شهدت أحياء عدة من عاصمة جمهورية افريقيا الوسطى، بانغي، امس انفجارات وإطلاق نار من اسلحة رشاشة، لا سيما منطقة بي كاي 12 قرب المطار، وذلك بعد ليلة تخللتها عيارات رشاشة معزولة ومتقطعة لم يتضح مصدرها. وأعقب ذلك تنفيذ جنود من بوروندي في القوة الأفريقية دورية في المنطقة، حيث انتشرت على المحاور الكبرى عناصر من الميليشيات المسيحية للدفاع الذاتي وبأيديهم سواطير، بينما كانت جثة ممددة في احد شوارع المنطقة. كذلك سمعت عيارات كثيفة قرب مركز نازحين في منطقة المطار، من دون ان يتبين الطرف الذي اطلق النار. ثم انخفض الرصاص، لكن التوتر استمر في المنطقة على غرار حيي غوبونغو وغلاباجا عند مدخل بانغي. وأوقعت أعمال عنف دينية استمرت ثلاثة اسابيع حوالى ألف قتيل في بانغي ومناطق أخرى، في اطار تجاوزات ارتكبها عناصر من متمردي"سيليكا"السابقين، وآخرون في ميليشيات مسيحية، ثم تلتها فترة هدوء، قبل ان يتجدد العنف نهاية الاسبوع الماضي في بانغي، حيث ما زال التوتر بين المجموعتين المسيحية والمسلمة شديداً. على صعيد آخر، اعلنت قوة الاتحاد الافريقي ان الكتيبة التشادية التابعة لها التي اتهمت بارتكاب حوادث في بانغي خلال الأيام الأخيرة، وأنها شريكة لحركة"سيليكا"، ستعيد انتشارها لتتمركز في شمال البلاد. وقال الناطق باسم القوة الافريقية الكولونيل ندونغ توتوني:"ستتولى الكتيبة التشادية ضمان أمن الشمال في الأيام المقبلة". وكان جنود تشاديون وبورونديون من القوة الافريقية تبادلوا النار في بانغي الاثنين الماضي، ما اثار تساؤلات جديدة عن موقف الكتيبة التشادية التي تضم 850 من اصل 3700 جندي. وتتنامى مشاعر الريبة لدى سكان بانغي، وغالبيتهم من المسيحيين، إزاء الجنود التشاديين في القوة الافريقية المتهمين بالتواطؤ مع مقاتلي"سيليكا"وغالبيتهم من المسلمين. وكان رئيس افريقيا الوسطى، ميشال دجوتوديا، وجّه اول من امس دعوة جديدة لإرساء السلام في بلده، متهماً الرئيس المخلوع فرنسوا بوزيزيه الموجود في المنفى منذ اطاحته في آذار مارس الماضي بالوقوف وراء"المجازر"التي ارتكبت خلال الأسابيع الأخيرة. وقال دجوتوديا في مؤتمر صحافي عقده في مقر اقامته في قاعدة"رو"العسكرية:"أحبوا بعضكم بعضاً! هذا ما يقوله الكتاب المقدس والقرآن الكريم". ووقف رئيس الوزراء نيكولا تيانغاي وقادة البلاد الدينيون الثلاثة، القس نيكولا غريكويام والمطران ديودونيه نزاباليانغا والإمام عمر الى جانب الرئيس دجوتوديا خلال المؤتمر. ووجّه الرئيس انتقادات شديدة الى مستشاره ابابكر سابوني، الزعيم السابق لمتمردي"سيليكا"والذي تحدث الاحد الماضي عن امكان انفصال شمال البلاد عن جنوبه اذا لم يتوقف العنف في هذا البلد. وقال الرئيس الموقت الذي يفترض ان يترك السلطة بعد إجراء انتخابات مطلع عام 2015:"تصريحات سابوني شخصية وتستحق عقاباً شديداً، ولن أغفر له ذلك". الى ذلك، اعلن دجوتوديا فرض حظر على"أي تظاهرات غير قانونية"في العاصمة، مندداً ب"تظاهرات غير منضبطة وغير مصرح بها دعت الى الكراهية". وفي ما يتعلق بتبادل النار بين جنود تشاديين وبورونديين من القوة الافريقية، اكد ان الألوية التشادية لم تشارك في الحادث، مشيراً الى ان"القوتين تعرضتا لهجوم من ميليشيا مسيحية". الكتيبة المغربية وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، ابدى العاهل المغربي الملك محمد السادس قلقه من تدهور الوضع الأمني في إفريقيا الوسطى وتفاقم الأزمة الإنسانية، مؤكداً عزم الرباط على الإسهام في شكل فاعل في الجهود المبذولة لإرساء السلم والأمن عبر وقف دوامة العنف الطائفي الذي يستهدف السكان. ودعا العاهل المغربي الى توفير حماية متوازنة وغير تمييزية لكل الطوائف الدينية والعرقية في افريقيا الوسطى، وإطلاق حوار شامل لتحقيق الوئام الوطني. ويشارك المغرب بقوات رمزية لحماية مقار الأممالمتحدة في بانغي، بينما تحاول قوات عسكرية فرنسية وقف الاقتتال ونزع أسلحة الأطراف المتناحرة.