، وأعلن فوز مجلة المسافر العربي كأفضل مجلة سياحية عربية وهي تصدر من لندن، كما فاز برنامج"أنا أحب المغرب"بالجائزة الخاصة، وفازت حملة الأردن الترويجية"الأردن أحلى"بأفضل حملة ترويجية على مستوى الوطن العربي، نظراً لتأثيرها الكبير في زيادة التدفق السياحي إلى الأردن خلال عام 2012. اختيار سلطان القاسمي رجل التراث العربي تم إعلان اسم حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي رجل التراث العربي لعام 2013، وسيقام احتفال خاص بالشارقة خلال شهر نيسان أبريل المقبل. واستقبل وزير السياحة المصري هشام زعزوع الوفود العربية على طاولة العشاء بأحد المراكب النيلية على ضفاف النيل ورحب بالإعلاميين، وأعلن عن موافقة الرئيس محمد مرسي على إعفاء السياح القادمين من دول المغرب العربي من الحصول على تأشيرة دخول مصر. وقال زعزوع إنه"قدم مذكرة للرئيس المصري لإلغاء شرط الحصول على تأشيرة الدخول للسائح القادم من دول المغرب وتونسوالجزائر، ووافق الرئيس على أن يتم هذا الإعفاء وفق ضوابط سيتم وضعها". وأضاف الوزير في حديثه أمام الصحافيين والإعلاميين العرب، أن"مصر ترحب بالسياحة العربية، وتسعى لإزالة كل المعوقات التي تواجه السائح القادم من دول الخليج أو دول المغرب العربي"، مشيراً إلى أن"إلغاء التأشيرات كان مطلباً متكرراً للسياح القادمين من دول المغرب العربي، وكان سبباً رئيساً في انخفاض الحركة السياحية القادمة منها إلى مصر". وأعلن زعزوع أن مصر استقبلت العام الماضي 11.5 مليون سائح، وحققت السياحة دخلاً يقدر ب10 بلايين دولار. وأضاف الوزير، أن"النتائج التي حققتها السياحة في مصر العام الماضي تعد جيدة، ونسعى لزيادة عدد السياح إلى أكثر من 15 مليون سائح سنوياً، وهي الأرقام التي كانت تحققت قبل الثورة". وقال إن السياحة العربية لمصر تراجعت بشكل كبير منذ ثورة 25 يناير، بسبب"الصورة المغلوطة التي ينقلها الإعلام الخارجي عن مصر"، لافتاً إلى أن"مصر آمنة تماماً للسياحة، والاضطرابات محصورة في كيلومتر مربع واحد فقط من مساحة الدولة". أسوان... قلب الحضارة المصرية وفي اليوم الثاني لأعمال الملتقى، انطلق الصحافيون العرب إلى مدينة أسوان قلب الحضارة المصرية بصعيد مصر، واستقبلهم اللواء مصطفى السيد، ورحب على أنغام الموسيقى النوبية والمحلية بالجنوب في تفاعل رائع، وقال إن ما يحدث في القاهرة حالياً ليس في كل مصر، والذي للأسف تحاول بعض القنوات الفضائية تقديمه للعالم، فلم يحدث اعتداء على أي سائح عربي أو أجنبي طوال الأحداث التي واكبت الربيع العربي. وفي لقاء صحافي بفندق موفنبيك في حضور الإعلاميين العرب، أكد المحافظ أن أسوان كان تعاملها مع أحداث الثورة بكل رقي وبشكل حضاري ينم عن مستوى أهلها الرفيع، إذ لم تسجل أي اعتداءات بحق السياح الأجانب. وحول تطوير السياحة البينية العربية، قال اللواء مصطفى السيد إن الدول العربية تجمعها لغة ودين وطباع واحدة وجغرافيا متقاربة، ولديها تميز سياحي في ما بينها، متمنياً أن يتم استثمار هذه السمات المشتركة لمصلحة الاقتصاد العربي. واستطرد المحافظ قائلاً:"إن مصر اليوم تعيش نتيجة الثورة ركوداً اقتصادياً شديداً تمخضت عنه بطالة زائدة في مختلف المجالات، ولعل العاملين في القطاع السياحي كانوا أكثر تأثراً من هذه الأوضاع"، مضيفاً:"نعلم جيداً أن أهالي أسوان يعتمدون على السياحة في فصل الشتاء لتدبير معيشتهم طوال العام. ولكن للأسف إمكاناتنا ضعيفة. ورهاننا على الإعلام العربي ليقول كلمته حول طبيعة الوضع بأسوان حتى تستعيد بريقها، فالدولة لا تستطيع تقديم بدل البطالة، وسنسعى لتجاوز هذه الظروف، وأن نعوضهم عما لحق بهم من أضرار". معالم سياحية ساحرة أسوان مدينة السحر والحب والتاريخ والطبيعة الخلابة، توقعك في غرامها منذ الوهلة الأولى، فتعشق تفاصيلها ونيلها وجزرها وتاريخها، أما عن سكانها فحدث ولا حرج، فهم رمز للبساطة