يشكل معرض"بلادي قطر"فرصة لمن أراد إلقاء نظرة على الماضي الجميل لدولة صغيرة شهدت قفزة نوعية على مر السنوات. فمن مبنى المركز التجاري"ذي غيت"في منطقة الدفنة، بين الأبراج التي تخترق السماء، فتح المعرض أبوابه أخيراً، كاشفاً مجموعة صور نادرة تعرض للمرة الأولى توثق لمراحل لافتة مرت بها قطر، من خلال استعراض مصوَّر لعملية بناء مجمع السلام التجاري الذي يشكل"الأب الروحي"للمركز الحالي"ذي غيت"الذي يحتضن المعرض. يستمر المعرض حتى 12 كانون الثاني يناير المقبل، وواكب افتتاحه احتفال قطر باليوم الوطني الذي يصادف في 18 كانون الأول ديسمبر. وقد حضر افتتاح المعرض حشد من الشخصيات القطرية تقدمهم أبناء الراحل عيسى عبد السلام أبو عيسى رئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي ل"السلام ?العالميّة"، وحسام عبد السلام أبو عيسى، نائب رئيس مجلس إدارة ورئيس العمليّات في الشركة.? وقد جالوا في أرجاء المعرض وأبدوا إعجابهم بالصور ?الفوتوغرافية التاريخية المعروضة، التي كانت ثمرة عمل متقن لمدة سنتين أمضاها الخبراء في ترميم الصور وأرشفتها بدقة ?كبيرة، وتحويلها إلى نسخ إلكترونية تحضيراً لعرضها في مبادرة فريدة. ولأن من أشهر معالم الدوحة القديمة فندق الشيراتون المعروف ب"هرم الخليج"، يُظهر العديد من الصور عملية بنائه بالتزامن مع بناء مركز السلام، علماً أن المنطقة كانت خالية إلا منهما ومن بعض الأبنية المتفرقة. والمشهد يبدو صارخاً إذا ما قورن بالواقع الحالي للفندق وللمنطقة التي باتت محتشدة بالأبراج الضخمة. ومعرض"بلادي قطر"يحكي أيضاً قصة مؤسس شركة السلام العالميّة الراحل عبد السلام محمد أبو عيسى رجل الأعمال القطري الفلسطيني الأصل، ورحلته إلى قطر عام 1950، بحثاً عن فرصة عمل. وكانت كاميرته مدخله إلى النجاح، فأسس أول استوديو ومختبر لتحميض الأفلام في الدوحة باسم"استوديو السلام"، وكان من روّاد التصوير في قطر. وفي العام 1954 حوّل المطعم المجاور إلى محل للهدايا، ودمجه والاستوديو تحت اسم"استوديو ومحلات السلام". كما يروي المعرض رحلة أبو عيسى مع عائلته في ?عالم الأعمال حيث لم تعد المحلات الصغيرة كافية، فبدأ التوسع عام 1963، ليصل لاحقاً إلى دول الخليج المختلفة، كالإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، ويصبح على رأس شركة السلام الرائدة في مجال الأعمال. ?وقد تزامن تطور الاستوديو السريع مع نمو قطر واقتصادها وتطور دورها في المنطقة، وتمكن فريق عمل"استوديو ?السلام"آنذاك من التقاط صور وثّقت تاريخ قطر وقادتها وتفاعلها مع القادة العرب خلال زياراتهم للإمارة، إلى جانب تفاعلهم مع القضايا العربية والقادة العرب البارزين من أمثال الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي يرفعون صوره عالياً في صور من المعرض. كذلك تُبرز الصور طريقة حياة ?الناس في ذلك الزمان، وتطوّر الأماكن والنمو الذي شهدته البلاد من خلال مظاهر مختلفة، بالإضافة إلى مشاهد من الحياة اليومية للقطريين، وصور لمراحل ولحظات مميزة تركت أثرها اللافت في التاريخ القطري خلال الفترة من العام 1950 إلى 1990. وكثيرة هي الصور التي تستوقف المشاهد ولعل أبرزها ما يسجل لقطر من قبولها افتتاح"مكتب منظمة التحرير الفلسطينية ? مكتب قطر والخليج العربي"رغم احتجاج المعتمد البريطاني آنذاك، وافتتح المكتب في الأول من كانون الثاني يناير 1965، ووثقت إحدى الصور الازدحام الذي شهده المكان حينها. أتى المعرض"ذاكرة مصورة"للتاريخ القطري لينقل لمحات من أبرز المعالم القطرية القديمة مقارنة بالمعالم نفسها في الحاضر، ويترك في الأذهان صوراً جميلة عن بلاد صغيرة كبرت على مر السنين.