إقامة الافطار الرمضاني لهيئة الصحفيين بمكة من أعلى إطلالة في بقاع المعمورة    أسواق    تعزيز البيئة الاستثمارية في مكة    التزام راسخ بتعزيز الأمن والاستقرار في العالم.. ولي العهد.. دبلوماسية فاعلة في حل الأزمات الدولية    بمشاركة حكومة دمشق لأول مرة.. المؤتمر الأوروبي لدعم سوريا.. ماذا يريد الطرفان؟    وسط تشديد الحصار واستمرار المساومات حول عدد الأسرى.. 2.4 مليون إنسان يقتلهم الاحتلال ببطء داخل غزة    بعد تغلبه على الأهلي في ديربي جدة.. الاتحاد يتوج بطلًا للدوري الممتاز لكرة السلة    نيابة عن خادم الحرمين وأمام ولي العهد.. السفراء المعينون حديثاً لدى عدد من الدول يؤدون القسم    اللجان الأولمبية الإفريقية تعترف بالاتحاد الدولي للهجن    انطلاق «بسطة خير» لتمكين الباعة الجائلين    "أبشر" تتيح تجديد رخصة القيادة إلكترونياً    مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يعقد اجتماعًا لمناقشة التقارير وإصدار التوصيات    «المداح.. أسطورة العهد» مسلسل جديد في الطريق    مبادرات مستمرة لحماية المستهلكين والمعتمرين.. الغذاء والدواء: رصد 52 منشأة مخالفة خلال 800 جولة تفتيشية    347 مليون ريال لمشاريع صناعية في الأحساء    823.9 ريالا فارقا سعريا بين أسعار الغرف الفندقية بالمملكة    «ستاندرد آند بورز» ترفع تصنيف المملكة وتشيد بحراكها نحو تحفيز الاستثمار    جمعية «صواب» تطلق مشروع «العزيمة» للتعافي من الإدمان بجازان    ربط حي السفارات بشبكة النقل العام عبر حافلات الرياض    ماكرون: التزام فرنسي تجاه لبنان وسيادته    هل تتعرض أمريكا للهجرة العكسية    اختصاصي شؤون طلابية: احموا المدارس من العدوى    الهجمات الأمريكية استهدفت منازل قياديين حوثيين في صنعاء    فتاوى الحوثيين تصدم اليمنيين    جبل أم القصص وبئر الصداقة!    مبابي يقود الريال لكسر عقدة فياريال    مؤسسة العنود تعقد ندوة «الأمير محمد بن فهد: المآثر والإرث»    «كسوة» تطلق سوقها الخيري الرمضاني    إطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية" بالواجهة البحرية بالدمام    انفجار العماليق الكبار    بدعم المملكة.. غينيا تحتفي بالفائزين في مسابقة القرآن    مسجد الجامع في ضباء ينضم للمرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان ضباء - واس ضمّت المرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية مسجد الجامع في مدينة ضباء بمنطقة تبوك، نظرًا لكونه أحد أقدم المساجد التاريخية ورمزًا تراثيًا في ا    مراكيز الأحياء.. أيقونة رمضانية تجذب أهالي جازان    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 1-2    وغابت الابتسامة    سفيرة المملكة في فنلندا تدشن برنامج خادم الحرمين لتوزيع التمور    الأذان.. تنوعت الأصوات فيه وتوحدت المعاني    خلافة هشام بن عبدالملك    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الأخدود    جمعية "شفيعاً" تنظّم رحلة عمرة مجانية لذوي الإعاقة والمرضى وكبار السن والفئات الاجتماعية برفقة أهاليهم    الصحة تجدد التزامها بحماية حقوق المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يستأصل ورماً كبيراً بمحجر العين بعملية منظار متقدمة    القسوة ملامح ضعف متخف    ودية تعيد نجم الاتحاد للملاعب    قائد القادسية تحت مجهر الانضباط    الأخضر يستعد للتنين بالأسماء الواعدة    «سلمان للإغاثة» يوزّع 1.390 سلة غذائية في محافظتين بالصومال    ترحيب سعودي باتفاق أذربيجان وأرمينيا    تركي بن محمد بن فهد يطلق عددًا من المبادرات الإنسانية والتنموية    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك . كلمة : بئير    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية.. فلسطين    من العقيدة إلى التجربة.. قراءة في أنسنة الدين    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    عَلَم التوحيد    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استحقاقات الفعل السياسي في تونس
نشر في الحياة يوم 09 - 02 - 2011

لا يحق لأي حزب سياسي في تونس أن يدعي أنه هو الذي أنجز حركة 14 كانون الثاني يناير 2011 التي أدت إلى سقوط الرئيس بن علي.
