في لقاء رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مع قناة"تي في 24"، أماط اللثام عن طلبه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانضمام إلى منظمة شنغهاي. واهتمت الصحافة المحلية أيضاً بتصريحاته الأخرى، إلا أن أياً منها لم يبرز حديثه عن استعداده لإغلاق ملف العضوية في الاتحاد الأوروبي وتغيير وجهة تركيا. فجواباً عن سؤال"هل يفترض بتركيا أن تنسى الاتحاد الأوروبي؟ قال أردوغان إنه"لم ينسَ الاتحاد الأوروبي وإن الاتحاد يسعى إلى نسيان تركيا من غير أن يقوى على ذلك ...". فالاتحاد الأوروبي، كما يقول رئيس الوزراء التركي، لا يرغب في ضم دولة إسلامية إلى أعضائه، ولا يريد الوقوع في خطأ"الناتو"الذي شرّع أبوابه أمام تركيا. ويرى أردوغان أنه بصفته رئيس وزراء لبلد عدد سكانه 75 مليوناً عليه البحث عن حلول بديلة. لذا، دار كلامه على حلف شنغهاي واقترح على الرئيس الروسي فكرة الانضمام إليه. وحين سُئل إذا كان يرى أن مكانة حلف شنغهاي تضاهي مكانة الاتحاد الأوروبي أجاب من غير تردد:" شنغهاي أقوى وأفضل، ناهيك عن أن المشترك بيننا وبين شنغهاي من المعايير يفوق ما يجمعنا بالاتحاد". ويرى كثر في جمع أردوغان الشكوى من الاتحاد والتلويح بالانضمام إلى شنغهاي، محاولة لابتزاز الاتحاد الأوروبي والضغط عليه. ولا يخفى أن لا فائدة ترتجى من مثل هذه الخطوة. فالاتحاد الأوروبي لن يغيّر رأيه في عضوية تركيا نتيجة بحث أنقرة عن بدائل. لكن من يعرف أردوغان يدرك أنه لا يرمي إلى الابتزاز السياسي، بل يفصح عن رغبة فعلية. وفي وقت لا يبدو أن الاتحاد سيغير موقفه إزاء عضوية تركيا في المستقبل القريب، يفترض بأنقرة البحث في اقتراح شنغهاي. فمن يرفع لواءه هو أردوغان الذي يتوقع أن يخلف أثراً بالغاً في السياسة التركية. شنغهاي تحالف عسكري أبصر النور في 1996 بين الصين وروسيا وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزيا، ثم انضمت إليه أوزبكستان عام 2001 فتحول الخماسي إلى سداسي"شنغهاي"أو"منظمة شنغهاي للتعاون". وانضم إليها بعد ذلك بصفة مراقب عدد من الدول، منها تركيا التي مثّلها في قمة بكين أردوغان العام المنصرم. ويبدو أنه استساغ بنية مجلس المنظمة هذه الرئاسية، وربما يأمل بالانضمام إلى المجلس بعد أن يرتقي رئيساً للجمهورية التركية. ولا تسعى المنظمة التي تجمع دولها نصف سكان العالم، إلى إرساء محور عسكري عالمي. لكن التعاون الأمني والعسكري وثيق بين أعضائها. ويحسب بعضهم أن الاتحاد الأوروبي كان مشروع القرن العشرين الذي استند إلى التجارة ومعايير حقوق الإنسان، لكنه اليوم قاب قوسين من الإفلاس. ومشروع القرن الواحد والعشرين هو منظمة شنغهاي المتعددة الركن: النمو السكاني والاستقرار الأمني والتبادل التجاري. ولا نعرف هل أردوغان صاحب رؤية جيواستراتيجية أم أنه سياسي حالم فحسب. ولكن، في كل الأحوال حريّ بنا حمل تصريحاته الأخيرة على محمل الجد. * صحافي ومحلل، عن"راديكال"التركية، 27/1/2013، إعداد يوسف الشريف