بكامل أناقتها، تحمل حقيبة يدها الفاخرة، متجهة إلى مقر العمل. تحيطها الأعين هنا وهناك، فالأناقة ينضح منها الجمال وهو"مصدر الثقة بالنفس". شابة أخرى لا وقت لديها لكل هذا،"فلا شيء أجمل من الطبيعة"، وثالثة يأسرها عالمها المحافظ حيث لا مكان للمساحيق، والعطور وآخر صيحات الموضة. كل ما عليها فعله، هو وضع عباءتها وملفعها السوداوين والتوجه إلى العمل. إنهن الموظفات الكويتيات. وعلى رغم تنوع أنماطهن، فإنهن متهمات دوماً بالإسراف في الأناقة بشكل لافت للنظر. ويجعل السعي الدؤوب لملاحقة آخر صيحات الموضة الموظفة الكويتية عرضة للانتقاد والاتهام بالتبذير. فالراتب مصيره محلات الألبسة وتوابعها. أما السبب فيرجعه متابعون إلى رفاهية المجتمع من جهة، وطبيعة المرأة المحبة للجمال من جهة أخرى. وتقول مريم السند إن جمال المرأة"ليس إلا نتاج اهتمامها بجوهرها ومظهرها على حد سواء لأن المظهر أساسي والاهتمام به يزيد ثقة المرأة بنفسها وإحساسها بأنوثتها ونظرة المجتمع إليها". فالموظفة برأي السند،"تسعى لتعزيز ثقتها بنفسها، وكسب ثقة المحيط رافضة اتهام الموظفة بالمبالغة، فبالنهاية هناك قواعد عامة". ولا يختلف رأي نورة أحمد كثيراً، فهي ترى أن اهتمام الموظفة الكويتية بأناقتها وجمالها يعد"مفخرة". وتقول:"هي تزيد مكان العمل جمالاً وازدهاراً فلا أحد يكره الجمال والترتيب". وتضيف:"أرفض أن تتهم الموظفة الأنيقة بالترف وقلة الوعي، فهل أجمل من أن تمتلك المرأة الجمال والذكاء؟". سعدية الزعتري موظفة أخرى ترى بدورها أن ملابس الموظفات الشابات"غير مناسبة أبداً". وتقول:"الفساتين ضيقة وقصيرة وكأن الموظفة مدعوة لحفلة فجاءت بكامل أناقتها". وترجع الزعتري السبب في هذا الإسراف إلى"الغيرة والتنافس بين البنات والتباهي بالماركات الباهظة". وتقول:"في مقر عملي إعلانات تحض على الالتزام بالزي المناسب... ولكن لا حياة لمن تنادي". ولا يختلف رأي ليلى كرم عن سابقتها فهي ترى في أزياء الموظفة الكويتية استعراضاً يكشف مبالغة كبيرة، وتقول:"أكثر الموظفات ما عدا المنقبات لديهن إسراف واضح باللبس والمكياج وكأنهن يتبارين بعرض الأزياء والماركات، أما الحديثات التخرج فهن سعيدات بالوظيفة وغالباً غير متزوجات، ما يجعلهن متفرغات للموضة والمكياج". وترجع كرم السبب إلى عدم وجود لوائح واضحة من قبل مؤسسات الدولة تلزم الموظفات بلباس رسمي، معتبرة أن"القدرة المالية وعدم الالتزام بأي مسؤولية يعنيان أن ما يدخل الجيب من الراتب يذهب للمجمعات التجارية، ناهيك بحب الاستعراض وقلة الثقافة، فإذا ما تجمعت الموظفات لا كلام لهن إلا عن الماركات وتقليد المطربات والممثلات". محمد السميط الذي يعمل في مجال التسويق يقول إن"أكثر النساء نجاحاً في المبيعات وتسويق السلع غير الضرورية هن المبالغات في الزينة والتبرج لأن الرجال يأتون إليهن لغرض التمتع بالحديث والنظر بأريحية بحجه الشراء". ويضيف:"هذا تقليد أعمى للموضة حتى ولو كانت سلبية والسبب نقص الوعي بالوازع الديني والأخلاقي". وترى المحاضرة والمدربة في مجال تنمية القدرات الشخصية هدى الجاسر أن الموظفة في الكويت هي في النهاية امرأة تحب الجمال بغض النظر عن خلفيتها وجنسيتها. وتقول:"لا يمكن أن نقيّم الجميع وفق مسطرة واحدة فهناك تفاوت والموضوع يعود للتربية والثقافة ودرجة الوعي والإدراك، ولكن أعتقد أن سبب مبالغة الفتيات في التبرج والزينة في مكان العمل، هو انتشار وسائل التواصل والإعلانات المكثفة للبضائع المتنوعة ومعارض الأزياء، ومسابقات الجمال".