وُلِدَ الأميركي- المغربي خليل أمين في بلدة"بني أحمد"المغربية في عام 1962. وتخرج في جامعة مراكش قسم الكيمياء العلمية. ونال منحة حكومية مكنته من نيل الدكتوراه في علم المواد من جامعة"بوردو"الفرنسية. واستهل حياته المهنية بالعمل باحثاً في مختبرات جامعة"لوفان"البلجيكية. ثم انتقل إلى جامعة"كيوتو"و"معهد أوساكا للبحوث المتقدمة"و"شركة تخزين الطاقة وتكنولوجيا البطاريات"في اليابان. وفي عام 1998، التحق ب"مختبر أرغون الوطني"في شيكاغو الأميركية. وما زال يعمل فيه إلى اليوم، بل يقود فيه بحوثاً تتمحور حول بطارية"ليثيوم أيون"واستعمالاتها المتنوعة في الأجهزة الإلكترونية والسيارات الكهربائية والأقمار الاصطناعية وغيرها. بطاريات"ليثيوم أيون" في لقاء مع"الحياة"، أوضح أمين أن الأساس في هندسة البطارية يكمن في فهم التركيب الجزيئي للمواد التي تتكون منها، وتحديد خصائص تلك المواد ومدى قوتها وفعاليتها. وأشار إلى أن تكنولوجيا البطاريات مستمرة في تطوير الأجيال المستخدمة حاضراً من بطاريات"ليثيوم أيون"، إضافة إلى ابتكار أنواع متقدمة منها. وذكر أمين أن بطارية"ليثيوم أيون"تتألف من جهاز لتخزين الكهرباء وقُطبين كهربائيين أحدهما سالب والآخر موجِب. وذكر أمين بأن العلماء اكتشفوا الليثيوم في عام 1817، وهو مُصنف بوصفه العنصر الثالث على"الجدول الدوري للعناصر"Periodical Table for Elements، ويُشتهر بكونه أخف المعادن إطلاقاً، على رغم أن اسمه مشتق من لفظ يوناني معناه"الحجر""ليثوث"Lithos. ونظراً إلى خفته ووجوده في الحال الصلبة، يمتلك ال"ليثيوم"نشاطاً تفاعلياً قوياً مع المواد الأخرى، على غرار الهيدروجين: أخف عناصر المادة. وأوضح أمين أن غمس لوح من الليثيوم في حمض معين، يؤدي إلى إطلاق موجات من الأيونات، مع التذكير بأن ال"أيون"Ion هو ذرة Atom تحمل شحنة كهربائية. وتسير هذه الموجات بين قُطبي اللوح. وتتجه الأيونات إلى القُطب المُعاكِس لها كهربائياً. لذا، تتراكم الأيونات الموجِبة كتايونز"Cat ions على القُطب السالب، بينما تتراكم الأيونات السلبية "آنيونز"Anions على القُطب الموجِب، بحسب تفسير أمين. ولفت أمين إلى أن بطاريات"ليثيوم أيون"تتميز بقابليتها للشحن، وسعتها الكهربائية الكبيرة، العالية وقدرتها على إنتاج تيار كهرباء، وخفة وزنها نسبياً، وتحملها عدداً كبيراً من مرات إعادة الشحن. وذكر بأن هذه الميزات ساهمت في انتشار هذه البطاريات في الطب والأسلحة والأجهزة الإلكترونية وألعاب الأطفال وأجهزة الطيران وصولاً إلى مركبات غزو الفضاء وغيرها. وفي المقابل، أوضح أمين أن بطارية"ليثيوم أيون"تعاني عيوباً تشمل عمرها المحدود أقل من 3 سنوات وحساسيتها حيال الحرارة المرتفعة، وعدم الاستفادة منها بعد استنفاد شحنتها، إضافة إلى كلفتها الكبيرة. وجهد أمين في ابتكار تقنيات تتفادى هذه العيوب. وأدخل مواد جديدة إلى بطارية"ليثيوم أيون"بطريقة ذكية، إذ غلُف القُطب الموجِب من الداخل بطبقة من أُكسيد الليثيوم الغني بالنيكل، وبطبقة من ال"منغنيز"من الخارج. وأدى هذا إلى زيادة تراكم مادة