رفضت دمشق الالتزام بالمهلة المحددة لوقف اطلاق النار وسحب الجيش من المدن وربطت خطواتها في هذا الاتجاه بوصول مراقبين دوليين مشددة على حقها في أن يكون لها"رأي في اختيار الدول التي يأتون منها". فيما اعتبرت موسكو ارسال المراقبين"مطلباً ملحاً"لانجاح مهمة المبعوث الأممي ? العربي كوفي أنان ودعت دمشق إلى القيام بخطوات"أكثر نشاطاً وحزماً"لتطبيق خطة التهدئة، لكنها جددت في الوقت ذاته، رفضها"لغة الانذارات والتهديدات"ضد دمشق. وأجرى وزير الخارجية السوري وليد المعلم محادثات في موسكو أمس، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف وصفها بأنها"بناءة"وقال إن"وجهات نظرنا متقاربة في شأن سبل انجاح مهمة أنان". وبدأ المعلم حديثه في المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزيران في ختام لقائهما بالتأكيد على أن السلطات الورية"بدأت بخطوات عملية لاظهار حسن النية تجاه خطة أنان"، موضحاً أن دمشق سحبت وحدات تابعة للجيش من بعض المحافظات تنفيذاً للبند س من الخطة. وقال إن دمشق استقبلت رئيس منظمة الصليب الأحمر الدولي وتم التفاهم بشأن ايصال المساعدات إلى المحتاجين بالتعاون مع الهلال الاحمر السوري، كما تم الافراج عن عدد من المعتقلين بعد"اعمال شغب"قاموا بها. وأضاف أنه"رغم هذه الخطوات الايجابية إلا أن المجموعات الارهابية المسلحة تصاعد عملياتها وتزيد انتشارها في محافظات اخرى". وشدد المعلم على أن من مصلحة الحكومة السورية التوصل الى وقف دائم للعنف من اي طرف لكنه اعتبر أن ذلك لا يمكن تحقيقه من دون وصول مراقبين دوليين، موضحاً أنه"بعد تجربتنا مع المراقبين العرب، نحرص على أن يكون أي وقف للعنف مرتبط بوجود بعثة مراقبين دوليين لاعطاء تقرير نزيه عن قيام اي طرف بخرق الاتفاق". ووضع المعلم شرطاً اضافياً لوقف اطلاق النار عندما شدد على أهمية أن يكون لسورية"رأي في اختيار الدول التي سيأتي منها المراقبون وان يعملوا في اطار احترام السيادة الوطنية". وقال الوزير السوري انه طلب من أنان ان يتصل ب"الجماعات المسلحة والدول الداعمة لها"، مشدداً على أن"وقف النار يجب ان يكون متزامناً مع وصول بعثة المراقبين". وكرر ترحيب القيادة السورية باستعداد موسكو لاستضافة مؤتمر تحضيري للحوار الوطني، وزاد أن"الحكومة جاهزة للحوار عندما تعلن المعارضة بأطيافها المختلفة قبولها الحوار وخطة أنان". وأعلن عن ترحيب بلاده"سلفاً"باقتراح موسكو ارسال مراقبين روس ضمن البعثة الدولية. وحمل المعلم بعنف على وسائل إعلام وصفها بأنها"تعمل أجندات سياسية معادية لسورية"، وقال إن بينها سبعين محطة تلفزيونية ووسيلة إعلام مختلفة، وأشاد في المقابل ب"مهنية وسائل الإعلام الروسي التي تقدم الحدث السوري بموضوعية"مشيراً إلى أن سورية مفتوحة أمام رجال الإعلام الروس. ورداً على سؤال حول الضمانات المكتوبة التي طلبتها دمش لوقف اطلاق النار قال المعلم إن بلاده"لم تطلب من أنان ضمانات من الجماعات الإرهابية بل طلبت رسالة من المبعوث الدولي تتضمن نتاج اتصالاته مع المعارضة والدول الداعمة لها". وحمل بقوة على تركيا معتبراً أنها"غدت جزءاً من المشكلة وهي غدت ملجأ للارهابيين وتساعد على تدريبهم وعلى تهريب الأسلحة والمقاتلين عبر الحدود". كما قال انه"على تركيا اعلان الالتزام بخطة أنان التي تحترم سيادة سورية على أراضيها". وبرغم أن أوساطاً في موسكو كانت توقعت أن يأت المعلم بلغة أكثر مرونة، إلا ان موقف الوزير السوري وإعلانه من موسكو رفض تطبيق خطة أنان ما لم يتم الإلتزام بشروط دمشق حولها قوبل بتأييد من جانب لافروف الذي أكد على أن مطلب ارسال المراقبين كشرط لوقف اطلاق النار"ملح وضروري لتنفيذ الخطة عملياً". وأوضح لافروف أن مجموعة الخبراء التقنيين الأممين عملت في دمشق ونسقت، كما جاء في قرار مجلس الأمن، تفاصيل آلية المراقبة مع السلطات السورية، بمثابة خطوة أولى، وتم الحديث عن تشكيل مجموعة صغيرة من المراقبين