غريب أمر الكرة في المغرب! تمنح العالم جوهرة اسمها العربي بن بارك، ويتألق باسم أسود الأطلس نجوم من طينة فراس والتيمومي وكريمو وبادو والشماخ، ثم تخرج تماماً من رادار الكرة الأفريقية والعالمية، وكأنها تعيش حال سبات شتوي يستمر أعواماً.. وتلجأ الجامعة الملكية لكرة القدم إلى كل الوسائل لإعادة الاعتبار من دون جدوى، فلم يبق أمامها إلا أن تستعين بالعرافين لعلهم يعثرون على طالع النحس الذي لازم الكرة المغربية التي كانت وستبقى مرجعاً في تاريخ الكرة العربية والأفريقية منذ إنجازي المكسيك مونديالي 1970 و1986 المميزين. واتسمت الأعوام الأخيرة بعد الاستقرار في هيئات الكرة والجهاز الفني للمنتخب، وانتقل النقاش في متاعب ومستقبل الكرة المغربية من الشارع إلى البرلمان، وعلى رغم هذا بقيت دار لقمان على حالها، وكنا نشعر بمرارة تلك الانتكاسات في انتظار معجزة تأتي من هنا أو هناك تحث الهزة الكهربائية في جسم الكرة المنهار.. ولم يكن أحد ينتظر هذا الذي ينجزه بحرارة وعنفوان نادي الوداد البيضاوي بوصوله المستحق إلى نهائي كأس العالم للأندية، ولم يكن هذا ضربة حظ، بل كان ثمرة إصرار ورغبة في تشريف المغرب والكرة العربية والأفريقية، وإعادة الأمل إلى جماهير محبطة من عدم القدرة على تجاوز حال الإخفاقات المتكررة. أنا لا أطلب من الوداد أن يمنح المغرب كأس العالم للأندية، وهو ما نتمناه جميعاً، إنما أتمنى أن يكون هذا الإنجاز منطلقاً لمرحلة جديدة تبدأ من كأس أمم أفريقيا 2015، ويترك الماضي للماضي. فعندما نرى في ملاعب العالم نجوماً من المغرب تتألق في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وغيرها يكون السؤال كالتالي: هل يمتلك المغرب منتخباً ولا يمتلك فريقاً؟ أعتقد أن هنا مربط الفرس، فاللاعبون موجودون ولا يحتاجون إلى من يشرح لهم معنى أن تمثل وطنك. لكن المشكلة تكمن، ربما، في غياب رؤية مستقبلية تقتضي تنسيقاً بين إدارة فاعلة وجهاز فني كفء، والتزام حقيقي للاعبين ودعم ثابت من الجماهير والإعلام، وحينها يمكن الوصول إلى الهدف.. ولعل تجربة الجزائر واضحة للعيان، ونتائجها ثمرة استقرار واستمرار. أحياناً، أقرأ وأسمع آراء خبراء في الكرة المغربية تبدو قاسية لأن نتائج النخبة الوطنية تدعو إلى ذلك، لكنها انفعالية واستعجالية وأحياناً متقلبة، فما إن يحقق الفريق فوزاً تتهاطل عليه برقيات الشكر والثناء، أما إذا أخفق فيرمى به في الجحيم. لقد قرأت أن فوزي البنزرتي الوافد الجديد على الكرة المغربية بنجاح باهر، يحتمل أن يحمل مسؤولية قيادة أسود الأطلس، وهو اختيار في تقديري صائب، من دون التقليل من كفاءة المدرب الحالي، لكن أمثال البنزرتي وهم مدربو أندية، يحتاجون إلى وقت لترميم جدار الكرة المغربية وإخراج الأسود من قفص اليأس إلى رحابة البطولة والكأس.. وعلى الجمهور المغربي القلق جداً أن يصبر قليلاً ولا يستعجل النصر في أول خرجة، فالإنسان يقضي تسعة أشهر في بطن أمه ليخرج إلى النور. وعلى الإعلام المغربي، أن يستعيد مهنيته، لتشجيع المدرب واللاعبين وعدم النبش فيما انتهى إلى النسيان.. وأنا واثق من أن عصر التيمومي وخيري والنايبت وبدربالة وحاجي وظولمي سيعود مع أسماء جديدة إلى صفحة جديدة. [email protected]