الكربون على قُطبي لوح الليثيوم في البطارية. ولأن الكربون مادة مستقرة تماماً، فإنها ساهمت في رفع مستوى أداء بطارية"ليثيوم أيون"، وزيادة عدد مرات إعادة شحنها، وزيادة سعتها كهربائياً بمقدار الثلث، وخفض تأثرها بالحرارة، وإطالة عمرها وانخفاض كلفتها أيضاً. وبين أن مختبر"أرغون"في شيكاغو يسعى لرفع كثافة الكهرباء في بطارية"ليثيوم أيون"بعشرة أضعاف مستوياتها حاضراً، وهو أمر يعتبر اختراقاً تقنياً ضخماً في حال تحققه. أمين على تطوير بطاريات"ليثيوم أيون"في سياق صنع سيارة هجينة تستطيع العمل بالوقود والكهرباء معاً. واستبدل بالكربون في القُطب السالب مكوناً من النحاس، وفي القُطب الموجِب الألومينيوم، مع تغطية القُطبين بطبقة رقيقة جداً من السيراميك لا تزيد على سماكة شعرة الرأس، لكنها تمنع اشتعال الخلية الكهربائية إذ تتحمل حرارة عالية تصل إلى 700 درجة مئوية من دون أن تشتعل. وكذلك فصل قُطبي البطارية بطبقة مُشبعة من الليثيوم، فصارت بمثابة لباد يغلف القُطبين. وحاضراً، يعكف أمين على تطوير تقنية جديدة لبطاريات يسميها"ليثيوم الهواء"Lithium Air لأنها تستعمل غاز الأوكسجين في قُطبها الموجِب. وبحسب أمين، ستولد هذه البطارية تياراً كهربائياً يأتي من تفاعل الأوكسجين مع أيونات الليثيوم، فتكون لها سعة في تخزين طاقة الكهرباء بعشرة أضعاف البطاريات المستعملة حاضراً. وتتسم"ليثيوم الهواء"بخفة الوزن، كما تستطيع أن تسير سيارة كهربائية لمسافة تزيد على 800 كيلومتر في كل دورة من إعادة الشحن، إذ تسحب"ليثيوم الهواء"ذرات الأوكسجين من الهواء، كي تتفاعل مع الليثيوم الذي تلتصق به أيضاً. وعند استخدام البطارية في تسيير السيارة، تتفكك الروابط بين الأوكسجين والليثيوم، مع إنتاج كمية كبيرة من الطاقة تضمن تحرك السيارة لمسافات طويلة، مع إعادة إطلاق ذرات الأوكسجين إلى الهواء. وبانتظار ظهور"ليثيوم الهواء"، ينكب أمين على وضع تصميم لبطارية جديدة من الليثيوم والكبريت لأنها ستكون أكثر أماناً وأطول عمراً، وتفوق سعتها الكهربائية بطاريات"ليثيوم أيون"التقليدية بقرابة 80 في المئة. في المقابل، يعاني هذا النوع من عدم إمكان إعادة شحنه إلا مرات قليلة. ولم تذهب هذه الابتكارات العلمية من دون تكريم مناسب، بل أن تكريمه ما زال مستمراً، إذ وصفت مجلة"ساينس ووتش"العالِم أمين بأنه من كبار العلماء في البحوث المتقدمة، بل وضعته في المرتبة ال11 على قائمتها العالمية للبحاثة الأكثر تميزاً. وبينت أن مساره الأكاديمي متواصل منذ ما يزيد على 23 عاماً، ولديه 41 ورقة علمية. ويرأس حاضراً"المؤتمر الدولي لتطبيقات بطاريات الليثيوم المتقدمة في السيارات". ونظم أمين أول مؤتمر دولي لبطاريات الليثيوم وتطبيقاتها 2008. وعُين مستشاراً في"مجلس البحوث الأميركي الوطني لتكنولوجيا البطارية"، وعضواً في"الجمعية الكهروكيماوية الأميركية"و"الجمعية الأميركية لبحوث المواد والسيراميك"، و"المؤتمر الاستشاري الدولي حول المواد"في الصين. ونشر 254 بحثاً في مجلات علمية مرموقة. وسجل 120 اختراعاً في علوم المواد والبطاريات.