فنتانيا (البيرو) - أ ف ب (خدمة دنيا) - في مطبخ شاسع يرتقي إلى مصاف مطعم كبير، وأقيم بمحاذاة حي فقير قرب الصحراء عند تخوم ليما، تنكب مجموعة من الطهاة الشباب على تحضير أطباق متبلة بالقومية تفوح منها رائحة الارتقاء الاجتماعي. ففي البيرو، يشهد فن الطهو ازدهاراً متنامياً «ولم تكشف الأطباق عن كامل قوتها بعد، لا شك في أنها مغذية وممتعة، أيضاً لكنها قادرة على تغيير البلد على الصعيد الاجتماعي»... بهذه الكلمات، يلخص غاستون أكوريو (43 سنة) رؤيته، وهو الملقب ب «ملك» الطهو في البيرو، إذ يعزز مكانته على الساحة العالمية من خلال افتتاح مطاعم في أنحاء العالم، آخرها مطعم السمك «لا مار» في جادة ماديسون في مانهاتن. وشقت الأطباق البيروفية طريقها حول العالم بفضل تنوعها، ومذاقات بلاد الأنديز وأميركا اللاتينية وآسيا. ويقول أكوريو: «للمفارقة، يسود الجوع بلداً يتمتع بأطباق رائعة، فكيف للطهاة أن يستمدوا شرعيتهم؟». ولحل هذه المشكلة أنشئ «معهد باتشاكوتيك لتعليم فن الطهو»، عام 2007، في فنتانيا، وهي مدينة تضم 100 ألف منزل يفتقر إلى مياه الشرب. ويوفر هذا المعهد صفوف طبخ لمدة سنتين، ويخرج دفعات من 50 طالباً من أحياء ليما الفقيرة. ويحصل الطلاب، في مقابل مبلغ شهري رمزي، مئة سول (35 دولاراً)، على تعليم رفيع المستوى لا تقدمه مدارس الطبخ المزدهرة في ليما بأقل من ألف سول في الشهر. تقول داليا غودوي: «تغيرت حياتي منذ التحاقي بالمعهد، هنا تعلمت الطهو، والكثير من القيم، إذ تتعدد المهام من التبضع إلى التنظيف». ويقال في البيرو إن أكوريو وغيره من الطهاة المشهورين أصبحوا قدوة للشباب الذين يحلمون بأن يصبحوا طهاة بدلاً من لاعبي كرة قدم، كما كانت الحال سابقاً.