للمرة الأولى منذ اندلاع"ثورة 25 يناير"، تزور قوات من الحرس الجمهوري ميدان التحرير وسط ترحيب الثوار ومن دون أي غضاضة بين الطرفين، إذ أن هذه القوات هذه المرة لم تأت"معادية"ولكنها أتت لتأمين الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي الذي ألقى خطبة أمس من الميدان قبل أن يقسم اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا صباح اليوم. وطالما ظلت العلاقة بين الثوار وقوات الحرس الجمهوري على المحك في ظل نظرة كثيرين إلى هذه القوات على أنها المسؤولة الأولى عن تأمين الرئيس السابق حسني مبارك، حتى أن وجودها في الشارع بعد"جمعة الغضب"في 28 كانون الثاني يناير 2011 بعد انهيار جهاز الشرطة كان مشوباً بالحذر خصوصاً بعد الاعتداء على آلية تابعة لها أمام مقر التلفزيون المصري ماسبيرو، ما استدعى تدخلاً من الجيش لتأكيد أن قوات الحرس الجمهوري جزء من الجيش المصري في محاولة لمنع أي احتكاكات بينها وبين الحشود الغاضبة. وظل"الحرس الجمهوري"طوال الشهور الماضية غائباً عن المشهد تماماً في انتظار الرئيس الجديد الذي ترتبط مهمة هذه القوات بوجوده لأنها مكلفة أساساً تأمين رئيس الدولة ومقراته وكذلك تأمين أسرته ومقار إقامتهم. وبدا أن رغبة الرئيس المنتخب الوجود وسط الحشود سيرهق هذه القوات في الفترة المقبلة، إذ اعتاد الرئيس المخلوع حسني مبارك الوجود في أماكن مؤمنة تماماً لا يتواجد في نطاقها أي"غريب"كي لا يحدث أي طارئ يشكّل خطراً على حياته، أما خلفه الدكتور محمد مرسي فبدا مختلفاً، إذ لم يختر أن يتواجد في الشارع فقط بل في قلب الحشود ما يستدعي إجراءات تأمينية أدق تقتضي التحسب لأي مواقف خطرة قد تطرأ على محيط وجود الرئيس، وهو ما ظهر أمس أثناء تأديته صلاة الجمعة في الجامع الأزهر. وزار أفراد من الحرس الجمهوري ميدان التحرير فجر الجمعة لمعاينة المنصة التي سيلقي منها خطابه أمام مئات الآلاف من الجماهير التي احتشدت من مختلف المحافظات لحضور هذا الحدث التاريخي. والتف عشرات الشباب حول المنصة، وهي الأكبر التي يستضيفها ميدان التحرير منذ اندلاع الثورة، لتأمينها ومنع وصول أي من المتظاهرين إليها بعد أن زينوها بأعلام مصر ولافتات كُتب عليها"ايد واحدة"و"كلنا ايد واحدة من أجل مصر"و"قوتنا في وحدتنا"، وهو شعار حملة مرسي الانتخابية. كما وضعت لافتات كبيرة ترفض الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري وحجز لنفسه بموجبه صلاحيات واسعة على حساب الرئيس المنتخب، وكذلك لافتة كبيرة ترفض قرار حل البرلمان. وبدا أن"منصة الرئيس"وخطبته سببتا مصالحة بين الثوار وقوات الحرس الجمهوري التي التقط المواطنون صوراً لسيارتها وآلياتها وضباطها الذين تمركزوا عند أطراف الميدان. كما جرى تنسيق مع شباب الثورة لتأمين وجود الرئيس المنتخب على المنصة وفي الميدان بعد أن تأكدت قوات الحرس الجمهوري من سلامة المنصة واختبرت سلامتها وكيفية صعود ونزول الرئيس من عليها. ولوحظ أن الأمر استقر على دخول الرئيس للمنصة من شارع محمد محمود القريب من المنصة التي نصبت بجوار الجامعة الأميركية، وهو الشارع الذي شهد اشتباكات دامية بين قوات الشرطة والمتظاهرين في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، إذ أغلق المتظاهرون كل مداخل الشوارع الجانبية المؤدية إليه قبل وصول مرسي إلى الميدان بساعات.