ورد منذ أيام خبر صغير في عدد من الصحف الإماراتية مفاده بأن مطار هيثرو البريطاني يستسلم أمام مطار دبي. الخبر بعنوانه ومضمونه لافت، خصوصاً في إشارته إلى أن مطار دبي سيصبح في السنوات الأربع المقبلة، من اكثر المطارات ازدحاماً في العالم، متفوقاً على مطار هيثرو مع ما يقارب 80 مليون مسافر دولي سنوياً، ويتوقع أن تصل قدرته الاستيعابية إلى 98.5 مليون مسافر بحلول عام 2020، أي ضعف ما كان عليه في 2010. فما الذي يعنيه أن يصبح مطار دبي الأول عالمياً لناحية القدرة الاستيعابية بعدما حل في المركز الثاني بعد مطار هيثرو، في قائمة أكثر 30 مطاراً عالمياً ازدحاماً بالركاب الدوليين خلال الربع الأول من العام الحالي، بحسب بيانات نشرها مجلس المطارات العالمي الأسبوع الماضي، حيث تعامل المطار مع أكثر من 14 مليون مسافر دولي من كانون الثاني يناير حتى آذار مارس الماضيين؟ إن هذا التصنيف ليس تصنيفاً لتعداد الآتين والمغادرين وحسب، بقدر ما هو تصنيف لمعايير عدة يتوجب توافرها في المطار مثل جودة الخدمة والتسهيلات والعناية بالزبائن، وسهولة إنهاء إجراءات السفر والصعود إلى الطائرات وغيرها من المعايير ذات الصلة التي تحسن قطاع خدمات المسافرين. كما أن تصنيف مطار دبي أولاً عالمياً هو تصنيف جديد لاقتصادات كل من دبي وبريطانيا، خصوصاً أن مساهمة المطار والقطاعات ذات الصلة في الناتج المحلي الإجمالي لدبي هي بين 20 و25 في المئة، والرقم بالطبع مرشح للارتفاع متى احتل مطار دبي الصدارة بين مطارات العالم، في مقابل تخلي الاقتصاد البريطاني عن 1.9 بليون دولار في السنة، إذا عارض الائتلاف البريطاني الحاكم إنشاء مدرج ثالث من شأنه أن يزيد السعة الاستيعابية للمطار، ولتتحول منافسة المطار الأشهر خلال العقود الماضية إلى منافس أوروبي وحسب حيث ستصبح منافسته الرئيسية على نطاق أوروبا مع فرانكفورت وباريس وأمستردام. هذا التصنيف الجديد إن صدق، دليل على أن النتائج الإيجابية لرؤية دبي الاستثمارية، بدأت تؤتي ثمارها لناحية التوجه نحو قطاع النقل والخدمات الذي يحتاج إلى أكثر من التميز ليدخل في عالم المنافسة العالمي، ولعل برنامج التطوير الذي اطلق عام 1997 كان واضح الأهداف ولم يكن ليرضى بأقل من الدرجة الأولى على صعيد الخدمات والتوسع والقدرة الاستيعابية، نظراً إلى العائدات الكبيرة التي سيوفرها هذا التصنيف لدولة الإمارات عموماً. من جهة أخرى، ساهم سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والسياحية في أكثر من بلد عربي، في تحول الوجهات نحو دبي. كما أن الإمارة، التي لم تعتد زحمة الوافدين إليها صيفاً، هي اليوم تعج بالزوار من كل حدب وصوب، وهي تقدم خدماتها بأعلى المستويات المعهودة، والتي تشمل حركة الوافدين في المطار، كما أن ميزات الرحلات الليلية غير المتوافرة في الكثير من مطارات العالم الكبرى جعلت من مطار الإمارة عامل جذب إضافي للزوار. إن مطار هيثرو يعمل حالياً ب99.3 في المئة من قدرته الاستيعابية، ولن تتحسن أحواله إلا بإنشاء مدرج ثالث من شأنه أن يزيد السعة الاستيعابية للمطار، في حين تستعد دبي لزيادة استثماراتها في قطاع المطارات لتدشن مطار آل مكتوم الدولي، ليكون أكبر مطارات العالم من حيث نقل الركاب والبضائع عام 2027. فهل سيتخلى هيثرو عن عرشه بكل سهولة لمطار دبي؟ الأرجح أن المطار اللندني سيفتش عن عناصر جذب جديدة بهدف المحافظة على مكانته التاريخية، التي يبدو أنها ستتغير قريباً. وإلى حين معرفة الجواب وهدوء ميزان المنافسة بين عمالقة المطارات في العالم، تستمر المنافسة على تقديم الخدمة الأفضل والأسرع، على أنها التحدي الحقيقي أمام المطارات الكبرى لخدمة ملايين الوافدين إليها. * مدير أول للعلاقات العامة في"شركة صحارى للاستشارات الإعلامية"