المفوض الأممي لحقوق الإنسان: عنف أشد "سيحل" شرقي الكونغو    «النقد الدولي»: تحليل تأثيرات رسوم ترمب الجمركية مبكر    ألاسكا.. البحث عن طائرة مفقودة على متنها 10 أشخاص    واشنطن ترفض مشاركة«حزب الله» في الحكومة الجديدة    الفيفا: الإنفاق في انتقالات يناير بلغ مبلغا قياسيا في 2025م    مفتي عام المملكة ونائبه يتسلمان التقرير السنوي لنشاط العلاقات العامة والإعلام لعام 2024    خطبة المسجد الحرام: المؤمن القوي أكثر نفعًا وأعظم أثرًا.. والنصر مرتبط بميزان القلوب لا بميزان القوى    خطبة المسجد النبوي: من رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار فقد رام محالًا    "تعليم الرياض" يتصدرون جوائز معرض " إبداع 2025 " ب39 جائزة كبرى وخاصة    3 مستشفيات سعودية ضمن قائمة "براند فاينانس" لأفضل 250 مستشفى في العالم    أسعار النفط بين التذبذب والتراجع.. لعبة التوترات التجارية والمعروض المتزايد    النمر العربي.. مفترس نادر يواجه خطر الانقراض    الصقيع يجمد المياه في الأماكن المفتوحة بتبوك    مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.. الحلم تحول إلى واقع    العُلا.. متحف الأرض المفتوح وسِجل الزمن الصخري    ترامب يعاقب المحكمة الجنائية الدولية بعد ملاحقة نتانياهو وغالانت    طقس بارد وصقيع في شمال المملكة ورياح نشطة على الوسطى والشرقية    ملامح الزمن في ريشة زيدان: رحلة فنية عبر الماضي والحاضر والمستقبل    «الشورى» يوافق على 5 مذكرات تفاهم مع دول شقيقة وصديقة    ناقتك مرهّمة؟!    «سدايا»: طورنا أقصى قيمة ممكنة في الذكاء الاصطناعي لتبني الاستخدام المسؤول    «تبادل القمصان»    «حصوة وكرة غولف» في بطنك !    أدريان ميرونك يتصدر منافسات الأفراد في أول أيام بطولة "ليف جولف الرياض"    لأول مرة.. مبيعات التجارة الإلكترونية عبر «مدى» تتجاوز 1.000.000.000 عملية    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    ما العلاقة بين لقاحات كورونا وصحة القلب ؟    أضرار الأشعة فوق البنفسجية من النافذة    «قيصر» السوري يكشف عن هويته بعد أعوام من تسريب صور التعذيب    إنترميلان يسقط بثلاثية أمام فيورنتينا بالدوري الإيطالي    أرض الحضارات    الأردن: إخلاء 68 شخصاً حاصرهم الغبار في «معان»    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    يا بخت من زار وخفف    لا تحسد الثور على كُبر عيونه    كيف كنا وكيف أصبحنا    دور وزارة الثقافة في وطن اقرأ    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    أمانة القصيم تُقيم برنامجًا في الإسعافات الأولية مع هيئة الهلال الأحمر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    القادسية يتغلّب على الرائد بثنائية في دوري روشن للمحترفين    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    «أخضر 20» يخسر ودية إيران    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    "الرياض للجولف" يحتضن أبرز البطولات العالمية للرجال والسيدات    الحميدي الرخيص في ذمة الله    تغيير مسمى ملعب الجوهرة إلى ملعب الإنماء حتى عام 2029م بعد فوز المصرف بعقد الاستثمار    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    آدم ينير منزل شريف    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    الشريف والمزين يزفان محمد    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    ملك الأردن : نرفض محاولة تهجير الفلسطينيين    "سدايا" تجمع روّاد الابتكار بمؤتمر" ليب".. السعودية مركز عالمي للتقنية والذكاء الاصطناعي    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    ألما يعرض 30 عملا للفنانة وفاء الشهراني    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوى النظام إذ تضيّع الدولة ومعها الوطن . سلفيو اليسار وعقدة المرجعية والسلطة المُضاعة
نشر في الحياة يوم 25 - 09 - 2012

نرى"يسراويي"التمذهب السياسوي المقابل للتمذهب الطوائفي، وهم يصطفون إلى جانب نظام هو مزيج من الأنظمة الأمنية العسكرية، والأنظمة الطوائفية المتمذهبة، وهي الأسباب ذاتها التي جعلت وتجعل من النظام الإيراني، بالإضافة إلى أسبابه ومصالحه الخاصة وطموحاته القومية، صورة طبق الأصل في الدفاع عن هذا المزيج، باصطفافه إلى جانب النظام السوري، كذلك الأمر في روسيا البوتينية التي وجدت ضالتها في الدفاع عن نظام من هذا القبيل الذي تريده لنفسها في مواجهة شعبها، وإلا بماذا يمكن تبرير كل هذا الدعم الروسي، أو الصيني، لنظام لا يتوانى عن قتل شعبه، بأسلحة يفترض أنها مرصودة لمواجهة"عدو قومي"يحتل أرضاً وطنية، ويجرح السيادة التي ينافح أرباب السيادة المحليون والإقليميون والدوليون بالدفاع عنها؟