والطيبة والفرح الدائم، تراهم ضاحكين مبتسمين مهللين بأي زائر يفد إليهم غير عابئين بما فعلته ثورات الربيع بمورد رزقهم الرئيس السياحة. المدينة الرائعة التي استقبلت الوفد الإعلامي العربي بكثير من الحب هي البوابة الجنوبية لمصر، إذ تعد مقصداً سياحياً مهماً، خصوصاً في الشتاء، لاعتدال الطقس واحتوائها على معالم سياحية ترحل بالزائر إلى عوالم خيالية وتاريخية مبهرة مثل جزيرة"فيلة"، ومعبد"أبو سنبل"، ومقابر النبلاء وجزيرة النباتات النادرة. الهرم الرابع البداية كانت السد العالي وعروض الصوت والضوء بمعابد فيلة، وجزيرة النباتات النادرة والجزر النيلية والمتحف النوبي، إلى جانب زيارة قرية غرب سهيل التي تعتبر مركزاً سياحياً عالمياً للسياحة البيئية والترفيهية، وكذلك خان أسوان السياحي. ويعد السد العالي الإنجاز التاريخي والمعجزة الهندسية واحداً من أكبر السدود في العالم، أنشئ في عهد جمال عبدالناصر، وبناه السوفيات. ساعد كثيراً في التحكم في تدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل. ويطلق على السد العالي تسمية الهرم الرابع، إذ بدأ بناء السد عام 1960، وقدرت الكلفة الإجمالية ببليون دولار، عمل في بناء السد 400 خبير سوفياتي، وأكمل بناؤه في 1968، وافتتح رسمياً في عام 1971. معبد فيلة عرض الصوت والضوء في معبد فيلة كان رائعاً ومميزاً، ولا يمكن لأي زائر تجاهله، إذ تجد نفسك في رحلة داخل حضن التاريخ، تغوص في تفاصيل قصة حب رومانسية ندر وجودها في هذا العالم الفيسبوكي. المعبد كان مخصصاً للإلهة"إيزيس"رمز الحب والوفاء والخير لدى المصريين القدماء التي طافت مصر، كما تقول الأسطورة الفرعونية، لجمع أجزاء جسد زوجها"أوزوريس"الذي قتله أخوه"ست"، وجعلت من ابنها حورس منتقماً لوالده. وكان المعبد تعرض للغرق بسبب مياه الفيضان في الستينات من القرن الماضي، ورصدت"اليونيسكو"موازنة كبيرة لإنقاذه، إذ تم تقسيمه وإعادة تجميعه في موقع جديد فوق جزيرة"إجيليكا"على بعد ما يقرب من 500 متر من موقعه الأصلي في جزيرة فيلة، كما تم تزويده بعروض الصوت والضوء التي يتجمع حولها العشرات من السياح كل ليلة، لسماع بعض من حكايات التاريخ المصري القديم بلغات مختلفة. "موفنبيك"الرائع المصريون اختاروا فندقاً لإقامة الوفود من أرقى فنادق المدينة، إذ يقع على جزيرة في وسط نهر النيل على بُعد مسافة قريبة من الجزيرة التاريخية والمواقع السياحية والمحطة الرئيسة والنقاط الثقافية، طبيعة هادئة وحدائق استوائية، غرف وأجنحة وفلل واسعة، تشكيلة متنوعة من المطاعم والبارات. موقع الفندق الاستراتيجي يمنحك فرصة مشاهدة أسوان بكل تفاصيلها وهضابها ونيلها. الجزيرة النباتية تعتبر جزيرة النباتات من أروع المزارات السياحية، نظراً لما تتمتع به من طبيعة خلابة وسط نهر النيل ومشاهدة النباتات النادرة يزورها سنوياً حوالى 40 ألف زائر أجنبي ومصري سنوياً. وجزيرة النباتات هي عبارة عن جزيرة في نيل أسوان تحيطها مياه النيل من كل الجهات، إذ يحرص جميع المصريين والأجانب على زيارتها أكثر من مرة، إعجاباً بما تحتويه على أكثر من 380 نوعاً نادراً من النباتات الاستوائية والمعتدلة، إذ تقع الحديقة على جزيرة في وسط النيل العظيم بمساحة 17 فداناً في مواجهة مدينة أسوان. الرحلات النيلية أما الرحلات النيلية، فهي متعة لا تنتهي، وأنت على متن المركب تعترضك لوحات طبيعية رائعة تشكلت من أحجار الغرانيت الملساء والصخور، كان الفراعنة يستعملونها في بناء معابدهم، والجزر الرمادية المستديرة التي غطتها بساتين وأشجار النخيل، والنباتات الاستوائية المنسدلة على مياه النيل الهادئة. وتكتمل الرحلة النيلية بزيارة قرية غرب سهيل الواقعة على بعد 15 كيلومتراً من المرسى السياحي، إذ استقبلت الوفود الإعلامية العربية بتراثها الغنائي والرقصات النوبية تحت قباب بيوت ما زالت تحافظ على أصالة ساكنيها وحبهم للحياة.