ألم صريح أو مبهم في الصدر، أو حس الثقل في الصدر. اضطراب في دقات القلب. شعور بالغثيان أو رغبة في التقيؤ. تلبكات هضمية متنوع. ضيق في التنفس. عرق بارد يتصبب لا علاقة له بالجهد. شعور بالإجهاد والإعياء. إذا دهمك واحد أو أكثر من العوارض والعلامات السالفة الذكر، فليس مستبعداً أن تكون ضحية أزمة قلبية أو أنها في الطريق اليك! وفي هذه الحال عليك أن تعجل في طلب المشورة الطبية، والمهم عدم اضاعة الوقت لأن كل دقيقة لها حسابها من أجل القيام بالتصرف المناسب الذي يعطي فرصة ذهبية لتقديم العلاج المثالي الذي كثيراً ما ينقذ حياة المريض ويجنبه الوقوع في مضاعفات خطيرة. بعد تشخيص وجود الأزمة القلبية، وبعد القيام بالتدابير العلاجية اللازمة قد يمكث المريض في المستشفى فترة تطول أو تقصر وفق وضعه الصحي. وعندما يأتي موعد الخروج من المستشفى، يلوح في الأفق السؤال الآتي الذي يطرح نفسه بقوة: ماذا بعد الأزمة القلبية؟ لا شك في أن الحياة بعد التعرض للأزمة القلبية لن تكون كما كانت قبل حدوثها. هناك تساؤلات كثيرة قد يطرحها المريض على نفسه، ويلف هذه التساؤلات طابع الغضب والشعور بالمرارة بسبب ما تعرض له. هناك هواجس مستمرة غالباً ما تسيطر على المريض في الفترة الأولى التي تلي الأزمة القلبية، والخوف هو القاسم المشترك لكل هذه الهواجس. فهو يخاف من الموت. يخاف من عودة الأزمة مرة أخرى. يخاف من ممارسة الجنس. يخاف من القيام بأشياء يظن أنها تساهم في انتكاسته من جديد. من الطبيعي أن يشعر المريض بكل هذه المخاوف، خصوصاً في الفترة التي تلي مباشرة الأزمة القلبية. ولكن يمكن القول، إنه مع مرور الوقت، تتبدد هذه المخاوف ويعود المريض إلى حياته الطبيعية. إن العودة إلى الحياة العادية تتم عادة في غضون أسابيع قليلة، لكن لا بد من إجراء بعض التعديلات إن لم يكن إحداث بعض التغييرات الجذرية على نمط الحياة تتضمن خصوصاً نسف العادات السيئة عن بكرة أبيها، والشروع في بسط نفوذ العادات الحسنة التي يكون عنوانها تحسين صحة القلب والحفاظ عليه لتفادي الوقوع في مطب أزمة قلبية ثانية. على المريض الذي تعرض لأزمة قلبية أن يطبّق الخطة العلاجية التي قررها الطبيب بحذافيرها، كما عليه أن يتخذ قرارات حاسمة تتعلق بالأمور الآتية: - في ما يتعلق بالرياضة، كان المفهوم السائد قبل اكثر من قرنين هو ألا يتحرك المريض لأشهر عدة عقب تعرضه للأزمة القلبية خوفاً على حياته ولقطع الطريق أمام حدوث أزمة قلبية أخرى. لكن البحوث بينت أن هذا المفهوم خاطئ، وما هو صحيح أن يباشر المصاب ممارسة الرياضة بعد أسبوع من الإصابة بالأزمة لأنها تساهم في تحسين أداء القلب، شرط أن يكون وضع المريض مستقراً. وفي هذا المجال تنصح رابطة أطباء القلب في ألمانيا بممارسة التمارين التي تزيد من قدرة الجسم على التحمل، وبذل المجهود تدريجاً بعد أسبوع من وقوع الأزمة، وأن التدريب الطويل الأمد يكون مجدياً كثيراً في هذه الحال، وغالباً ما تظهر نتائج هذا التدريب على المرضى بعد ستة أشهر على الأقل من بدء ممارسة الأنشطة الرياضية. وطبعاً، ينصح في هذا المجال باختيار الرياضة المناسبة، مثل الجري، وركوب الدراجة، والسباحة، التي تسمح بتدريب العضلة القلبية في شكل ناجع. وفي شكل عام يستطيع المريض التحرك في جناح المرضى قبل خروجه من المستشفى، وينصح بألا يزيد نشاطه في اليومين الأولين من خروجه من البيت على ما كان عليه في المستشفى. ومن ثم يقوم بزيادة الحركة تدريجاً. وبالطبع يجب ألا يصاحب هذه النشاط الرياضي أي عوارض، مثل ألم في الصدر، أو ضيق في التنفس. وعلى المريض ألا يغفل حمل علبة حبوب النيتروغليسرين تلك التي توضع تحت اللسان في جيبه أينما كان لاستعمالها عند الضرورة. ويمنع المريض منعاً باتاً من ممارسة الرياضات العنيفة. - من ناحية الغذاء، ينصح بالتدابير الآتية: - في الفترة الحرجة للأزمة يوصى المصاب بتناول أغذية طرية سهلة المضغ والبلع والهضم وخالية من البهارات والتوابل الحارة، وتجنب الدهون والمقليات والمشروبات المنبهة والغازية والأطعمة القاسية وتلك المنتجة للغازات. والحرص على استهلاك الفواكه والخضروات الغضة الناضجة تماماً. واعتماد وجبات منخفضة الكوليسترول. - في حال حدوث مضاعفات للأزمة القلبية يعطى المصاب مع العلاج