الأنكى من ذلك، تلك الهوجة أو هوسات الزعيق التي تتخيل قدرة فائقة للنظام ومحالفيه، على"تنظيف"و"تطهير"الوطن السوري والدولة السورية من شعب أفقده النظام كل إحساس بصلة له بالوطن والدولة، مكرساً قطيعته هو كنظام أمني/عسكري يعادي السياسة كمضمون لجوهر القيادة السياسية للدولة، كما وتكريس انفصاله عن مجتمع ذهب إلى تفتيته حد التصفية الجسدية لقواه ومكوناته، عبر ما أضحى مكشوفاً من مجازر ومذابح يومية، تحت شعار"التنظيف"و"التطهير"، وكأن النظام"المنتصر"على شعبه في الغد يمكنه أن يواصل حكمه لهذا الشعب كما حصل في السابق"وكأن شيئاً لم يحصل، فأي وهم لدى حلفاء النظام الخلّص، كما ولدى أولئك الذين ما رأوا في القبضة الستالينية القمعية والاستبدادية، سوى الوجه الآخر لديكتاتورية البروليتاريا المزعومة، التي يعادلها اليوم تأييد ودعم نظام أو انظمة استبداد طغيانية، على رغم كل ارتكاباتها وفظائعها، يُزعم أنها معادية للامبريالية، ومقاومة لها... وممانعة؟
اليوم وبكل صراحة، إما أن تكون مع الشعب، ككتلة تاريخية مجتمعية وسياسية منظمة تقدمية وليبرالية حقاً، كما هي في الوقت ذاته معادية لهيمنة قوى سياسية حاكمة وأخرى خارج السلطة"كالقوى الأهلية والدينية التي تحاول في كل الأوقات فرض نوع من هيمنة سلطوية لها تزعم أنها تستمدها من السماء، أو ما تفترض أنه مقدسها الأيديولوجي، أو ما تزعم أنه"حقها الإلهي"في تسيّد السلطة وتبوؤ مواقعها الصغرى والكبرى، وصولاً إلى حكمها غير الرشيد، حتى وهي ترث حكماً استبدادياً غير رشيد هو الآخر، لا تنفع معه ادعاءاته ومزاعمه بشأن ذاته أو بشأن تحالفاته مع أنظمة استبداد طغيانية سياسوية أو طوائفية متمذهبة، لها مطامحها القومية في فضاء تحالفاتها الإقليمية الضيقة أو الواسعة مع دول أو قوى غير دولتية، فئوية وحزبية أكثر تمذهباً ومنافحة عما تعتقد أنه"مقدسها الأيديولوجي""وكل ذلك تحت مزاعم معاداتها ومقاومتها وممانعتها للمشاريع الإمبريالية والصهيونية"أما تلك الرجعية فحدّث ولا حرج، حيث التنافس الإقليمي والاصطفافات الإقليمية ? الدولية تأخذ مداها الواسع في الصراع المحتدم حول سورية وحول البرنامج النووي الإيراني.
فأي عيب سياسي أو أخلاقي في أن يصطف اليسار أو بعض مدّعي اليسارية، إلى جانب المبادئ والقيم التي لم تلوثها المصالح غير المبدئية وغير المتبادلة أصلاً؟ وأي تمذهب هذا الذي يجعل يسارياً يصطف إلى جانب عصبوية التمذهب الطوائفي، ومن ثم السياسوي في مواجهة تمذهب طوائفي وسياسوي آخر، حيث الاثنان في تشكيلهما الكثير من المخاطر القاتلة على مجتمعاتنا سواء بسواء"فالاثنان منتوجان معاديان للحداثة والمعاصرة، ومعاديان للديموقراطية والتعددية ولدستور مدني"تصان من خلاله كل حقوق المواطنة للمواطنين، الذين لا فضل لأحدهم أو لجماعة منهم على أحد، أو على جماعة أخرى؟
أي بؤس يتردى في مستنقعاته يسار عربي أو بعض هذا اليسار، غير القادر على تغيير جلده، في الوقت الذي ينبغي أن يصيب التغيير الكثير من مضامين أفكاره، في ضوء الواقع المعاش، لا وفق بعض نظريات أثبت الواقع، لا سيما في بلادنا، عدم صحتها، ومنها في شكل ما فكرته عن السلطة، حيث هذه الأخيرة ليست منحة أو منّة من أحد، لا سيما حين نكون أمام انتفاضة شعب وثورته ضد المتسلطين ممن يشابهون المحتلين، الذين جعلوا من السلطة أداتهم الاستعبادية والاستملاكية للهيمنة على شعبهم وعلى مقدراته وكل شؤونه.
وفي سياق عملية التغيير التاريخية الجارية راهناً، ينبغي توفير ووضع كل الطاقات من أجل قطع الطريق على القوى الرجعية والمتخلفة من تصدر واجهة الانتفاضة وثورة الشعب التواقة إلى تغيير جذري حقيقي بقيادة جذرية حقيقية"لا الخضوع لقيادة تتشكل من قوى الثورة المضادة التي استولت على ثمار وإنجازات ما صنعته قوى الثورة الحقيقية من شبان"الربيع العربي"وشاباته، وتلك هي المهمة المركزية لقوى اليسار، لا الوقوع في براثن وتحت تأثير مخدر العداء للامبريالية، ولفظيات الحماسة والممانعة، تلك التي قادت وتقود بعض اليسار الى وضع نفسه في خدمة قوى سلطوية قوموية أو إسلاموية، هي بطبيعتها وطبعها، أكثر استبداداً وطغيانية من استبداد وطغيانية تلك الهياكل الستالينية، أو ما كان يوماً قرين ديكتاتورية البروليتاريا، وإذ بها ديكتاتورية النخبة الحزبية الضيقة التي أضاعت الحزب والدولة، وها هي قوى النظام السلطوي العربي تضيّع الدولة ومعها الوطن وقضايا هذا الوطن على مذبح استمساكها بالسلطة واستقلالها للاحتفاظ بها، على حساب الدولة والوطن والمجتمع بالطبع.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.