عبر 283 توصية، نُقِلَت هموم البيئة ومتغيّراتها إلى عام 2013، في مؤتمر"قمة الأرض- ريو+20". وافترضت القمة أنها فتحت السبيل أمام مسار التنمية المستدامة، بمعنى أنها متوافقة مع البيئة. وسرعان ما راج في أوساط نشطاء البيئة أن هذه القمة لم تكن سوى فشل آخر في السجل المديد للقمم الدولية للبيئة منذ قمة الأرض الأولى في 1992! تعذّر التصالح مع البيئة لم نصل إلى التصالح بين الاستمرار في التطوّر الحضاري والحفاظ على البيئة، ما زال البشر سائرين في طريق تنمية ليست بالمستدامة، بل تهدد البيئة ومصادرها واستقرارها. أُعلِنَت هذه الحقيقة بوضوح في"تقرير توقّعات البيئة - جيو 5"الذي صدر في منتصف العام الماضي. وسجل التقرير الالتزام بأربعة أهداف، إضافة الى حصول بعض التقدم في أربعين هدفاً آخر، من أصل 500 هدف توافقت الدول على اعتبارها شروطاً للتنمية المستدامة. وسجّل التقرير تقدماً في التخلص التدريجي من الرصاص في البنزين، ما يدعم الإنتاج العالمي الخام بقرابة 4 في المئة. وأوصى التقرير بتوفير بيانات أكثر دقّة حول الموارد البيئية وتطوير القدرات لدعم المعلومات عن البيئة، خصوصاً في البلدان النامية. ودعا إلى إثارة نقاش واسع حول الاتفاقيات الدولية عن البيئة بهدف تحديد أهداف بيئية وتنموية أشد وضوحاً. وحثّ على الجمع بين التقنية والاستثمارات ووسائل الحوكمة وطُرُق الإدارة، إضافة إلى إدخال تعديلات على الأنماط المعيشية بهدف التحوّل العميق نحو الاستدامة، وترسيخ القيم المستندة على العدالة والإنصاف. واستطرد مُلاحِظاً أن هذا التحوّل يجب أن يجري بصورة تدريجية. وأوصى"تقرير توقّعات البيئة - جيو 5"بمزيد من التعاون الدولي في صدد البيئة، لأن مشاكلها لا تنحصر ضمن الحدود الوطنية للدول. واستنتج أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول منتصف القرن ليس مستحيلاً، بل إنه ممكن إذا تم تغيير السياسات والاستراتيجيات الحالية، والاهتمام بالاقتصاد الأخضر والتجارة المستدامة والابتكار التقني وبناء القدرات. ودعا التقرير إلى التركيز على سياسات النمو السكاني والتوسّع الحضري وأنماط الاستهلاك غير المستدام، والاهتمام بالمشاكل الناجمة عن أنواع الطاقة والمواصلات التي تعتمد على الوقود الأحفوري. وحذّر من أن التقصير في تغيير البشرية أساليبَها وطرقها إزاء البيئة، ربما يُحدِث تغيّرات مفاجئة سلبياً في آليات دعم الحياة على كوكب الأرض. محطة دولية فارقة تميّز عام 2012 بقرار للأمم المتحدة قضى بفتح باب المشاركة في برنامجها عن البيئة United Nations Environment Program اختصاراً"يونيب"UNEP أمام أعضائها كافة. واعتُبِر محطة فارقة في مسار الحفاظ على البيئة. وسعى القرار إلى تقوية دور الأممالمتحدة في البيئة، خصوصاً تنفيذ قرارات"قمة الأرض الثانية"حول التنمية المستدامة. ومنح القرار الدول فرصاً متعادلة في اتخاذ القرارات وتنفيذ إجراءات دعم البيئة وتأكيد المشاركة العادلة في الموارد العالمية. ووصف آشم شتاينر المدير التنفيذي ل"يونيب"القرار بأنه تاريخي، معتبراً أنه يدعم جهود ال"يونيب"في