تستضيف العاصمة البريطانية اليوم الخميس مؤتمراً دولياً ضخماً يُتوقع أن يُعلن مساعدات عاجلة للحكومة الصومالية الانتقالية لتأمين المناطق التي تستعيدها من أيدي مقاتلي"حركة الشباب المجاهدين"التي تقود تمرداً ضد إدارة الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد المدعوم من آلاف الجنود من قوات السلام الافريقية. وعشية بدء المؤتمر، بدا أن"حركة الشباب"مُنيت بنكسة ميدانية جديدة بعدما فقدت السيطرة على مدينة بيداوة الاستراتيجية التي دخلتها القوات الإثيوبية. وقال شهود لوسائل إعلام عالمية مختلفة إن القوات الإثيوبية دخلت بيداوة مدعومة بقوات الحكومة الانتقالية الصومالية. وتقع المدينة على بعد نحو 250 كلم شمال غربي مقديشو، وكانت خاضع لسيطرة محكمة من"الشباب". وفي حين ذكرت"فرانس برس"إن الجنود الإثيوبيين والصوماليين دخلوا بيداوة من جهة الغرب، نقلت محطة"هيئة الإذاعة البريطانية"عن شهود أن 50 آلية، بينها نحو 20 دبابة، دخلت المدينة الاستراتيجية. وقال مراسل المحطة البريطانية في مقديشو إن بيداوة تُعتبر ثاني أهم مدينة كانت تحت سيطرة"الشباب"بعد ميناء كيسمايو في الجنوب. وأكدت"حركة الشباب"التي أعلنت أخيراً اندماجها بتنظيم"القاعدة"، أنها سحبت مقاتليها من بيداوة، وأنها ستبدأ حرب عصابات رداً على الهجوم الإثيوبي. وتمثّل بيداوة خسارة مهمة ل"الشباب"لأن المدينة تقع على خط رئيسي يربط مقديشو بالجنوب الغربي من البلاد، كما أن الطرقات إلى أجزاء من كينيا وإثيوبيا تمر في بيداوة نفسها. وبيداوة أيضاً طريق رئيسية لنقل البضائع إلى مقديشو ومدن أخرى. وكانت المدينة مقراً للبرلمان الانتقالي الصومالي من 2006 الى 2009 عندما سقطت في يد"الشباب". وتقدمت القوات الإثيوبية إلى بيداوة بعد دخولها بلدة بردال التي تبعد 50 كلم عنها. ونقلت"فرانس برس"عن المسؤول في الحكومة الانتقالية الصومالية محمد ابراهيم حبساد الذي كان زعيم"ميليشيا الروحانيين"المحلية وأصبح نائباً، إن"القوات الإثيوبية التي تساعدنا سيطرت على بردال وسنواصل الزحف حتى نسيطر على بيداوة قريباً جداً". وتابع أن"المتطرفين لم يقاوموا بل فروا وسنواصل مطاردتهم حتى استئصالهم". وأفاد شهود في بيداوة أن عائلات معظمها من أنصار"الشباب"هربت من المدينة في اتجاه افغوي التي يسيطر عليها المتمردون لكن القوات الصومالية القادمة من مقديشو تقترب منها على مسافة ثلاثين كلم جنوباً. وتراجع إسلاميو"الشباب"عن مواقعهم في مقديشو لكنهم ما زالوا يسيطرون على معظم مناطق جنوب البلاد ووسطها. وباتوا يخضعون لضغط عسكري من قوة السلام الافريقية والجيشين الكيني والاثيوبي في جنوب البلاد ووسطها المحرومة من حكومة فعلية وتعاني من حرب أهلية منذ عشرين سنة. وجاء ذلك في وقت أقر مجلس الأمن توسيع قوة"أميصوم"لحفظ السلام في الصومال، ورفع عديدها إلى نحو 81 ألف جندي، في قرار وصفه ديبلوماسي غربي رفيع بأنه يهدف إلى"هزيمة حركة الشباب عسكرياً". وأكد السفير البريطاني مارك ليال غرانت بعد تبني القرار، أن"أي دولة لم تحتج على استخدام القوة في الصومال بتكليف من مجلس الأمن"، بما فيها روسيا والصين. وتبنى المجلس قرار تعزيز"أميصوم"بالإجماع أمس، وطلب من الاتحاد الأفريقي والجهات المانحة"تزويد القوة بالتجهيزات اللازمة وتقديم الدعم المالي واللوجستي الضروري لعملها". وشدد القرار على"أهمية الاستقرار في مناطق عمل أميصوم وقوات الأمن الصومالية إلى التعاون معها وتعزيز المصالحة وحكم القانون". ودعا الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي الى العمل معاً لتطوير قوة حماية من ضمن"أميصوم"لحماية الموظفين الدوليين وموظفي الأممالمتحدة. كما شجع الدول الأفريقية على المشاركة العسكرية في أميصوم، مشدداً على أهمية دور قوة الشرطة في مقديشو. وطالب مجلس الأمن المجموعات المسلحة في الصومال باتخاذ إجراءات لضمان حماية وسلامة الموظفين الإنسانيين والسماح الكامل بوصول المساعدات الإنسانية في المناطق المحتاجة. وطالب أيضاً السلطات الصومالية باتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف تصدير الفحم من الصومال. وفسّر ديبلوماسي في مجلس الأمن الفقرة المتعلقة بالعقوبات على تصدير الفحم بأنها تهدف الى"خنق حركة الشباب اقتصادياً، باعتبار أن الفحم هو أحد موارد تمويلها الرئيسية". وفي محاولة لإخراج البلاد من الفوضى يعقد مؤتمر دولي حول الصومال الخميس في لندن. وسيشارك في المؤتمر إلى جانب المسؤولين الصوماليين ممثلو اربعين حكومة من بينهم رئيس الوزراء الاثيوبي ميليس زيناوي والرئيس الكيني مواي كيباكي الذي تشارك بلاده ايضاً عسكرياً في الهجوم على"حركة الشباب"في جنوبالصومال، ونظيره الاوغندي يويري موسيفيني الذي تساهم بلاده بأكبر عديد من الجنود في قوة السلام الافريقية في الصومال اميصوم. ويُفترض أن يكون مجلس الأمن الدولي قد صادق أمس على الزيادة في عديد تلك القوة من 9700 إلى 17731 رجلاً. وذكرت وكالة"رويترز"أن مؤتمر لندن سيطلق صندوقاً دولياً"للاستجابة السريعة"يهدف إلى المساعدة في انشاء مدارس ومستشفيات وشرطة ومحاكم في مناطق انتزعت في الآونة الأخيرة من سيطرة المتشددين. ويقول مسؤولون بريطانيون إن بريطانيا ستسهم بعشرين مليون جنيه استرليني 32 مليون دولار في"صندوق الاستقرار"وانه يتوقع ان تسهم الامارات العربية المتحدة ودول اسكندنافية أيضاً في الصندوق وهو واحد من عدد من المبادرات التي يتوقع الاتفاق عليها في المؤتمر. والفكرة هي استخدام الأموال في تعزيز مكاسب عسكرية وسياسية تم تحقيقها بصعوبة في الصومال بمشروعات تراوح بين انشاء أسواق واعادة فتح مدارس ومستشفيات وبين تأمين امدادات المياه وتمويل مفاوضات اقتسام السلطة.