العاملين في مرتفعات الجولان يمكن ان تصل سورية في أقرب وقت. وأضاف أن الاممالمتحدة أرسلت إلى روسيا وغيرها من الدول طلب الموافقة على نقل الكوادر الروسية المتواجدة في مرتفعات الجولان إلى بعثة المراقبين الأممية، مؤكداً ان موسكو وافقت وتأمل في أن تحذو الدول الأخرى حذوها. كما لفت الى جمود العلاقة بين الحكومة السورية والخبراء الأممين، موضحاً أنه سيتحدث مع أنان حول هذه النقطة ويطرح عليه استئناف هذا العمل بأسرع ما يمكن. وأضاف لافروف أن روسيا دعت إلى وقف العنف وترك مسألة تقرير المصير للسوريين أنفسهم وحل القضايا الداخلية من خلال الحوار الشامل من دون تدخل خارجي. وأوضح لافروف ان محادثاته مع المعلم تطرقت إلى مسألة تنفيذ دمشق لخطة البنود الستة و"أعطى الجانب السوري تأكيدات بالتزام السلطات بالخطة وبدء تنفيذ البند المتعلق بوضع الجيش في المدن". وحض الوزير الروسي دمشق على أن يكون تعاطيها مع خطة أنان"أكثر نشاطاً وحزماً"لكنه شدد في الوقت ذاته على أن موسكو"لا يمكن أن تتجاهل واقع أن اقتراح أنان لم يحظ بموافقة أكثرية المجموعات المعارضة وبينها المجلس الوطني". ودعا من وصفهم أنهم"شركاء المجلس الوطني السوري على الساحة الدولية"إلى ممارسة نفوذهم للتأثير على المعارضة السورية بدلاً من توجيه مطالب لموسكو وبكين. وانتقد أطرافاً اقليمية ودولية قال إنها حكمت على خطة أنان بالفشل قبل أن يبدأ العمل. وشدد الوزير الروسي على أن مجلس الأمن لم يطلب من السلطات السورية وقف اطلاق النار بل"دعا كل الأطراف بما فيها الحكومة لوقف العنف"وخلافاً لتصريحات أطلقها أنان حول تحديد موعد العاشر من نيسان ابريل لانجاز سحب الجيش السوري من المدن قال لافروف إن هذا الموعد"لبداية سحب القوات والعتاد الثقيل"، مجدداً التأكيد على ضرورة"التزام كل الاطراف وقف العنف". وزاد لافروف انه في حال عدم الاستجابة لخطة انان فإن مجلس الأمن سوف يعود لمناقشة"الخطوات اللاحقة من دون تهدادات ولا انذارات". كما شدد على أن روسيا تعمل بصورة شبه يومية مع الحكومة السورية، لكنه أكد"عدم وجود أية اجندة خفية لروسيا"، وزاد"نتمنى الهدوء والازدهار والسلام للشعب السوري"، وأعرب عن امله في أن تتعامل الأطراف الدولية مع الوضع في سورية من منطلق مصالح الشعب السوري ومن دون أي خطط جيوسياسية أو مصالح ذاتية. وأشار لافروف إلى أن الصليب الاحمر الدولي يعمل في سورية ويتعاون مع الهلال الاحمر السوري ويقوم بمهماته في جميع المناطق السورية التي تشهد توتراً. وقال ان هذا التوجه غير المسيس يساعد بالفعل على تخفيف المواجهات الداخلية. وتطرق بدوره إلى عمل وسائل الاعلام التي تغطي الاحداث في سورية. وأشار الى وجود 100 الف مواطن روسي في سورية،"يتواصلون مع السفارة والمعلومات التي يتم الحصول عليها عن طريقهم تدل إلى عدم سلمية من يواجهون السلطات"، وقال إنه يكفي كدليل"تفكيك عشرات العبوات الناسفة في حمص والعثور على مستودعات للسلاح في مدن غيرها". وشدد على اهمية معرفة الجهة التي"تقف وراء التفجيرات الارهابية في دمشق وحلب وغيرهما". وأضاف لافروف أن نظيره التركي أحمد داود أغلو أكد خلال حديث هاتفي أجراه معه"أن تركيا لن تقوم بأي خطوات أحادية الجانب على الأراضي السورية ونحن سنصدق ذلك"في إشارة إلى حديث عن نيات تركية بفرض منطقة عازلة داخل الاراضي السورية اذا فشلت خطة أنان، وهو أمر علق عليه المعلم بالتأكيد على"حق سورية بالدفاع عن سيادتها ضد أي تدخل خارجي". اللافت أن محادثات لافروف ? المعلم تزامنت مع اعلان مصدر عسكري روسي ان سفينة تابعة لاسطول البحر الاسود الروسي غادرت الاثنين ميناء طرطوس السوري لتواصل مهمتها في البحر الابيض المتوسط. على أن تعود إليه مرة اخرى اوائل شهر مايو ايار المقبل. وكانت هذه السفينة وصلت الميناء السوري قبل أسبوع ولاحظ خبراء عسكريون زيادة في نشاط السفن الروسية التي تزور الشواطئ السورية مرة واحدة على الأقل شهرياً. +