التنسيق المباشر بين العلماء من جهة وصُنّاع القرار من الجهة الثانية. وكذلك هدف القرار لدعم جهود التعاون في البيئة، والحصول على التكنولوجيا المتّصلة بها. ومن المقرر عقد اجتماع أول للمجلس الحاكم الجديد ل"برنامج الأممالمتحدة للبيئة"في نيروبيكينيا بين 18 و 22 شباط فبراير 2013 تحت عنوان"ريو+ 20: من النتائج إلى التطبيق". ومن الموضوعات التي يناقشها المجلس، وضع المنتدى الوزاري الدولي للبيئة الذي جرت العادة على تنظيمه بالتوازي مع اجتماع المجلس الحاكم ل"يونيب". وكُلّف برنامج"يونيب"أيضاً بتنظيم إطار العمل الذي جرى التوافق عليه في"ريو + 20"، عن الإنتاج والاستهلاك المستدامين. ويستمر هذا الإطار عشر سنوات. ويقدّم دعماً فنيّاً وماليّاً للدول النامية. "كوب 18": فشل متكرّر لأن الجداول الزمنية باتت ضاغطة في مسألة المناخ، وجد مؤتمر"كوب 18"في الدوحة نفسه أمام أجندة ثقيلة جداً، بمعنى الحاجة إلى تطبيق قرارات سريعة في الانتقال إلى عالم منخفض الكربون، ووضع رؤية واضحة لكيفية الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة قبل 2020. وتندرج في السياق عينه مساعدة الدول النامية على التحوّل صوب اقتصاد أخضر والتكيّف مع تغيّرات المناخ وإيجاد حلول لمشكلة التمويل الذي تحتاجه هذه الدول لمواجهة مشاكل المناخ، إضافة إلى تعديل بروتوكول"كيوتو"، الذي يُكرَّس انتهاؤه شكلياً في 2012، على رغم أنه لم يعد سوى حبر على ورق. وجرت مفاوضات"كوب 18"بصعوبة، عبّرت عنها إضافة يومين إلى زمن المؤتمر. وبعد مفاوضات مضنية، وافقت الحكومات على فترة التزام ثانية ب"بروتوكول كيوتو"لمدة ثمانية أعوام. وتملّصت اليابان التي شهدت أراضيها ولادة هذا البروتوكول أصلاً وروسيا، وهما من كبار مُلوّثي البيئة، من التوقيع على هذا البروتوكول. وطالبت الدولتان بانضمام الولاياتالمتحدة، التي لم تستجب. وأُضيفت كندا إلى قائمة المنسحبين. وإذا تذكّرنا أن"كيوتو"لم يُلزِم دولاً نامية مثل الصين والهند، على رغم مساهمتهما الكبيرة في التلوّث، يتّضح أن فشل"كوب 18"كان شديداً. وطلب المؤتمر عينه من الدول التي وافقت على فترة الالتزام الثانية، أن تُراجِع التزاماتها المتعلقة بتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة عام 2014 كحد أقصى. وكان من نتائج المؤتمر أيضاً موافقة الدول على عقد اجتماعات ولقاءات خلال 2013 للتحضير لاتفاق جديد بشأن المناخ يبدأ اعتماده خلال 2015، ويغطي البلدان كافة اعتباراً من 2020. والمفارقة أن هذا البند هو تكرار لما جرى الاتّفاق عليه في"كوب 17"في"دوربان"بجنوب افريقيا 2011! وفي ما يتعلق بالتمويل وصندوق المناخ الأخضر، أطلقت البلدان المتقدمة وعوداً بدعم تمويل برامج المناخ في الدول النامية على المدى البعيد، بل قبل نهاية 2020، بمبالغ تقارب مائة بليون دولار على الأقل. ولا يزيد الأمر عن كونه أقوالاً تفصلها عن الوقائع مسافات شاسعة. فمثلاً، خلال انعقاد"كوب 18"، أعلنت مجموعة من الدول الأوروبية التزامها بتقديم ستة بلايين دولار معونة لبرامج المناخ، حتى العام 2015!