قال المبعوث الأميركي الذي أوفد إلى طرابلس بعد مقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز في بنغازي الشهر الماضي إن الولاياتالمتحدة ما زالت ملتزمة دعم ليبيا. وقال الديبلوماسي المخضرم لورانس بوب أمس الاثنين في أول تصريحات له منذ وصوله إلى ليبيا الأسبوع الماضي، إن الولاياتالمتحدة"ستستمر على درب"السفير ستيفنز الذي قتل إلى جانب ثلاثة أميركيين آخرين خلال الهجوم على القنصلية في بنغازي في 11 أيلول سبتمبر الماضي. وقال بوب بعد محادثات مع محمد عبدالعزيز نائب وزير الخارجية الليبي:"ما زالت الولاياتالمتحدة ملتزمة بشدة دعم تطلعات الشعب الليبي بينما يسعى إلى بناء بلد مستقر ينعم بالسيادة والرخاء الاقتصادي". وأضاف أن الولاياتالمتحدة مصرة على تقديم مرتكبي الهجوم الذي أسفر عن قتل أربعة أميركيين للعدالة. وتم استدعاء بوب من تقاعده ليتولى منصب"القائم بالأعمال"وهو المنصب الذي يمنح لديبلوماسي يمثّل بلداً ما في ظل غياب سفير. وكان تقاعد عام 2000 بعدما ظل يعمل في السلك الديبلوماسي 31 عاماً. وهو سفير سابق في تشاد ومسؤول رفيع في وزارة الخارجية لشؤون مكافحة الإرهاب. ويتحدث العربية والفرنسية. وجاءت تصريحات بوب في وقت اتهم كبار المسؤولين الديموقراطيين المرشح الجمهوري إلى البيت الأبيض بتسييس"جبان"للهجوم الدامي على القنصلية الأميركية في بنغازي لخدمة طموحاته الرئاسية. وأثار الهجوم ردود فعل سياسية تحولت إلى ملف شائك في إطار المواجهة الطاحنة بين رومني والرئيس الديموقراطي باراك أوباما من أجل تولي الرئاسة قبل 23 يوماً على انتخابات السادس من تشرين الثاني نوفمبر. وقُتل السفير ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين في هجوم مسلحين بالقنابل على المجمع الديبلوماسي الأميركي في بنغازي في 11 أيلول سبتمبر. وطرحت تساؤلات عن مستوى الأمن غير الكافي وردود إدارة أوباما المتبدلة ومستقبل الربيع العربي وتصاعد نفوذ القاعدة في شمال أفريقيا بالتزامن مع تسييس حاد ومرير للمعسكرين مع تفاقم حدة السباق إلى البيت الأبيض. وزاد نائب الرئيس جو بايدن الطين بلة في مناظرته مع مرشح رومني لمنصب نائب الرئيس بول راين ليلة الخميس عندما أجاب:"لم نطلع على الأمر"رداً على سؤال حول تجاهل مطالب بتكثيف الحماية الأمنية قبل الهجوم. وفي اليوم التالي هاجم رومني بايدن متهماً إياه بالتناقض مع شهادة أدلى بها تحت القسم مسؤولون أميركيون أكدوا أن الخارجية الأميركية رفضت تلبية مطالب أمنية قبل هجوم بنغازي. وأوضح البيت الأبيض لاحقاً أن بايدن كان يتحدث عن نفسه والرئيس فقط وليس الإدارة، موضحاً أن المطالب الأمنية الروتينية للبعثات الديبلوماسية لا تبلغ هذا المستوى من سلسلة القيادة. ولجأ مساعدو أوباما إلى برامج الأحد الحوارية الإخبارية لاتهام رومني بتسييس المأساة خلافاً لرغبة والد السفير ستيفنز الصريحة. وذكّروا المشاهدين بأن رومني واجه إدانة واسعة حتى من بعض الجمهوريين لاتهامه إدارة أوباما"بالتعاطف"مع المتطرفين أثناء التحقيق في أحداث بنغازي. وقال كبير مستشاري حملة أوباما روبرت غيبز عبر برنامج"وضع الاتحاد"على شبكة سي أن أن:"لا نحتاج إلى ديبلوماسية رد الفعل وعندما صدر أول رد لميت رومني على ما كان يحصل في ليبيا انتقده حزبه على عدم حساسيته". كما تحدث زميله المحلل الاستراتيجي ديفيد أكسلرود عبر برنامج"فوكس نيوز صنداي"مؤكداً أنه"منذ بدء القضية وقبل توضيح أي من الوقائع كان رومني يحاول استغلالها بطريقة جبانة". لكن بغض النظر عن احتجاجاتهم فإن تبدل تصريحات الإدارة الأميركية حول ما حدث في بنغازي فتح المجال أمام اتهامات مسيئة. فبعد خمسة أيام على الهجوم قالت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سوزان رايس إن المعلومات الأولية تشير إلى أن الهجوم أتى في إطار احتجاج عفوي على الفيلم المسيء للإسلام الذي أثار تظاهرات مشابهة في وقت سابق في تلك الليلة في القاهرة. وبعد 12 يوماً على تصريحات رايس أكد مكتب مدير جهاز الاستخبارات القومية أن"الهجوم الإرهابي كان منظماً ومخططاً له"، موجهاً اللوم في تصريحات الإدارة الخاطئة إلى معلومات استخبارية خاطئة. وفي 9 تشرين الأول أكتوبر تغيّرت القصة مجدداً. فقد أكدت الخارجية الأميركية في لقاء مع الصحافيين عشية جلسة استماع في الكونغرس أن الهدوء ساد الشوارع المحيطة بمبنى القنصلية قبل الهجوم، في تناقض مع الروايات السابقة التي أفادت بوجود احتجاجات. وقال السناتور الجمهوري المرموق ليندسي غراهام عبر برنامج على قناة سي بي أس:"لم يكن هناك نفر واحد حول المجمع. استغرق الهجوم المنسق أربع ساعات مع ميليشيا مرتبطة بالقاعدة". وتابع:"أعتقد أن الإدارة عرفت ذلك في غضون 24 ساعة. وبصراحة، استمرت سوزان رايس عبر شاشتكم في 16 أيلول سبتمبر وتلاها الرئيس في 18 و25 منه بالحديث عن هجوم أثاره شريط فيديو". وقال إن إدارة أوباما أخفت الحقيقة لأنها لم تكن تريد لتأكيداتها حول انحسار نفوذ القاعدة أن تبدو خاطئة إلى هذا الحد. وأضاف:"لم يتصوروا أن الإعلام سيحقق في الموضوع".