الدوائي نظاماً غذائياً محدود الصوديوم. - عقب تخطي المريض المرحلة الصحية الحرجة يجب عليه اتباع نظام غذائي أساسه مفردات حمية البحر الأبيض المتوسط التي ترتكز في المقام الأول على تناول الأطعمة النباتية مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبقول والمكسرات، واستبدال الزبدة بالدهون الصحية، مثل زيت الزيتون، واستخدام الأعشاب والبهارات بدلاً من الملح للطعام، والحد من تناول اللحوم الحمراء، وتناول السمك والدواجن على الأقل مرتين في الأسبوع، إلى جانب الفاكهة والخضروات الغنية بمضادات الأكسدة. وتعتبر المكسرات جزءاً لا يتجزأ من حمية البحر المتوسط. - إذا كانت هناك زيادة في الوزن فيجب العمل بخطى حثيثة ومدروسة من أجل بلوغ الوزن المثالي أو على الأقل الاقتراب منه قدر المستطاع. - التوقف عن التدخين بشكل قاطع، لأن الاستمرار به يعني فتح الأبواب على مصراعيها أمام التعرض لأخطار أزمة قلبية أخرى لا محالة. - تجنب الضغوط النفسية، لأنها تساهم في طرح المزيد من هورمونات الغضب التي تؤدي إلى آثار سلبية على الجسم عموماً وعلى القلب بشكل خاص. وعلى المصاب أن يتعرف جيداً على الظروف الضاغطة والعمل على تفاديها بشتى السبل. - الحذر من البرد الشديد أو الحر الشديد، وفي هذا المجال بين علماء فرنسيون أن التعرض المفاجئ لموجات البرد ربما يسفر عن أزمات قلبية بالنسبة الى مرضى القلب، وأكد باحثون فرنسيون أثناء اجتماع لأعضاء الجمعية الاوروبية لأطباء القلب فى مدينة ميونيخ في ألمانيا أن حالات الازمة القلبية زادت حينما انخفضت درجات الحرارة بحدة لتصل الى أربع درجات تحت الصفر. اما بالنسبة الى الحر الشديد فهو أيضاً يؤثر في القلب والأوعية الدموية من خلال تمدد الأوعية وبالتالي زيادة كمية الدم المتدفقة إلى القلب ما يجبر الأخير على العمل أكثر من طاقته وهذا ليس لمصلحة المصاب بأزمة قلبية، لذا يجب العمل قدر المستطاع للبقاء في ظل درجات حرارة معتدلة. - بالنسبة الى العمل، فإن استئنافه يكون وفق وضع المريض. المهم اعطاء الوقت الكافي قبل العودة إلى العمل، ففي الأزمة القلبية الحادة قد يتطلب انتظار مدة شهرين إلى ثلاثة أشهر، وفي الأزمات المتوسطة قد لا يتطلب الوضع أكثر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. على كل، يجب الحذر من الأعمال المجهدة. - في خصوص السفر في الطائرة، يجب تأخير السفر إلى أطول فترة ممكنة، ومن الحكمة إخبار شركة الطيران بالوضع لتأمين التسهيلات الممكنة للمريض. ختاماً، لا بد من كلمة حول الشعور بالكآبة الذي يطاول غالبية المصابين بالأزمات القلبية إن لم يكن جميعهم، وذلك بدرجات تختلف من مصاب إلى آخر. إن مزيج الأزمة القلبية مع الكآبة يعتبر قنبلة موقوتة كونه يزيد من خطر الوفاة بأضعاف عدة. إن تطبيق نظام غذائي صحي مع ممارسة التمارين الرياضية المستمرة المناسبة، والمساعدة الطبية وتضامن الأسرة والأصدقاء تسمح عادة بتجاوز هذه المشكلة. ليس خطراً على القلب مسألة النشاط الجنسي عند مرضى الأزمات القلبية قد تكون الشغل الشاغل لهم، وأمام هذه القضية هناك فئتان من المرضى: فئة تعيش بصمت مع القضية ويخاف أفرادها من ممارسة الجنس ظناً منهم أن هذا الأمر يعرضهم إلى أزمة قلبية جديدة. وفئة أخرى يملك أعضاؤها الجرأة ويتحدثون مع أطبائهم عن الأمر. إن الاعتقاد بأن ممارسة الجنس تشكل خطراً على حياة مرضى القلب، لا أساس له من الصحة، إنه اعتقاد يفسد على هؤلاء المرضى حياتهم الجنسية. إن الأزمات القلبية التي تحدث أثناء ممارسة الجنس نادرة للغاية، ولا تتعدى في أقصى الحالات واحداً في المئة. معظم أطباء القلب لا يتحدثون مع مرضاهم عن أنشطتهم الجنسية تاركين إياهم في حال من الحيرة وعدم الثقة وفريسة للقيل والقال، الأمر الذي يؤدي إلى أن نسبة كبيرة منهم لا تمارس الجنس لفترة طويلة. إن المرضى الذين يخافون ممارسة الجنس عقب التعرض لأزمة في القلب هم في أمسّ الحاجة إلى الطمأنينة وفي امكانهم القيام بالنشاط الجنسي الطبيعي من دون خوف. ممارسة الجنس لا تسبب إجهاداً للعضلة القلبية بعكس ما يتصوره البعض. في شكل عام، يمكن القول بأن الشخص الذي تعرض لأزمة قلبية والقادر على ممارسة نشاط بدني من دون ألم ولا ضيق في التنفس، هو شخص سليم ويستطيع ممارسة الجنس.