يبدو هذا القول صحيحاً من الناحية الواقعية التي فرضتها الأحداث وأكدها ميدان المعركة على مدى شهر من المواجهة الدامية بين النظام وشباب المدن الغاضب نتيجة البطالة والتهميش والحيف والظلم، لكن في المقابل يكون من عدم الواقعية، بل ومن التبسيط بمكان، أن يظل بعض الفاعلين السياسيين والإعلاميين، يرددون هذا القول في اتجاه تسييسه وتوظيفه المفرط في الجدل السياسي القائم.
إذ من غير الممكن أن تظل الأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدني الحاملة والطامحة للمساهمة الجدية والفاعلة في الشأن العمومي، تتفرج على عفوية الجماهير، من دون أخذ المبادرة في تأطيرها على أساس أفكار وبرامج. فلا يمكن أن تنجح الثورة التونسية وتواصل تحقيق أهدافها في ظل غياب مجتمع سياسي ومدني وأطر تدير التنوع والاختلاف الحاصل وتعمل كوسائط بين الفرد والمجتمع من جهة وبين المجتمع والدولة من جهة ثانية.
إن العفوية الجماهيرية غير المؤطرة لمرحلة ما بعد 14 كانون الثاني 2011 من الممكن أن تنفتح على احتمالات العنف والعنف المضاد في كل أشكاله المادية والرمزية، وهو أمر في غاية الخطورة لأنه يفتح الطريق أمام عودة الديكتاتورية، وبروزها من جديد ولو بحلة ديموقراطية خادعة تتيح بعض الهامش وتستولي على الهامش الأكبر من الفضاء العمومي، السياسي، والاجتماعي.
ولهذا يحتاج الخطاب السياسي في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ تونس المعاصرة إلى إعادة تجديد نفسه وأدواته، في مستوى التنظير والممارسة العملية، ومنه إلى إعادة التفكير في المنطلقات والأسس التي يجب أن تقوم عليها الدولة التونسية الجديدة في إطار مشروع مجتمعي واضح ومحدد الملامح.
وذلك حتى يتقلص وينتهي إرث الدولة المخزنية والتسلطية التي شكلت ملامحها نخب ما بعد الاستقلال، تلك الدولة التي تماهت مع الحزب الواحد واحتكرت لنفسها الفضاء العمومي وقلصت من المساحات الاجتماعية والسياسية التي كان من الممكن أن تساعد على ظهور وانبثاق الفرد المواطن وتشكيل مجتمع قوي.
لهذا فالمشروع المجتمعي الحقيقي والرئيسي لتونس ما بعد 14 كانون الثاني 2011 هو التخلص من إرث ثقافة سياسية متخلفة حتى يتسنى إعادة التأسيس من جديد لعقد اجتماعي يعيد التوازن بين الدولة والمجتمع ويدعم قيم المواطنة الفاعلة والإيجابية ويدعم إمكانات الفرد في التمكن من عدد من الرساميل الاقتصادية والثقافية والحقوقية لتكون دعامات تؤسس للرغبة في الاستقلالية، وتطوير قدرة الفعل، والتفكير والعيش، وبالتالي تدعيم حضوره في الفضاء العمومي، ليس على قاعدة الكل والوحدة وإنما على قاعدة الاختلاف والتنوع والمسؤولية، ذلك أن قوة الديموقراطية الرئيسية كما يقول عالم الاجتماع الفرنسي ألان تورين تكمن تحديداً في"إرادة المواطنين للعمل المسؤول في الحياة العامة، فالذهنية الديمقراطية تكون وعياً جماعياً بينما تقوم الأنظمة السلطوية على تماهي كل امرئ بزعيم من الزعماء أو برمز من الرموز".
نحتاج إذاً في المراحل المقبلة إلى التأسيس الجدي للذهنية الديموقراطية لا كشعار وأيديولوجيا سياسية بل كممارسة عملية نحسها ونتحسسها في التفاصيل اليومية للحياة الاجتماعية وتشعرنا أننا نعيش فعلاً في مجتمع متنوع، متعدد تتلاطم فيه العلاقات والتنازعات والتسويات والتراضيات. يمر كل هذا حتماً عبر إعادة الاعتبار للمعرفة بكل ألوانها الفلسفية والسوسيولوجية والتاريخية والفنية إذ لا ديموقراطية حقيقية حين تغيب المعرفة ويتقلص فعل التفكير النقدي ويهيمن السياسي على حساب المعرفي الذي ينمي الطاقة الإبداعية الشخصية للفرد التونسي.
بهذا المعنى يصير اليوم من غير الممكن مصادرة الفعل السياسي والمدني باسم"حماية الثورة"ذلك أن الثورات التي لا تحصن بجدل سياسي جدي ويقظة فكرية نقدية من الممكن أن تدير ظهرها للديموقراطية وتفرض وحدة لا يمكن أن تكون سوى ديكتاتورية تتجاوز تنوع المجتمع وتلغي تعدديته.
فؤاد غربالي - بريد إلكتروني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.