بعد اقل من 24 ساعة على اعلان فوز رجب طيب اردوغان بنصف اصوات الناخبين وإعلانه سياساته الجديده، بدأت مناقشات حادة في وسائل الاعلام حول صدقيته، في وقت لم يلتزم وعوداً مماثلة في انتخابات 7002. ولكن الوضع اليوم مختلف. فهو حاز عدداً أكبر من الاصوات اكبر. وتغير نهج المعارضة. وهذه آخر ولاية لأردوغان، ما يحمله على تليين تصرفاته وسياساته. وأردوغان اليوم أمام امتحانين مهمين، كتابة دستور جديد وحل القضية الكردية. وإذا نجح في الامتحانين هذين يدخل تاريخ تركيا من اوسع ابوابه قائداً عظيماً يضاهي اتاتورك. ولا يحمل اردوغان عبء التفكير في الترشح مرة اخرى للانتخابات، وهو ليس، تالياً، مضطراً الى المشاركة في مشاكسات سياسية والتنافس على استمالة اصوات الناخبين او حيازة تأييد شعبي. وهو اليوم اشبه برئيس اميركي في ولايته الثانية يحظى بدعم برلماني، تخفف من هم دعم اللوبيات مجموعات الضغط. وفي وسع اردوغان في سنوات حكمه الاربع المقبله أن يتصرف كرئيس للجمهورية. وتتصدر أولوياته تذليل مشكلات الدولة والنظام، وليس دعم حزبه. وتشي تصريحات زعيم المعارضة، كمال كيليجدار اوغلو، عن القضية الكردية والديموقراطية والحريات بأن التفاهم بينه وبين اردوغان على مواد الدستور ليس مستحيلاً. فرئيس الوزراء أعلن أنه سيطرق باب المعارضة للحوار على الدستور. ورحب كيليجدار اوغلو بهذا الاعلان واعتبره بداية مشجعة. والمشهد اليوم مألوف، وسبق أن انتهى الى ثبات الامور على حالها. ولكنني أرى أن مآل الامور اليوم ستكون مختلفة جراء وضع اردوغان المستجد وطموحاته الجديدة. فهو يرغب في ان يختتم حياته السياسية البرلمانية بانجاز كبير مهم يخلد هذه التجربة، وليس بسجالات سياسية جديدة تترك اثرها في الذاكرة السياسية التي دائماً ما تذكر السياسي بآخر ايامه وأعماله. ولا يسع أردوغان إرجاء انجازاته الى حين بلوغه القصر الرئاسي. فهو لا يضمن الحال التي سيكون عليها حزبه. ولكن هذا الوضع يفتح شهية المعارضة للضغط على اردوغان اكثر، وحمله على المساومة لقاء تحقيق حلمه. وأبرز"الضاغطين"المحتملين على أردوغان هو"حزب السلام والديموقراطية"الكردي الذي زاد عدد نوابه في البرلمان الى 63 نائباً، وهو رقم كبير شجع قياداته على تحدي رئيس الوزراء والقول إنهم يمثلون"حزب العمال الكردستاني"ومطالبه. وحري بالاكراد ان يتخلوا بدورهم عن حساباتهم الحزبية والايديولوجية الضيقة، ليس من اجل تحقيق حلم اردوغان الشخصي، بل من اجل اغتنام هذه الفرصه التاريخية لحل قضيتهم القومية ومن أجل الوطن. ويفترض الذكاء السياسي الاستفادة من اردوغان الجديد وأحلامه لا معاندته وتحدي رجل صوّت له واحد من كل اثنين من الشعب. * معلق، عن"مللييت"التركية، 14/6/2011، إعداد يوسف الشريف