قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في مؤتمر في يالطا جنوباوكرانيا أمس إن نظام الرئيس السوري بشار الاسد يقترب من"نهايته الحتمية"، محذراً من"اشتعال المنطقة". وقال اردوغان ان"نظام الاسد يقترب من نهايته الحتمية"، كما شدد على"ضرورة أن تجري عملية الانتقال بأسرع ما يمكن". وأضاف في خطاب امام مؤتمر يالطا للاستراتيجية الاوروبية"علينا ان نقول لا لهذه المأساة والا نسمح لالسنة اللهب بالانتقال إلى المنطقة بأكملها"، مشيراً بذلك الى"الازمة الانسانية"في البلاد. وأكد رئيس الوزراء التركي ان"الوضع في سورية ليس ناجماً عن قوى خارجية بل عن رد فعل الشعب السوري الذي تراكم منذ سنوات"كما حدث في ليبيا ومصر. وتابع:"لكن هذا النظام لا يفكر في الديموقراطية انه نظام ديكتاتوري"، مضيفاً انه لا توجد سلطة قادرة على وقف هذا الاحتجاج الشعبي. وقال اردوغان ان"الهدف الوحيد للاسرة الدولية هو العمل على جعل سورية ديموقراطية في اطار احترام سلامة ووحدة اراضيها". وأكد اردوغان استعداد بلاده لتقديم الدعم للشعب السوري، وضمناً من خلال استقبال اللاجئين على أراضيها. وذكر ايضاً ان انقرة تعمل بالتنسيق مع المعارضة السورية والمجتمع الدولي على اقامة نظام ديموقراطي في سورية في أسرع وقت، مشدداً ان"هدفنا الوحيد هو تحقيق الديموقراطية في سورية". وفي تقويمه لموقف كل من روسيا والصين من الملف السوري، أشار اردوغان الى الدور الكبير الذي يلعبه مجلس الامن الدولي ولا سيما روسيا والصين في ايجاد مخرج من الازمة، وأضاف ان على موسكو وبكين"ان تدركا حجم المسؤولية التي تأخذانها على عاتقيهما". وتأتي تصريحات اردوغان فيما تواجه تركيا ضغوطاً متزايدة جراء تضاعف معدلات اللاجئين على أراضيها، والصعوبات الاقتصادية واللوجستية لإيوائهم. وفيما شددت تركيا اجراءاتها خلال الايام الماضية من اجل الحد من عمليات الفرار غير الشرعي اليها، إلا ان السوريين الذين يفرون من اعمال العنف في حلب وغيرها من المناطق الحدودية يلعبون بشكل متزايد لعبة"القط والفأر"مع السلطات التركية بين اشجار الزيتون والاسلاك الشائكة على الحدود. الموقف التركي واضح مبدئياً: لا يسمح بدخول البلاد الا للسوريين المزودين بجواز سفر. ففيما كان الحصول على وثيقة سفر سهلاً قبل اندلاع الازمة بات الامر اليوم شبه مستحيل لكثير من السوريين العالقين وسط المعارك. بالنسبة للآخرين تمت اقامة خيم في الجهة التركية. لكن المخيمات امتلأت وتنتظر تجهيز مخيمات اضافية قيد البناء، فيما اغلقت المعابر الحدودية بين البلدين. لكن مئات الاشخاص يعبرون الحدود يومياً ولا سيما عبر الالتفاف على نقطة العبور أعزاز للدخول الى تركيا عبر مدينة كيليس الصغيرة. في بستان زيتون يطل على اسلاك شائكة ارتفع علم الثوار السوريين فوق خيمة كبيرة، تشكل نقطة تجمع الساعين الى عبور الحدود سراً. وأبو محمود الذي يمثل الجيش السوري الحر هو الآمر الناهي في المكان. كما انه هو من يطمئن ويشجع وينصح ويوجه العائلات التي غالباً ما تكون منهكة عند وصولها في سيارات مكتظة وشاحنات صغيرة تحمل اكثر من قدرتها من الامتعة. وقال ل"فرانس برس":"هناك جنود اتراك لكنهم قلائل. الثقوب في السياج لا تعد ولا تحصى". وتابع:"يكفي تضليلهم عبر ارسال احد شبابنا ليعبر بشكل مكشوف. عند توقيفه تعبر عائلات بأسرها من نقطة ابعد بقليل". وتحذر لافتات مثلثة صغيرة حمراء اللون من وجود الغام. وعلق المسؤول"لا مشكلة... نعلم جميع مواقعها". وصلت عائلة محمد ابو علي في ثلاث سيارات كورية الصنع وشاحنة نقل محملة بالامتعة، وهي تتألف من 25 شخصاً من بينهم حوالى عشرة اطفال بدأوا يلعبون تحت الاشجار. وقال رب العائلة"نحن من الباب. حصلت عدة غارات جوية والنساء مرتعبات". في المقاعد الخلفية جلست اربع نساء يرتدين الاسود ولم يجرؤن الترجل. وتابع:"نخاف من عودة الطائرات، والمدارس مغلقة. والدي مريض وسبق ان نقل الى المستشفى في تركيا. سنذهب لموافاته". ودار الموكب على عقبه ولحق بشاب على دراجة نارية. في بستان الزيتون ادى العبور المتكرر لدراجات نارية صغيرة صينية الصنع الى تصاعد الغبار الاحمر. هؤلاء هم الكشافة الذين يمهدون للمهرب الاكبر الذي يعبر الحقول بسرعة وراء مقود سيارته من طراز كيا التي لا تحمل رقم تسجيل واضعاً هاتفه دوماً على اذنه. ورداً على سؤال ان كان وجود الجيش على الطريق التي تمتد الى جانب الاسلاك الشائكة يشكل مشكلة له، تبدو على وجه المهرب اباً عن جد ابتسامة عريضة. وقال"انك تمزح ... نحن كثر وهم لا يقبضون الا على من نريدهم ان يقبضوا عليه". وجلس شاب يعتمر قبعة سوداء ويحمل حقيبة رياضية صغيرة في انتظار وقت عبوره. وقال"عبرت عدة مرات في الاتجاهين". وأضاف:"الامر يعتمد في الحقيقة على الضابط التركي. ان كان علوياً فعليهم بالديبلوماسية، وان كان سنياً يصبح الامر اسهل". وتابع:"عندما يسلمون المسؤوليات يعرف الجميع اسم القائد الجديد في غضون دقائق على طول الحدود...". فجأة تعلو اصوات طلقات نارية. ثلاث رصاصات ثم اربع. انه ابو محمود، يطلق النار من بندقيته الكلاشنيكوف جالساً امام طعامه في ظل شجرة زيتون معمرة. عندئذ يتراجع جنديان تركيان ويتناقشان بحدة مع ثلاثة رجال حاولوا رفع السياج، ويصوبان بندقيتيهما. اقترب احد الثوار ورشاشه على الكتف ليهدئ من حدة الجميع، ثم غادر السوريون الثلاثة الى نقطة ابعد.